كشفت وثيقة قانونية اعدها محاميان اسرائيليان في اطار التماس للمحكمة العليا الاسرائيلية يدعو الى وقف عمليات اغتيال الفلسطينيين وتصفيتهم ان الدولة العبرية نفذت ما معدّله محاولة اغتيال واحدة كل خمسة ايام منذ بدء الانتفاضة الفلسطينية في ايلول سبتمبر عام 2000. واشارت الوثيقة التي قدمها المحاميان افيغدور فيدلمان وميخائيل سفار من لجنة القانون واللجنة الاسرائيلية لمناهضة التعذيب الى ان الاجهزة العسكرية والاستخبارات الاسرائيلية نفذت 175 عملية اغتيال قتل فيها 235 فلسطينياً واصيب 315 اخرون. واوضحت ان 156 فقط من بين القتلى الفلسطينيين كانوا محددين "كأهداف معدة للتصفية" بينما بقية الضحايا هم اقارب او جيران للمستهدفين او مجرد عابري سبيل كانوا في المنطقة التي وقعت فيها عملية الاغتيال. وتستثني هذ الاحصاءات حالات اخرى اكد الفلسطينيون ان القتل فيها كان في اطار عمليات الاغتيال غير ان اسرائيل لم تعترف بمسؤوليتها عنها او صنفتها ك"حادثة عمل" وقعت اثناء إعداد الفلسطينيين متفجرات او التحضير لها. واكدت الوثيقة التي اعدت بناء على طلب من المحكمة العليا الاسرائيلية التي رفضت ادعاء النيابة العامة الاسرائيلية قبل نحو عامين بأن عمليات التصفية لا تخضع لسلطة القضاء الاسرائيلي، ان "الاغتيال جريمة حرب وان سياسة التصفيات المنهجية الواسعة النطاق تنطوي على جريمة ضد الانسانية، ودولة اسرائيل حولت طياريها الى مجرمي حرب يصطادون المواطنين المطلوبين وكأنهم في مذبحة إوز، وذبح الإوز محرم قانونا ايضا". واشارت صحيفة "هآرتس" العبرية التي نشرت النبأ الى ان الوثيقة جاءت في خمسين ورقة وتحوي معلومات توثيقية وتستند بالاضافة الى الاعتبارات القانونية الى معايير اخلاقية وسياسية يجب ان تأخذها في اعتبار المحكمة العليا الاسرائيلية التي ستحسم سياسة التصفيات التي يتبعها الجيش والمخابرات وسلاح الجو الاسرائيلي. وتتناول الوثيقة بين ثناياها عمليات الاغتيال التي نفذتها اسرائيل منذ عملية الاغتيال الاولى التي استهدفت احد قادة حركة "فتح" حسين عبيات في تشرين الثاني نوفمبر 2000 في بيت لحم والتي راح ضحيتها ايضا امرأتان فلسطينيتان كانتا في سيارة قريبة من سيارة عبيات، حتى عملية اغتيال احد قادة "الجبهة الشعبية" نضال سلامة في التاسع والعشرين من نيسان ابريل الماضي. وحمل الفصل الاول من الوثيقة الذي تناول عملية اغتيال صلاح شحادة قائد الجناح العسكري في "حركة المقاومة الاسلامية" حماس في غزة عنوان "النوم على كفالة قائد سلاح الجو". وقتل شحادة و14 فلسطينيا آخرين من بينهم اطفال ونساء واصيب نحو 150 بجروح ودمر عدد كبير من المنازل عندما القت طائرة حربية اسرائيلية قنبلة وزنها طن على حي الدرج السكني في غزة في تموز يوليو الماضي. واقتبس عنوان هذا الفصل من الوثيقة من اقوال قائد سلاح الجو الاسرائيلي دان حلويص لطياريه بعد العملية، اذ قال: "يا اصحابي ناموا جيدا في الليل فانا انام بصورة جيدة". وفي رده على سؤال صحافي بعد ارتكاب مجزرة حي الدرج حول ما يشعر به الطيار عندما يلقي قنبلة وزنها طن على حي سكني, اجاب حلويص: "انا اشعر بضربة صغيرة في الحلق وبعد ثانية يمر الاحساس وهذا كل ما اشعر به". واوضحت الوثيقة انه في الوقت الذي استخدمت فيه سياسة الاغتيال بهدف وقف العمليات الفلسطينية، فإن الاغتيالات ذاتها "تشكل دافعا للقيام بعمليات اخرى". وجاء في الوثيقة القانونية ايضا: "نحن نقتل المواطنين في شوارع غزة ورام الله وفي ازقة جنين والخليل ونطارد السيارات بواسطة المروحيات ونقصف بواسطة الصواريخ المخصصة لضرب الدبابات في ارض المعركة، ونقنص المواطنين الخارجين من منازلهم ونفخخ اكشاك الهواتف ونزرع الدمار والخراب في منازل عائلات كثيرة. كل هذا من دون اي اجراءات قانونية ومن دون وضع بنية تحتية قائمة على الادلة والبينات لاي كان امام اي كان. هذا هو الانتصار الاكبر لمهندسي الموت في المقاهي والمراكز التجارية". ويتزامن تقديم الوثيقة الى المحكمة العليا الاسرائيلية في الوقت الذي اعلنت فيه الحكومة الاسرائيلية عزمها مواصلة وتكثيف عمليات الاغتيال ضد الفلسطينيين في ما تصفه ب"القتل المركز". وذكرت مصادر رسمية اسرائيلية انه لم يعد امامها سوى ثلاثة خيارات لمواجهة الانتفاضة الفلسطينية من بينها خياران يتحدثان عن اغتيال وتصفية قادة سياسيين فلسطينيين في مقدمهم الرئيس عرفات ومؤسس حركة "حماس" الشيخ احمد ياسين.