ناقش وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في جدة أمس قضايا أمنية وسياسية، أبرزها ظاهرة الإرهاب وعملية السلام في الشرق الأوسط والوضع في العراق وقضية الجزر الاماراتية الثلاث. وعبر المجلس الوزاري في بيان بعد الاجتماع التشاوري عن القلق الشديد من تزايد ظاهرة التطرف وأعمال العنف والإرهاب التي أصبحت تشكل هاجساً عالمياً. ودان بشدة "الأعمال الإجرامية الارهابية التي وقعت أخيراً في الرياض، والتي لم تستثن الأراضي الحرم في مكةالمكرمة والمدينة المنورة، وكذلك ما وقع في الدار البيضاء والتي ازهقت أرواح أبرياء وروعت آمنين من المواطنين والمقيمين". وجدد الوزراء وقوف مجلس التعاون إلى جانب السعودية، وتأييد دول المجلس كل الاجراءات التي تتخذها للقضاء على الارهاب وتثبيت الأمن والاستقرار. وندد المجلس الوزاري بشدة بما "تكشف من حقائق عن الممارسات المأسوية والجرائم التي ارتكبها النظام السابق في العراق، والتي اتضحت من خلال المقابر الجماعية". وحض الشعب العراقي و"سلطة الاحتلال" والأممالمتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر على تكثيف البحث لكشف مصير أسرى الكويت وغيرهم من رعايا الدول الأخرى، وحل هذه القضية بالقرارات الدولية. كما عبر عن قلقه من استمرار عدم الاستقرار في العراق، ما يهدد وحدة البلد وسلامة أراضيه، داعياً إلى معالجة الوضع هناك واعطاء الأممالمتحدة دوراً محورياً "يساهم في محاولات سلطة الاحتلال الحفاظ على الأمن والاستقرار في العراق طبقاً لمسؤولياتها وفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة". وطالب المجلس المجتمع الدولي والمنظمات الدولية بالاسراع في إعادة ما سلب من التراث التاريخي والشعبي والحضاري إلى الشعب العراقي، واستعجال تشكيل "حكومة وحدة وطنية مركزية لتمكين الشعب العراقي من إدارة شؤون بلاده بنفسه"، مرحباً بقرار مجلس الأمن الرقم 1483 القاضي برفع العقوبات عن العراق. إلى ذلك، أكد المجلس وقوفه إلى جانب الشعب الفلسطيني، ودعمه لاسترداد حقوقه المشروعة، وفي مقدمها إقامة دولته المستقلة بحلول عام 2005. وطالب إسرائيل بخطوات فاعلة وجدية "تعبر عن التزامها تنفيذ بنود خريطة الطريق وكل استحقاقاتها ومرجعياتها من دون مماطلة أو تسويف"، والتوقف عن "ممارسة الاغتيالات وسياسة العنف وهدم المنازل". ونوه بالجهود "الفاعلة" للجنة الرباعية و"الدور الشخصي للرئيس الاميركي جورج بوش في دفع عملية السلام في الشرق الأوسط، والحض على تنفيذ خريطة الطريق"، مشيراً إلى مطالبته المجتمع الدولي بالعمل لجعل منطقة الشرق الأوسط، بما فيها منطقة الخليج، خالية من كل أنواع أسلحة الدمار الشامل. وجدد المجلس الوزاري دعمه موقف دولة الامارات وحقها في الجزر الثلاث، والمياه الاقليمية، معرباً عن تطلعه إلى أن تؤدي الاتصالات المتبادلة بين الإمارات وإيران إلى "حل سلمي لهذه القضية بما يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة". وكان رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري الخليجي، وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني أكد في كلمة افتتاح اجتماع المجلس أن "المنطقة مرت وما زالت تمر بأحداث وتطورات مهمة وحساسة كان مفترضاً أن نكون مؤثرين فيها بالشكل والكيفية التي نتطلع إليها كتجمع إقليمي مهم في المنطقة". ودعا إلى بلورة موقف خليجي موحد وواضح في إطار سياسة مشتركة إيجابية الدور والتأثير. وفي المؤتمر الصحافي بعد انتهاء الاجتماع الوزاري الخليجي التشاوري كشف وزير خارجية قطر، الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، ان هناك اجراءات تتخذ بين دول المجلس الست للتنسيق الأمني بين السلطات الأمنية، مشيراً إلى ان الارهاب ظاهرة يجب محاربتها ومعالجتها في آن، لان كثيراً من الناس يخدعون ويغرر بهم. وقال: "يجب تحديد ظاهرة الارهاب في اطار دولي حتى يمكن محاربتها في شكل أوسع وأوضح". وأكد في سؤال ل"الحياة" عن مشكلة "البدون" في دول الخليج الست على انها بالفعل "مشكلة"، يجب دراستها في شكل جيد وانساني وضرورة حلها، لإن هؤلاء الناس يعني البدون، عاشوا في المنطقة ويجب دراسة موضوعهم في شكل منصف للجميع. وأوضح انه حتى الآن لا يعرف ما سيحدث في العراق ومتى سينتهى الوضع القائم، مشيراً إلى وجوب وجود للدور الخليجي في هذه الفترة، خصوصاً ان العراق جار وملاصق لدول الخليج وما يؤثر عليه يؤثر عليها. وعن الاتفاقية الأمنية بين دول المجلس الخليجي لمكافحة الارهاب أكد على اهمية الاتفاقية، مشيراً إلى ان الأهم من ذلك هو النية الصادقة في كيفية التنفيذ. ولفت إلى انها تحتاج إلى تطوير وتفعيل ومطلوب منها ان تكون في صلب العمل الخليجي المشترك. وتمنى في اجابة على سؤال آخر ل"الحياة" اتخاذ الدول الخليجية ل"قرار موحد" للتعامل مع أي حكومة انتقالية عراقية أو حكومة جديدة أياً كانت، من دون اتخاذ قرارات انفرادية كل بلد على حدة. وأكد رئيس الدورة الحالية على انه لا يحبذ مواجهة التهديد الموجه لبعض دول الخليج الا بالمنطق والعقل، داعياً إلى اعطاء فرصة المشاركة الشعبية في كل دول المجلس حتى يكون هناك قرار مبني على أسس شعبية، وهو ما فيه مصلحة المجلس وحل للكثير من الأمور.