بعد ثلاث سنوات مظلمة للكرة الإيطالية على الصعيد الأوروبي، تأهلت ثلاثة فرق دفعة واحدة للدور نصف النهائي من دوري أبطال أوروبا... المسابقة الأكثر قوة وشعبية على صعيد منافسات الأندية القارية. يوفنتوس وانتر ميلان وميلان أعادوا الإيطاليين إلى عصرهم الذهبي الذي استمر نحو عشر سنوات، وتحديداً ما بين عامي 1989 و1999 حين حصدوا 24 لقباً أوروبياً من بين 40 كأساً حصلوا عليها عموماً خلال 47 عاماً. والواقع أن تاريخ الأندية الثلاثة يؤهل كل منها حُكماً كي يتوج بطلاً لهذه المسابقة "الأم" هذا الموسم، لكن عليها أن تواجه عملاقاً أسبانياً يملك كل مقومات البطل... ريال مدريد. بعد ثلاث سنوات من الجفاف، تفجرت الآمال الإيطالية بانتزاع زعامة الكرة الأوروبية على صعيد الأندية خصوصاً بعد وصول ثلاثة منها إلى الدور نصف النهائي من دوري أبطال أوروبا لكرة القدم... مع ضمانة وصول إحداها على الأقل إلى مباراة القمة المقررة في 28 الجاري على ملعب "أولدترافورد" في مدينة مانشستر الإنكليزية. لكن المهمة لن تكون سهلة حتماً، لأن الضلع الرابع للمربع الذهب ليس إلا حامل اللقب وصاحب الرقم القياسي 9مرات ريال مدريد الإسباني. ولذا، فان تحذيرات مهمة صدرت منذ الآن بضرورة عدم الانصياع لصوت القلب وتغليب لغة العقل... المدرب السابق لمنتخب إيطاليا ولعدد من الفرق الإيطالية والأوروبية أريغو ساكي شدد على أن "الأكيد أن وصول الفرق الثلاثة إلى هذا الدور هو إنجاز جديد للكرة الإيطالية يعيد إلى الأذهان عصرها الذهب الذي أمتعت خلاله عشاقها في كل مكان، لكن المهم ألا ننظر الى الأمر على أنها صارت مجدداً سيدة أوروبا الأولى. علينا أن ننتظر لنعرف إذا كان ما حصل هو عودة حقيقية أو مجرد انتفاضة وقتية على حساب الكرة الإسبانية تحديداً. على كل حال، منذ نحو خمس أو ست سنوات كان من المستحيل أن تتمثل إيطاليا بمثل هذا العدد في الدور نصف النهائي لأن فريقاً واحداً فقط كان يشارك في هذه البطولة". وزاد "لا يجب أن ننظر إلى النتائج التي تحققت فقط، فهي أن لم تكن مصحوبة بعروض متميزة وبعيدة من تدخلات الحظ والأخطاء التحكيمية وخلافه تصبح خادعة ولا تعكس الواقع مطلقاً" . وعن فرص الإيطاليين لجهة الفوز باللقب، أشار ساكي إلى أن "ميلان أثبت أنه الأفضل حتى الآن، ويوفنتوس أثبت أنه يملك قدرات إدارية وفنية عالية جداً ومواهب فردية فذة... أما انتر ميلان فكان الأقل بريقاً، لكنه عرف كيف يستغل الفرصة ويقلب هذا الوضع في مصلحته. يمكن أن يحدث أي شيء وكل شيء، ويمكن أن يفوز أي من الفرق الثلاثة باللقب... لكن علينا أن ندرك أن المواجهة مع ريال مدريد ستكون في غاية الصعوبة، ولا يمكن التنبؤ بنتيجتها أبداً وأن كنت أميل إلى أن "أوراق" الفريق الإسباني أكثر فاعلية وأشد قوة على أرض الملعب. لكن هذا لا يعني حتماً أن فرص يوفنتوس في الفوز في الدور نصف النهائي أقل منها لدى ريال مدريد، فهو فريق منظم جداً خصوصاً على الصعيد الدفاعي والأفضل في استغلال الهجمات المرتدة... لكن لا يجب أن ننسى أن ريال مدريد يتفوق على الصعيد الفردي بنجومه العالميين الكبار ما يساهم في بسط السيطرة على منطقة المناورات في منتصف الملعب، وهو فاعل جداً أيضاً في عملية بدء تنظيم الهجمات على مرمى الخصوم من خلالها". وحول مباراة ال"دربي الأوروبي" بين ميلان وانتر ميلان في نصف النهائي الآخر، قال ساكي: "سيكون لهذه المناسبة مذاق مختلف عن مواجهاتهما في المسابقات المحلية، وأتمنى أن يفوز الفريق الأفضل". لغة الأرقام ما من شك في أن لغة الأرقام لا تكذب، وبنظرة سريعة على ما حققه كل من الأندية الإيطالية الثلاثة أوروبياً يتبين فوراً أن ميلان هو الأفضل فعلاً. فهو فاز بكأس الأبطال خمس مرات أعوام 1963 و1969 و1989 و1990 و1994، والكأس القارية انتركونتيننتال أعوام 1969 و1989 و1990، والكأس السوبر الأوروبية أعوام 1989 و1990 و1995، وكأس الكؤوس الأوروبية عامي 1968 و1973. اما يوفنتوس، فحصل على كأس الأبطال مرتين في عامي 1985 و1996، والكأس القارية في العامين ذاتهما، والكأس السوبر الأوروبية عامي 1984 و1996، وكأس الكؤوس في عام 1984، وكأس الاتحاد الأوروبي أعوام 1977 و1990 و1993. في حين فاز انتر ميلان بكأس الأبطال عامي 1964 و1965، وكأس القارات في العامين ذاتهما، وكأس الاتحاد أعوام 1991 و1994 و1998... علماً أن آخر لقبين أوروبيين للأندية الإيطالية كانا من نصيب لاتسيو في عام 1999، وهما كأس الكؤوس والكأس السوبر. وإذا كان ريال مدريد يملك الرقم القياسي لجهة عدد مرات الفوز بكأس الأبطال، فان إيطاليا هي صاحبة الرقم القياسي لجهة العدد الإجمالي للفوز بالألقاب الأوروبية وعددها 40 لقباً، وتأتي إنكلترا في المركز الثاني 34، وتليها إسبانيا 32 ثم ألمانيا 19. عموماً... الحديث عن صحوة إيطالية حقيقية وعودة لعصر ذهب سابق جداً لأوانه كما قال ساكي، لكن لا بد من التذكير بأن السيطرة على مقدرات أي لعبة تبدأ غالباً بمثل ما حصل مع الكرة الإيطالية... انتصارات ونتائج تدون في السجلات بغض النظر عن كيفية تحقيقها، ثم يأتي كل شيء بعد ذلك!