صدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة ضمن سلسلة "آفاق عربية" رواية "نشيد الحياة" للكاتب الفلسطيني يحيى يخلف في 223 صفحة من القطع الصغير. يشير الناقد حسين عيد في مقدمة الرواية ان يخلف حط رحاله في روايته هذه على الارض التي طالما بحث عنها بدأب واصرار وشغف، "أرض الدامور". وكمن عثر على ضالته المنشودة، صارت الوانه نقية كقوس قزح، وفاحت من اجواء أرضه "رائحة الموز وحشائش البحر". وانطلقت شخصياته العملاقة - خلال واقعها اليومي المعاش - بمشاعرها الانسانية الفياضة، وايمانها العميق بالثورة، فدانت لهم الحياة ومنحتهم سر القوة حين اختاروا النضال المسلح ضد العدو، فصارت حياتهم نضالاً، وصار نضالهم حياة. يعتمد يحيى يخلف في كل اعماله الادبية على التجربة المعيشة اساساً لعمله، وارتفعت في رواياته الثلاث الاولى نغمات القهر والمعاناة في مستويات مختلفة اجتماعية وسياسية خلال رحلة ابطاله الصعبة بحثاً عن الطريق، ثم خفتت هذه النغمة حينما وجدوا طريقهم في المواجهة المسلحة المدنية في رواية "نشيد الحياة". يزاوج يخلف في روايته بين الجانبين المدني والثوري اذ أن جميع الشخصيات الرئيسة في الرواية تملك مهناً مارسوا في حياتها المدنية، لكنها سرعان ما تترك اعمالها لتلبية نداء الواجب اذا دقت ساعة المواجهة. رسم يحيى يخلف شخصياته الروائية وفق اربعة مستويات: أولاً شخصيات نموذجية كشخصية القائد حمزة شط العرب واثنين من رجال المقاومة هما الشايب واحمد الشرقاوي، وقدم في مستوى آخر شخصيات موازية، حيث تتوازى شخصية زليخة مع السنيورة، والزهيري مع ابو العسل، وهناك مستوى ثالث للشخصيات المساعدة مثل حسن الامجد وسعيد راجي، اما المستوى الرابع فيجمع عدداً اخر من الشخصيات التي تناثرت بين صفحات الرواية، ولم يحظ بعض منها سوى بذكر الاسم كبعض شباب المقاومة جهاد، خالد كامل، ابو ايمن، رضوان، أو نال بعضها الآخر ومضة تعريف قصيرة او ومضات قليلة، لم تكن كافية لبعث الحياة فيها كغيفارا العراقي او البرجاوي. وفي النهاية استطاع الكاتب ان يحشد كل ادواته وقدراته، راصداً تفاصيل الحياة اليومية لمجموعة من المناضلين، يتحركون في بحر من البشر المسكونين بشوق للامان والدفء، مفعمين بالخصب ومحبة الحياة وذكرى الشهداء.