أسعد طه مقدم برنامجي "نقطة ساخنة" و"يحكى أن" اللذين تعرضهما فضائيّة "الجزيرة". يقود فريق عمل من تسعة أفراد ينضم إليه عدد مماثل في مواقع التصوير، وهو رائد في مجال البرامج الوثائقية العربية. صحافي عرفه الإعلام في وجوهه المختلفة من مكتوب ومسموع ومرئي منذ ربع قرن. يحمل الجنسية المصرية ويبحث عن الهوية "الإنسانية الكونية"، يسعى إلى تقديم ما يبحث عنه كل عربي ولا يجد من يوصله إليه. واجه مصاعب كثيرة ليأتي بالمعلومات من مصادرها، فصنع شهرته عبر مواضيع طرحها في أوروبا الشرقية خصوصاً، وأميركا اللاتينية وأفريقيا عموماً. في زيارته الأخيرة لبيروت، التقت "الحياة" أسعد طه الذي تحدث عن الإعلام الوثائقي وعن برنامجيه والصعوبات التي واجهها ولا يزال. استهل طه الحديث بأسباب افتقار الإعلام العربي إلى البرامج الوثائقية السياسية والاجتماعية ومحدودية تلك البرامج. ورأى أن ذلك يعود إلى "الحاجة إلى موازنات ضخمة لا تملكها مؤسسات إعلامية كثيرة، إضافة إلى أنه عمل صحافي مزعج بالنسبة إلى البعض. ومعظم العاملين في المجال يبحثون عن اقصر الطرق: وهي البرامج الحوارية غير المكلفة التي لا تتطلب عناء يذكر". ويمضي قائلاً: "ثمة عامل لا يجب إغفاله، وهو أن ثقافتنا محلية. فالشعب العربي لا يعرف الآخر ولا يريد معرفته" مشيراً إلى نوع من الانفتاح والتقارب بدأ يشق طريقه في صفوف العرب. وأشار طه إلى أن "التنافس الحقيقي بين القنوات التلفزيونية العربية سيتمحور مستقبلاً على القدرة على إنتاج برامج وثائقية لا دبلجة المستورد أو ترجمته"، في عصر "التشابه الكبير في التغطية والمضمون بين الفضائيات الكثيرة الموجودة". عن الأسلوب اللغوي الذي اعتاد نهجه في برنامجيه "نقطة ساخنة" و"يحكى أن" وطبعاً به يقول: "لا ابحث عن الكلمة الجميلة وإنما أسعى إلى توظيف العوامل التي بين يدي للخروج بعمل يحقق هدفه". ويضيف: "بعض المواضيع تحتاج إلى لغة معقدة وغيرها إلى لغة سهلة. اعمل ما ينسجم مع ما أريد، لذا يمكن القول أنني اقدم ما يشبهني اكثر مما يشبه محطة "الجزيرة" أو الجمهور". ويمضي قائلاً: "عندما أقصد بلداً كفنزويلا، يكون الهدف تقديم وجبة متكاملة للمشاهد العربي، تضم الثقافة والتاريخ والسياسة والاقتصاد والمجتمع وغيرها". والجدير ذكره أن تنفيذ الحلقة الواحدة يستغرق شهراً أو اكثر، ما يجعل نسبة الحلقات المنتجة سنوياً لا تتعدى أصابع اليد. وعن الفرق بين "نقطة ساخنة" و"يحكى أن" يقول: "الأول برنامج سياسي بالدرجة الأولى. لا يمكن فيه تناول موضوع آني مستجد لأنه ليس برنامجاً إخبارياً، والحدث قد ينتهي قبل انتهاء المونتاج" وهو ما يدفع طه وفريق عمله إلى اكتشاف قضية وملاحقتها وتسليط الضوء عليها. أما "يحكى أن" فمختلف بعض الشيء: "هو برنامج إنساني يتناول الإنسانية المهملة في كل أزمة. والأزمات كثيرة ولا تنتهي". وعلى رغم ان موضوع اللاجئين العراقيين الذي طرحه البرنامج ورافقهم في تنقلاتهم من جاكارتا إلى إندونيسيا وعودتهم إليها بعد ترحيلهم من استراليا، وانتهى بنيلهم جميعاً اللجوء بسبب الحلقة يقول طه: "البرنامج ليس هيئة إغاثة وإنما الهدف منه تسليط الضوء على ناحية مهملة معينة". أسعد طه كثير الترحال والتنقل بحثاً عن المعلومة وسعياً ل"ايجاد الحدث" ويقول: "ثمة قواسم مشتركة بين جميع الناس عدا مسألة السفر. كلما ابتعدت تجد حريتك أكبر وتدرك كم الكون أوسع مما تخيّلت. الأمر الذي يولد شعوراً بالانتماء إلى الإنسانية العالمية. إن الاحتكاك بالحضارات المختلفة يجعلك تكتشف الصفات المشتركة لدى جميع الشعوب من شعور بالظلم والفساد السياسي. فرائحة الظلم واحدة وهي ما أسعى إلى عرضه في برنامجيّ وإن كان نقل الرائحة مستحيلاً". وعن الضريبة التي يدفعها في تنقلاته الكثيرة يقول: "ثمة ضريبة اجتماعية وعائلية يتطلبها العمل، لكنني في كل مرة أعود إلى دبي حيث أقيم قبل الانطلاق في مهمة جديدة". ويقرّ طه بالمشكلات التي تتأتى عن حلقة قد لا تعجب بعض الحكام يقول: "دول عدة لا تقبل إلا بعرض إيجابياتها، إذا تحدثت عن إنجازات دولة ما وذكرت خطأ واحداً، تصبح من غير المرغوب فيهم" ليقر بوجود دول كثيرة لم يعد بمقدوره دخولها بسبب ذلك. ويعطي مثالاً على ذلك زيارته لتيمور الشرقية: "كتسبت قناة "الجزيرة" شهرة عالمية في حرب أفغانستان وفي تلك الفترة قصدت تيمور الشرقية لإعداد حلقة عنها، فقوبلت بالخوف وبالقلق من السلطات هناك".