ماذا حدث للعلاقة الخاصة بين الولاياتالمتحدةوبريطانيا؟ اذ لم يكد يمضي حوالى الاسبوعين من الحرب على العراق حتى بدأت أعراض توتر بينها تتناول اسلوب القتال وكيفية النظر الى المنطقة بعد انتهاء المعارك واسقاط نظام الرئيس صدام حسين. ولا تدخر بريطانيا وسعاً في تأكيد وحدة الدولتين في العمليات الحربية وحماية ظهر الواحد للآخر، وان التحالف بين لندنوواشنطن يتميز "بصراحة مطلقة وتعاون وثيق". وأشاد الرئيس جورج بوش، من جهته، بشريكه توم بلير رئيس الوزراء البريطاني، ووصفه بأنه "رجل عند كلمته... شجاع وصائب الحدس". لكن بريطانياوالولاياتالمتحدة تخوضان حربين مختلفتين على الساحة، اذ يقوم البريطانيون بعمليات تطهير في الجنوب، خصوصاً في البصرة، بينما تتقدم القوات الاميركية نحو بغداد، وسط توقعات بمواقف متضاربة بعد انتهاء الحرب تعكس الخلافات السياسية بين لندنوواشنطن. ولاحظ الكولونيل كريستوفر لانغتون من "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: "توجد خلافات واضحة بين الاميركيين والبريطانيين في شأن أسلوب ادارة الحرب". وتعرضت القوات الاميركية لانتقادات عنيفة بسبب اطلاق النار على مدنيين عراقيين وجنود بريطانيين في سلسلة من القصف الخاطئ، بينما تعتمد القوات البريطانية، لتفادي مثل هذه الحوادث، على خبرتها القتالية في ارلندا الشمالية. وقال لانغتون: "استطاعوا استغلال خبرتهم بسهولة على عكس الاميركيين". ويعتقد كثيرون بأن البريطانيين لا يتسرعون في الضغط على الزناد. وقال مصدر عسكري بريطاني: "نحن لا ننزعج من حرب المدن لأننا في بلفاست منذ 30 عاماً. ان جنودنا يسيرون في الشوارع ويتوقعون اطلاق النار عليهم من الخلف". وعندما اصيب جندي بريطاني ب"نيران صديقة" ثار ووصف الطيار الاميركي الذي اطلق النار بأنه "راعي بقر" لا تهمه حياة الانسان. ويتفق مع هذا مسؤولون بريطانيون لا يشعرون بارتياح الى الرغبة الاميركية بتحقيق نصر سريع مهما كانت الخسائر العراقية. وقال مسؤول اميركي بارز هذا الاسبوع ان واشنطن مستعدة لدفع "ثمن باهظ جداً" للاستيلاء على بغداد. بينما قال المصدر العسكري البريطاني انهم يولون اهمية قصوى لتقليل الخسائر في الارواح خصوصاً ان الرأي العام غير راض عن الحرب. واضاف المصدر: "سيكون غير مقبول سياسياً دكّ بغداد. تلك ليست الطريقة التي نعمل بها". وعلى الصعيد الديبلوماسي، تريد بريطانيا ان تدير الاممالمتحدةالعراق بعد الحرب، بينما ترغب الولاياتالمتحدة التي انتابها غضب عارم لأن المنظمة الدولية لم توافق على الهجوم على العراق في السيطرة على مشاريع التعمير. وقال بول روجرز استاذ أبحاث السلام في جامعة برادفورد: "في ما يخص المملكة المتحدة فإن عراق ما بعد الحرب يكون مسؤولية الاممالمتحدة. والاميركيون يفضلون ادارة اميركية تهيمن على معظم الوزارات الرئيسية وسيبقون حتى ينضب النفط... وينظر الى الاميركيين على انهم غزاة وليسوا محررين. بينما تأخذ المملكة المتحدة مشاعر القلوب والعقول بجدية". ووضعت كل من واشنطنولندن برنامجين مختلفين بالنسبة الى جيران العراق بعد الحرب. فبريطانيا تريد دفعة قوية لعملية السلام في الشرق الاوسط. وبذل بلير جهوداً مضنية لتطوير العلاقات مع الرئيس السوري بشار الاسد بينما زار وزير خارجيته جاك سترو ايران ثلاث مرات. لكن بوش وصم ايران بأنها جزء من "محور الشر" الذي يضم ايضاً العراق وكوريا الشمالية. كما تعرضت سورية وايران لهجوم حاد من وزير دفاعه دونالد رامسفيلد. ووعد بوش بوضع "خريطة للطريق" للتوصل الى تسوية دائمة للصراع العربي - الاسرائيلي لكن الهجوم على زعماء المنطقة لن يحقق اي تقدم نحو السلام. وقال مسؤول بريطاني: "بالتأكيد يبدو اننا اخترنا لغتين مختلفتين".