بعدما انتشرت في العالم ظاهرة "تلفزيون الواقع" الذي يصوّر الحياة الخاصة لمجموعة من الأشخاص وبأدق تفاصيلها، بتنا نشهد اليوم ما يشبه "تلفزيون واقع الحرب". ولعلّها المرة الأولى التي تتجنّد فيها معظم وسائل الإعلام وبصورة تكاد ان تكون "حربية"، من أجل نقل وقائع الحرب 24 ساعة على 24، من أبشع مظاهرها الى أدق التفاصيل. ويخال المرء أن الحرب على العراق، على رغم فظاعتها أرحم من حرب الإعلام. وترغم كثرة تدفق الصور المشاهد على الاحساس بانه شريك في هذه الحرب، فكأنه هو من يقترف الجرائم، او يبكي الضحايا اويتضامن مع الأبرياء. إلأ ّأنه لا يُمكن المرء أن يتجاهل هذا الواقع، فنحن نعيش في بيئة هي وليدة تطوّر الاتصالات. ومهما حاولنا، هناك رغبة أقوى منّا تدفعنا الى طلب المزيد من الأخبار وتلقّف أصغر التطوّرات وإلاّ... ما عدنا أبناء جيلنا! المشاهد محارباً بالصور ونجنّد نحن أيضاً جميع الوسائل المتاحة لنا كافة ل"نخرق" ساحة المعركة. ويتمثل الجديد في اعلام هذه الحرب بالفضائيات اولاً، وبانتشار الانترنت. لسنا هنا في صدد التحدث عن حرب الشبكات الالكترونية التي ترقّب البعض ان ترافق الحروب العسكرية، إنما عن متابعة الحرب على الانترنت. في هذا الإطار ترتفع بورصة الشبكة الالكترونية خصوصاً في أماكن العمل. وبعد التلفزيون، وفي حال غيابه، تحتل الانترنت الموقع الأول في ترصد الأخبار. وغالباً ما تعطي الشبكة تفاصيل وشروحاً لا تتوافر في أي مكان آخر، خصوصاً أن الانترنت لا تخضع لأي رقابة سياسية، على الاقل في ظاهر الامور. وأحياناً ينقلب التنافس بين الشبكة والتلفزيون، الى تآزر. ويزور الكثيرون مواقع المحطات الفضائية على الانترنت! ويتصفح البعض مواقع الصحف والمجلات السياسية. وتمثل الانترنت أيضاً موسوعة للصور التي غالباً ما يتناقلها الجمهور. كما أنها تتضمن الخطابات والكلمات الكاملة. فبات من المألوف رؤية الشباب مجتمعين في مقاهي الانترنت "يُشرِّحون" خطاب بوش ويُعلّقون على جمل معيّنة من كلمة الرئيس صدام حسين وما إلى ذلك. وشكّلت الحرب كذلك مادة دسمة للرسوم الكاريكاتورية الهازئة التي إنتشرت في شكل واسع على البريد الالكتروني لا سيّما الصور المّركبّة مع مؤثرات خاصة. ومثال ذلك صورة الإعلان السينمائي لفيلم "حرب النجوم"، وقد حُوِّرَت ادواره فصارت من نصيب... كوندوليزا رايس ورامسفيلد وبوش وصدام حسين. ويضاف الى ذلك النكات المتعلقة بالحرب، وبعض الصور اللافتة لمعارضي الحرب، وبعض العبارات "الفريدة"، التي يخالطها الجنس بقوة، مثل "القصف من أجل السلام كمعاشرة فتاة من أجل الحفاظ على عذريتها". ويبدو ان الحرب غذّت المخيّلات العسكرية عند الشباب وقدمت لهم معارض حقيقية لآخر التكنولوجيات العسكرية, فباتت الانترنت مركزاً أساسياً للتعرّف الى الأسلحة المُستخدمة والتقنيات والتجهيزات الحربية التي نافست اللعب الالكترونية في شكل واسع. يقول أحدهم: "أتطلع الى الانترنت للتعرّف الى الأسلحة المُستخدمة والمُطوّرة والى استراتيجيات الحرب وتحركات الجيوش".