لم يتوقع مسؤولو الجمارك في مركز حدود الكرامة الذي يفصل الاردن عن العراق يوماً ان يضبطوا اشياء غريبة، خصوصاً مع الصحافيين الاجانب الذين امضوا فترة وحلّوا قادمين من العراق. وفي الايام القليلة الماضية، ضبطت شهادة مدرسية تخص حلا الابنة الصغرى للرئيس العراقي السابق صدام حسين، في الفصل الدراسي الاول من الصف الثالث الاعدادي عام 1993، مخبأة مع وثائق اخرى بين امتعة احد الصحافيين الاجانب القادمين من بغداد. وكانت في اطار ذهبي، واظهر كشف علاماتها بأن أدنى معدل لها كان في اللغة العربية، اذ حصلت على خمسين من مئة. وعثر ايضاً على ابهام وزنه 8 كلغ من تمثال برونزي لصدام حسين وعلى رأس التمثال ووزنه 20 كلغ، بعدما سحبته الدبابات الاميركية من ميدان الفردوس في العاصمة العراقية في التاسع من الشهر الماضي وفي عملية استغرقت أكثر من ساعتين ونصف الساعة. ويقول ناصر الخصاونة، خبير الآثار الذي استدعي الى الحدود خصيصاً منذ اكثر من اسبوعين للكشف على اي قطع تراثية واثرية: "لم نتوقع محاولات تهريب اشياء غريبة، ولكن مع انهيار النظام العراقي يحاول الاجانب الحصول على تذكار بأي طريقة على امل ان يصبح ذا قيمة مع مرور الوقت". في الاسبوع الماضي، ضبط تمثال برونزي وزنه طن ونصف الطن لصدام وهو على حصان، وكان مع صحافي مكسيكي حاول ادخاله الى الاردن ومن ثم شحنه الى المكسيك، بحسب احد موظفي الجمارك. منذ اندلاع الحرب، شددت السطات الاردنية الرقابة على المفارز الحدودية لمنع وضبط أي محاولة تهريب لقطع تراثية واثرية ثمينة بعدما ترك موظفو الجمارك العراقيون نقاط التفتيش مع وجود فراغ امني وغياب السلطة في العراق. وقد جهزت غرف الكترونية مزودة باشعة X-Ray واشعة غاما لفحص المركبات التي تعبر الحدود. واستعين بخبراء متفجرات خوفاً من تهريب اسلحة ومواد خطرة. وكان من الصعب ان لا تلاحظ ثماني كاميرات عند "مركز الكرامة" الحدودي تمثال صدام البرونزي الذي يبلغ ارتفاعه ستة أمتار. وقال الخصاونة: "اتفقد كل يوم اربعة الى خمس قطع تراثية مهربة، بينما كنت اتوقع ان افحص اثنتين على الاكثر، لكن المفاجاة هي ان تكون هذه المواد مع الصحافيين الاجانب". وقبل اسبوعين من الحرب وضعت دائرة الجمارك والاجهزة الامنية خطة مشتركة لمكافحة التهريب سواء كان فردياً او من جانب جماعات منظمة. ولكن على رغم وجود مشكلة في تهريب القطع التراثية والاثرية التي اشتدت حدتها اثر عمليات النهب التي طاولت كل شيء حكومي في العراق، يقول مدير مكافحة التهريب محمد وريكات: "لا توجد هناك عصابات منظمة على مستوى المافيا العالمية، بل اناس استفادوا من التهريب لأغراض تجارية". وفي خلال ساعة من الزمن، صادر موظفو الجمارك صندوقاً خشبياً مزخرفاً يعتقد ان عمره حوالي مئة عام، مع اربع اواني نحاسية ضبطت مع سائق سيارة ركاب عراقي. كذلك ضبطت مجموعة طوابع لذكرى تتويج الملك فيصل الثاني الصادرة في الثاني من ايار مايو عام 1952، وقطعتين من الآجر منقوشة عليها كتابة سومرية، احداها كانت مقلدة. وبعد بقليل، أمسك موظفو الجمارك قطعة سيراميك لونها أزرق مخضر، وكانت بين مئة قطعة مخبأة في ست كراتين لتكمل مع بعضها بعضاً لوحة جدارية، وكان التخمين الاول انها تعود لكنيسة قديمة، ولكن بعد ملاحظة نقوش "الله أكبر" تبين انها تعود لواجهة معبد في كربلاء. وقال مدير الجمارك محمود قطيشات: "نرسل القطع التي نعتقد ان لها قيمة اثرية وتراثية الى دائرة الاثار العامة التي تقوم بدورها بمخاطبة العراقيين لاعادتها، ونعيد الاشياء التي لا قيمة لها الى ناقليها". لكن، ليس هناك سلوك محدد للتهريب. ولا تخضع السيارات الآتية من العراق للتفتيش في طريبيل، النقطة الحدودية العراقية. وقال وريكات: "عندما نكتشف مخبأ، يقوم المهربون بإيجاد مخبأ آخر"، واضاف: "انها تمثل تماماً لعبة القط والفأر". وفي جمرك عمان، كان هناك العديد من اللوحات الزيتية ومؤلفات كاملة لصدام منذ تسلمه الحكم في العراق عام 1979. وكانت هناك ايضاً مجسمات نحاسية لمخطوطات قرانية وصورة لصدام ممزقة يعتقد انها كانت معلقة على احدى الدوائر الحكومية. وكان هناك كرة من الكريستال وفيها صورة عدي. وفيما يعتقد المسؤولون بأن المهربين المحترفين ينتظرون الفرصة المناسبة لتهريب القطع الاثرية، قال احد موظفي الجمرك ان القطع الثمينة هربت من منافذ جوية منذ توقف الحرب في الشهر الماضي. وتباع في المزاد العلني على شبكة الانترنت عملة عراقية من فئة 250 ديناراً بأقل من دولار على موقع e-Bay ولكن لم يعرف اذا كان الصحافيون الاجانب اعتزموا بيع ما اقتنوه في المزادات العلنية عبر الانترنت قبل ان تصادر القطع التراثية منهم.