ترسخت أزمة الثقة بين الإدارة الاميركية والهيئة القيادية للمعارضة العراقية، باعلان الحاكم المدني للعراق بول بريمر امس ان الهيئة "لا تمثل كل الشعب"، وتشديده على السعي الى "حكومة ذات صفة تمثيلية". وهو أعلن تأجيل "المؤتمر الوطني" الى منتصف تموز يوليو من دون ان يلتزم موعداً نهائياً، في وقت هدد جنود وضباط عراقيون تجمعوا أمام القصر الجمهوري في بغداد بتشكيل ميليشيا لقتال القوات الاميركية اذا لم يتسلموا رواتبهم راجع ص3 و4. وتتوقع الولاياتالمتحدة ان يصادق مجلس الأمن اليوم على مشروع قرارها لرفع العقوبات عن العراق، بعدما أدخلت عليه تعديلات جديدة للمرة الثالثة، وقال الناطق باسم المندوب الاميركي في المجلس ريك غرينل انه لم يعد قابلاً لأي تعديل. واعربت روسيا عن اعتقادها بإمكان التوصل الى اتفاق على المشروع، مؤكدة انها ستتعاون مع أي حكومة انتقالية في العراق، لكن يوري فيدوتوف، نائب وزير الخارجية، أعلن امس ان عدداً من بنود القرار يحتاج الى توضيح، خصوصاً البند المتعلق بآلية انهاء برنامج "النفط للغذاء". ونقلت وكالة "رويترز" عن ديبلوماسي بارز في الأممالمتحدة قوله ان صادرات النفط العراقية ستستأنف سريعاً بعد رفع العقوبات، مستبعداً الحاجة الى تشكيل مجلس لمراقبة الصادرات. وبعد التشكيك البريطاني في تمثيل الهيئة القيادية للمعارضة، والتي انبثقت من مؤتمر صلاح الدين، الشعب العراقي، اعلن بول بريمر ان الهيئة السباعية التي التقاها الجمعة الماضي "ليست ممثلة للشعب العراقي". ونقلت وكالة "فرانس برس" عن الحاكم المدني قوله امس: "سنوسع حوارنا، ونريد حكومة ذات صفة تمثيلية". واشار الى تأجيل المؤتمر الوطني الموسع الذي يفترض ان يعين شخصيات عراقية تتولى اعداد دستور جديد، ورجح ان يكون الموعد منتصف تموز يوليو، بعدما اكد مسؤول بريطاني ان المؤتمر سيلتئم آخر حزيران يونيو أو مطلع تموز. واشار بريمر الى انه يواصل اتصالاته بالسياسيين العراقيين الذين تزايد استياؤهم من التأجيل، وإبقاء السلطة في يد قوات "التحالف" الاميركي - البريطاني فترة طويلة. ونسبت وكالة "رويترز" الى بريمر قوله انه لن يلتزم أي موعد نهائي للمؤتمر، ويريد "حكومة تمثل الشعب العراقي كله". واستدرك: "نتحرك بأسرع ما يمكننا، وليست لدينا رغبة للبقاء في العراق أطول مما يجب". في الوقت ذاته حضت شخصيات عراقية على استعجال تشكيل حكومة تدير البلد، وشدد زعيم "الحركة الوطنية الموحدة" الشيخ أحمد الكبيسي على ضرورة انهاء "الانفلات الأمني"، رافضاً "تصرفات قوات التحالف". الى ذلك، يدخل العراق اليوم مرحلة الاعتراف الدولي باحتلاله لفترة غير محددة بتبني مجلس الأمن مشروع القرار الاميركي الذي يعطي صلاحيات واسعة لسلطة الاحتلال الاميركية - البريطانية. وينقل مشروع القرار العلاقة بين الولاياتالمتحدةوالأممالمتحدة الى عتبة جديدة، ويرمم العلاقة الثنائية بين اميركا وروسياوفرنسا والمانيا وعدد من الدول المنتخبة في مجلس الأمن. ويسجل مشروع القرار اكثر من سابقة دولية، فللمرة الأولى تقوم شراكة بين الأممالمتحدة ودولة عضو فيها اساسها احتلال دولة اخرى، وللمرة الأولى تُسلم الموارد الطبيعية وعائداتها الى سلطة احتلال، بموافقة دولية، بعدما كان بيع النفط وانفاق عائداته من صلاحية الأممالمتحدة عبر برنامج "النفط للغذاء". وفيما لم تستبعد مصادر المنظمة الدولية امتناع فرنساوروسيا والصين عن التصويت، لمحت الى احتمال التصويت بالإجماع على المشروع الاميركي الذي أُدخلت عليه تعديلات اخرى امس في جولة من المفاوضات في جلسة مغلقة لمجلس الأمن. ولم تلحظ التعديلات تحديد الفترة الزمنية لبقاء الاحتلال، وكانت فرنسا سعت الى تحديدها. وجاءت صيغة الحل الوسط بالعودة الى المجلس بعد 12 شهراً للنظر في الخطوات التي قد تكون ضرورية، ما عزز سلطة الأممالمتحدة من دون اعطائها صلاحية الحسم. وسيعين الأمين العام كوفي انان ممثلاً خاصاً في العراق، تم تعزيز صلاحياته في المشروع المنقح. وقال المندوب الاميركي في مجلس الأمن جون نيغروبونتي ان ما يتضمنه النص لجهة "مراجعة" مجلس الأمن الوضع بعد 12 شهراً ليقرر الخطوات الملائمة، يضع "آلية مفيدة" و"يتجاوب مع رغبة عدد من الوفود". ووصف المندوب البريطاني جيريمي غرينستوك التعديل بأنه "حل وسط عادل". وقال رداً على سؤال عن الفترة الزمنية لبقاء الاحتلال انه "سينتهي بعد تشكيل حكومة معترف بها دولياً. وهذا قد يحدث في غضون 3 اشهر أو 6 اشهر أو 18 شهراً أو 24 شهراً، هذا هو المعيار. وليس في القرار ما يحدد الفترة الزمنية سواه". ولفت الى تعديل آخر اعتبره "مفيداً" يتعلق بالعقود وبنقل الممتلكات المجمدة لإرضاء روسيا. الى ذلك، أعلن الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرد اكهارت، ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية "تلقت رداً من الولاياتالمتحدة على طلبها السماح لها بالعودة الى العراق"للتعامل مع المواد النووية "في مركز الأبحاث في الثوينة". واضاف ان الوكالة تدرس اجراءات "ارسال فريق من الخبراء"، وتأمل ب"الانتهاء من ذلك قريباً".