انتقدت الحكومة السودانية بشدة اتهام واشنطن لها بانتهاك الحريات الدينية، فيما اقترح أعضاء بارزون في الكونغرس نقل محادثات السلام السودانية إلى واشنطن، وطالبوا إدارة الرئيس جورج بوش بممارسة ضغوط على طرفي النزاع لإقرار اتفاق سلام. في موازاة ذلك، طلب وسطاء الهيئة الحكومية للتنمية في شرق افريقيا ايغاد من وفدي الحكومة و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" بزعامة جون قرنق الرد على مشروع إطار للاتفاق في خطوة لتسريع عملية السلام. ورفضت الحكومة السودانية أمس اتهام واشنطن لها بانتهاك الحريات الدينية، ووصفت القرار الأميركي بأنه غير موضوعي ويفتقر إلى الأسس الصحيحة في جمع المعلومات. وكانت لجنة استشارية تابعة للكونغرس الأميركي اتهمت السودان ضمن دول أخرى بانتهاك الحريات الدينية، وطالبت الخرطوم بفصل الدين عن الدولة. لكن القائم بالأعمال السوداني لدى واشنطن الخضر هارون انتقد التقرير الأميركي، ووصفه بأنه غير موضوعي، واتهم اللجان التي تجمع معلومات عن الأوضاع في بلاده، بأنها غير محايدة، ورأى أن هذه الاتهامات تثيرها جمعيات متهمة بالتعصب الديني في مواجهة الديانات الأخرى. ونفى هارون تأثير هذه الاتهامات على الحوار بين حكومته والإدارة الأميركية، خصوصاً أنها تأتي قبل وصول وزير الخارجية السوداني الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل إلى واشنطن اليوم في جولة حملته إلى المانيا وكندا. الى ذلك، يناقش الكونغرس الأميركي تقريراً رفعته إدارة بوش رداً على الكونغرس الذي أقر "قانون سلام السودان" الدي منح الادارة ستة شهور لتقويم سير عملية السلام في السودان. ويهدد القانون بفرض عقوبات ديبلوماسية واقتصادية على الخرطوم في حال لم تحرز المحادثات تقدماً خلال هذه الفترة. وقال العضو اليميني في الكونغرس توم تانكريدو، وهو صاحب فكرة صوغ "قانون سلام السودان"، ان تقرير بوش، الذي أشار فيه إلى احراز تقدم في عملية السلام السوداني، غير مقنع. وذكر امام اللجنة الفرعية للشؤون الافريقية في الكونغرس ان "الانجازات التي أفرزها تقرير بوش، إذا ما نظر إليها من أرض الواقع، فإنها قليلة وضخمت في شكل كبير". وحذر رئيس اللجنة "رويس" طرفي النزاع من ان الولاياتالمتحدة لن تترك المحادثات تستمر الى ما لا نهاية، وتابع "علينا تأييد المحادثات الحالية ولكن الحقيقة هي ان السماح بمفاوضات أبدية ليس أمراً وارداً". ورد مساعد وزير الخارجية الاميركي للشؤون الافريقية وولتر كونسثاينر على اعضاء الكونغرس بأن تقويم بوش للمحادثات استند على ما أحزرته من تقدم، وقال ان واشنطن أوضحت لطرفي النزاع انها تنتظر نتائج ملموسة وحقيقية، وجدد التزام بوش ووزير خارجيته بإنهاء الحرب الأهلية في السودان واسدال الستار على 20 عاماً من الاقتتال والدمار. اطار عام لمشروع اتفاق من جهة اخرى، دعا الوسطاء وفدي الحكومة و"الحركة الشعبية" لرفع مواقفهما في شأن القضايا المطروحة للنقاش المتعلقة باقتسام السلطة والثروة والترتيبات الأمنية والعسكرية والمناطق الثلاث جنوب النيل الازرق وأبيي وجبال النوبة، تمهيداً لصوغ اطار عام ومشروع اتفاق نهائي قبل اختتام جولة المحادثات الاربعاء المقبل. وكثف الوسطاء والخبراء ورعاة المحادثات الولاياتالمتحدة وبريطانيا وايطاليا والنرويج من مشاوراتهم مع الطرفين لتقريب وجهات نظرهما في المسائل الخلافية. وكشف الناطق باسم "الحركة الشعبية" ياسر عرمان في اتصال هاتفي اجرته "الحياة" بمشاكوس "ان الحركة بصدد تقديم تصور شامل ونهائي، ويتوقع ان يقدم وسطاء عملية السلام اقتراحات جديدة تمثل حداً ادنى من رؤية الطرفين بعد دراسة تصوراتهما". وتنحصر قضايا السلطة والثروة في رسائل اهمها مؤسسة الرئاسة والعاصمة القومية والتمثيل التنفيذي والتشريعي، فيما تتمثل قضايا الثروة في توزيع عائدات النفط والعملة والبنك المركزي وملكية الارض. وتعتبر مسألة الجيوش في الفترة الانتقالية اكثر القضايا الامنية تعقيداً باصرار حركة قرنق على وجود جيشين والاحتفاظ بقواتها. كما يختلف الطرفان على قضايا المناطق الثلاث المهمشة. الى ذلك عقد مفاوضو عملية السلام اجتماعات في ما يتعلق بوضع آلية رقابة اتفاق وقف الاعمال العدائية موضع التنفيذ. اريتريا و "الحركة الشعبية" من جهة أخرى، أفاد مسؤول حكومي ان الحكومة الاريترية قررت تجريد قوات "الحركة الشعبية لتحرير السودان" من أسلحتها الثقيلة وبدأت منذ يومين في تنفيذ قرارها. ونقلت وكالة "اس ام سي" شبه الرسمية عن مسؤول حكومي لم يكشف هويته ان القرار الاريتري يهدف الى استلام اسلحة الحركة الثقيلة وترحيل قواتها الى الحدود مع اثيوبيا، موضحاً ان اسمرا تخطط الى تحجيم نشاط قوات "الحركة" والمعارضة السودانية ودفعها الى ايجاد مواقع بديلة داخل الأراضي السودانية.