تضاءلت آمال القوى السياسية العراقية أخيراً باستعادة البلد سيادته، نتيجة للتحوّل المفاجئ الذي طرأ على السياسة الأميركية لمصلحة استمرار السلطة الأميركية - البريطانية المشتركة بدلاً من تشكيل حكومة عراقية موقتة تعمل بإشراف أميركي - بريطاني. وشعرت تلك القوى بأن واشنطن ولندن نكثتا بوعودهما، فبدأت تعلن احتجاجها على هذا التحول، وتفكر في ارسال وفود إلى الولاياتالمتحدة وبريطانيا لإجراء اتصالات بهدف الحصول على موافقة لإجراء انتخابات في أسرع وقت. حتى المؤتمر الوطني العام، الذي أعلن الحاكم المدني الأميركي للعراق بول بريمر عقده في تموز يوليو المقبل، من أجل تشكيل إدارة عراقية انتقالية، يبدو الآن أنه اقتراح ليس جدياً، إذ لم تتخذ بعد أي خطوة تشير إلى عقده، ما ساهم في دفع القوى السياسية إلى الاعتقاد بأنها فقدت فرصتها للتأثير في تطورات الوضع في العراق بعد الحرب. والتحرك الاحتجاجي لهذه القوى لم يصل بعد إلى مرحلة تضعها في صدام مباشر مع القوات الأميركية والبريطانية المنتشرة على الأراضي العراقية. مع ذلك ما زالت قيادات هذه القوى، مثل الزعيمين الكرديين جلال طالباني ومسعود بارزاني ومحمد باقر الحكيم واياد علاوي وأحمد الجلبي، تعتقد بأن قبولها أي دور تعرضه الإدارة الأميركية لن يمس شعبيتها، بل يزيد فرص صعودها إلى السلطة مستقبلاً، من دون أن يكون لدى أي منها لطبيعة هذا الدور. ويقول هوشيار زيباري مسؤول العلاقات الخارجية للحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني أن أحداً لا يقدر الآن على توجيه اللوم إلى تلك القوى بالتقصير، لأنها ليست مسؤولة عنه، فيما نقل عن بارزاني لومه المعارضة العراقية التي يرى أنها فشلت في توحيد صفوفها وأبطأت في اظهار اتساع شعبيتها، ما وفر عذراً للإدارة الأميركية للتصرف على هذا النحو، حيث تبدو بعيدة كلياً عن المعارضة، على رغم الجهود الكبيرة التي بذلتها قبل الحرب لتجميعها وتوحيد صفوفها ضد صدام. فالإدارة الأميركية أضحت مقتنعة بأن فرض سيطرتها المحكمة على العراق هو الكفيل بالحفاظ على النصر الذي حققته قواتها، وهي ماضية في هذا الاتجاه بعد نجاحها في تأمين الدعم الدولي، من خلال قرارات الأممالمتحدة ومجلس الأمن. وقرار المجلس رفع العقوبات عن العراق الأسبوع الماضي جعل عودة السيادة إلى هذا البلد هدفاً بعيد المنال، على عكس رغبة كل القوى السياسية العراقية.