شنت الولاياتالمتحدة حرباً لا هوادة فيها على العراق أبرز أسبابها ان العراق يملك أسلحة تدمير شامل، وأن هذا النظام غير ديموقراطي استبدادي يحكمه شخص غير متزن، قراره فردي ومزاجي. وحيازة أسلحة التدمير الشامل لا يعتبر جريمة، بموجب قوانين الأممالمتحدة. وكل دول العالم تملكها، فالسلاح الكيماوي والبيولوجي تملكه دول كثيرة منذ الحرب العالمية الأولى. ويعرفه طلاب المدارس في المختبرات، من المرحلة الإعدادية فالثانوية. وهذا السلاح جرى تطوير إنتاجه، بالنسبة للجودة والكميات والفاعلية. فالعبرة ليست في امتلاك هذا السلاح، كمواد، بل العبرة في إساءة استخدام هذه المواد من الطور الطبي والبيئي، المسموح به والمستحب دولياً، الى دور الاستعمال ضد البشر الآدميين، وهذا هو الممنوع دولياً، بل المفترض أنه ممنوع إنسانياً ومن دون حظر دولي. أما السلاح النووي فهو تملكه علناً الدول الخمس الكبرى، صاحبة حق النقض في مجلس الأمن. وأضيف اليها، حديثاً، دولتان متخلفتان فقيرتان هما الهند والباكستان. وهناك معاهدات حظر استعمال الأسلحة النووية واختباراتها، واتفاقات ثنائية أخرى. واسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي تملك أسلحة نووية، وترفض التوقيع على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية. وترفض أن تضع منشآتها النووية تحت الإشراف الدولي. ولا ترى الولاياتالمتحدة بأساً في امتلاك اسرائيل أسلحة التدمير الشامل لتتمكن من الدفاع عن نفسها أمام العرب والمسلمين الذين يحيطون بها إحاطة السوار بالمعصم. فإسرائيل لا يخشى منها استخدام الأسلحة هذه لأنها دولة ديموقراطية، وحكامها مؤهلون، ولا خوف منهم على جيرانهم، بل الخوف من جيرانهم العرب الذين، إذا ملكوا أسلحة تدمير شامل، قذفوا بها إسرائيل وهددوا العالم. فالمقياس، عند الولاياتالمتحدة، ليس امتلاك بلد أسلحة تدمير شامل، بل المقياس هو قيادة هذه البلد الديكتاتورية التي تمكنها من استعمال أسلحة التدمير الشامل من دون إذن، ولا رقابة محلية أو دولية. والمحير في هذا الموضوع، أن نظام الحكم في العراق، بقيادة صدام حسين، إما أنه يملك أسلحة تدمير شامل، كما تدعي الولاياتالمتحدة وبريطانيا، أو أنه لا يملك. وهاجمته قوات التحالف على أساس أنه يملكها وينوي استعمالها، وأن قيادته فردية ديكتاتورية مزاجية قادرة على استعمال هذه الأسلحة بأمر من صدام حسين. فأي أعصاب هي أعصاب صدام حسين عندما رأى بلده يسقط قطعة قطعة، وفرقه العسكرية، وفيالقه تمحق، ومليشياته تسحق، والمدنيون يقتلون ويئنون، فلا يستعمل أسلحة التدمير الشامل التي يمتلكها، كما يقولون، علماً أن قيادته ديكتاتورية مزاجية استبدادية؟ ماذا يكون موقف الولاياتالمتحدة إذا اجتاحتها جيوش، وأحاطت بالعاصمة واشنطن، وقتلت الأبرياء من المدنيين، وسحقت العسكريين؟ ماذا يكون موقف قيادة الولاياتالمتحدة الديموقراطية، الحضارية المهذبة؟ لا شك في أنها ستستخدم مختلف صنوف الأسلحة، وكل ما قامت به الولاياتالمتحدة، حتى اليوم، من تعسف وقهر وإذلال وإبادة وإهانة واحتقار للشعب العربي والإسلامي، كان بسبب قيام أقل من عشرين شخصاً بتحويل خمس طائرات الى صواريخ، واستعمالها ضد مراكز استراتيجية في الولاياتالمتحدة. أطالب جمعيات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية الإنسانية أن تمنح الرئيس المهزوم صدام حسين وسام الصبر على ذبح شعبه، وهو يملك أسلحة تدمير شامل، فلم يستعملها، أو وسام التواطؤ، أو وسام السذاجة، واعتباره القيادة الديموقراطية الوحيدة في العالم، لأنه فضل الانكسار والاندحار والإذلال على مخالفة قوانين الأممالمتحدة. ولا أدري كيف أمكن لصدام أن يكون عاقلاً ومجنوناً في آن واحد. دمشق - منير الشواف محام ومستشار قانوني