يجري الإعداد في بغداد لإطلاق قناة فضائية خاصة مستقلة، برأس مال "سياسي" عربي وعراقي، على أن يصل عدد العاملين فيها إلى 200 صحافي وتقني عراقي، علاوة على المراسلين في الخارج بعدما صُرف النظر عن إطلاقها في لندن كما كان مقرراً. وقال السيد سعد البزاز، المعارض العراقي الذي فرّ منذ أكثر من 11 عاماً من العراق وأسس في لندن صحيفة "الزمان"، إن دراسة جدوى المشروع انتهت منذ فترة وان رخصة تأسيس محطة "الزمان تي في" الفضائية صدرت في لندن قبل سبعة شهور، وان "المحطة ستنطلق من بغداد وستبث من العراق. ولن يكون هناك أي موضوع لن نتناوله باستثناء العقائد الدينية". ويبلغ رأس مال تأسيس المحطة عشرة ملايين دولار. وقال البزاز ل"الحياة": "هناك خمسة ملايين دولار من مستثمرين خاصين، عرب وعراقيين مقيمين في الخارج، وخمسة ملايين دولار سنفتحها للاكتتاب داخل العراق". وأكد أن ليس هناك أي شريك غير عربي "حتى لا يتصور أحد أن هناك مستثمراً إسرائيلياً أو أميركياً، أو من أي جنسية أخرى غير عربية"، مشيراً إلى أنه "ليس هناك مال في التلفزيون إلا مال سياسي". وعن العلاقة بالمستثمرين قال بصراحة لم يحاول اخفاءها: "أصحاب المال السياسي بيننا وبينهم اتفاق سياسي أن نسكت حتى يتكلموا هم بأنفسهم". ويحاول البزاز الذي أصدر أربعة كتب عن العراق وكان له دور إعلامي في النظام السابق قبل أن يتخاصم معه ويفرّ إلى الأردن ثم إلى بريطانيا، تثبيت موطئ قدم له في عالم الاصدار الصحافي في العراق الجديد بعدما دمرت كل منشآت الانتاج التلفزيوني والإذاعي ودمرت مباني الصحف والمجلات التي كانت تصدر في ظل النظام السابق. وقال ل"الحياة": "أخذنا مقراً لجريدة الزمان في حي الكرادة الشرقية، وتحاشينا السطو على أي مبنى عام، لأننا نعتبر هذا الأمر معيباً، وقررنا أن ننفق فلوسنا على تملك مبنى خاص بنا، وإذا استولى غيرنا على مبانٍ عامة فهم أحرار في رأيهم". وكان اسم البزاز ارتبط لفترة طويلة منذ السبعينات بأجهزة الأمن العراقية، وكان يعتبر أحد المساعدين المقربين من برزان التكريتي الذي رأس أجهزة الاستخبارات العراقية إلى أن فقدت حظوته ابان الحرب العراقية - الإيرانية، ففقد البزاز مكانته وارسل إلى الجبهة. ثم نجح في البروز ببراعة مجدداً عندما عمل لأكثر من عام مستشاراً صحافياً لقصي صدام حسين عندما كان هذا الأخير بدأ يشق طريقه إلى الحياة العامة، ثم انتقل إلى رئاسة وكالة الأنباء العراقية وبعدها مديراً للإذاعة والتلفزيون. وانتهى به الأمر أن أصبح نائباً لنقيب الصحافيين العراقيين بعدما رغب عدي صدام حسين في الحصول على هذا اللقب. وأدى اضطهاد عدي له بعد ذلك إلى الفرار من العراق ليتحول إلى أحد الوجوه البارزة في المعارضة. وهو قدم خدمات قيّمة لقوات التحالف في مرحلة تقويم شخصيات النظام وقادته، في الشهور التي سبقت وقوع الحرب. وقال البزاز: "ثمن المبنى الذي اشتريناه مقراً للجريدة، وهو منزل ضخم مؤلف من طابقين، يصل إلى 250 ألف دولار. والجريدة هي عنوان عودتنا إلى العراق. وسنصدر مجلات معها لاحقاً هي مجلة "الزمان الجديد" و"ألف باء" الثقافية". وأشار إلى أن مشروع جريدة "الزمان" في لندن لن يتوقف، بل ستستمر طبعة لندن، وكذلك طبعة الخليج التي تطبع في البحرين، على أن تبدأ خلال الشهر الجاري طبعة الجزائر، و"هذه لن تكلفنا شيئاً لأننا لن نتحمل كلفة الطباعة هناك ضمن ترتيب أعددناه". وكانت آلاف الأعداد من الصحيفة ارسلت بانتظام يومياً من البحرين إلى مدينة البصرة ومدن الجنوب لتوزع فيها، وبدأت جريدة "الزمان" الصدور في بغداد قبل خمسة أيام. وقال البزاز: "نطبع في بغداد 30 ألف نسخة بالألوان يومياً، ونحن نأخذ 16 صفحة من لندن ونعد أربع صفحات من بغداد. ونريد قلب المعادلة قريباً، أي أن نقتصر على أربع صفحات من لندن". وأشار إلى أن عدد العاملين في الجريدة 18 موظفاً حالياً، على أن يصل العدد إلى 100 موظف قريباً. وقال إن حصته من الفضائية التي يجري البحث عن مقر لها في بغداد الآن لن تتجاوز 15 في المئة "حسب الاتفاق المبدئي مع المستثمرين". وأضاف: "ممكن ألا ادفع كل حصتي البالغة 5.1 مليون دولار نقداً. وأن يسوى الجزء غير النقدي بطريقة يقرها مجلس الإدارة". وأكد أنه سيؤسس المحطة ويختفي. قال: "سأتفرغ للعمل في السياسة. لأن المحطة ستكون محرجة لي سياسياً لو بقيت في واجهتها وتحملت المسؤولية السياسية لعملها". وأشار البزاز الذي التقى الجنرال جاي غارنر "لمرة واحدة"، على حد قوله، إلى أن عمله السياسي سينصب على "كتلة المستقلين وهي كتلة وسط تنفتح على المتخاصمين وتقلل من الغلو. وتكون قادرة على استيعاب كل الذين عاشوا في عصر صدام ولم ينتموا إليه".