سعت القوات الاميركية التي دخلت الى النجف جنوبالعراق أول من أمس الى تأمين وسط المدينة عبر مطاردة "فدائيي صدام" وحزب البعث، في حين أعلنت قيادة "التحالف" الأميركي - البريطاني ان المرجع الشيعي في المدينة آية الله علي السيستاني أصدر فتوى تحث العراقيين على عدم اعتراض طريق القوات الاميركية. واعرب ضباط اميركيون عن اعتقادهم بأن غالبية عناصر الميليشيات في النجف ألقوا السلاح وفروا، لكن هناك قلة صامدة تواصل القتال. وأكد الكولونيل جوزيف اندرسون وهو قائد لواء في "الفرقة 101" المحمولة جواً ان "آخر موقع للفدائيين دمر". وترددت اصوات مدافع المورتر وانفجارات الصواريخ قبل الفجر ثم اقدم الجنود الاميركيون على مهمة صعبة للقيام بعمليات تفتيش من منزل الى منزل وتأمين الضواحي. وقال الكابتن جيه بي سووبس من "الفرقة 101" التي تقود محاولة السيطرة على النجف: "كل مبنى يمكن ان يجيئنا بمفاجأة. انها عملية تستهلك الكثير من الموارد وتستغرق وقتاً". وذكر جنود انهم ضبطوا كميات من القذائف الصاروخية والبنادق وأنظمة اطلاق صواريخ ايضاً خلال تفتيشهم للمنازل أول من أمس. وقال ضباط أميركيون انهم عثروا على ورشة لتصنيع الالغام في جامعة محلية وهو ما يشير الى استمرار المقاومة. وصرحوا بأن المناطق التي طهرت من الالغام لغمت من جديد أمس. وأسرت القوات عشرات من "فدائيي صدام" والبعث المشتبه فيهم، لكن القتال كان اقل مما توقعه ضباط اميركيون. واثناء تقدمهم البطيء في المدينة كان الجنود يركزون بحثهم في شكل خاص عن عربات نقل خفيفة وشاحنات صغيرة ذات أسطح مفتوحة من الخلف يمكن ان تستخدم في القتال وتزود مدافع مضادة للطائرات وأسلحة آلية. وشوهدت بقايا عربتين من هذا النوع دمرتا في غارة لطائرات "ايه - 10 وورثوغ" وقتل من فيهما. وكانت غالبية السكان تقف ساكنة او تحتمي في بيوتها، لكن بعضهم لوح وابتسم للجنود الاميركيين. ومدينة النجف الواقعة على بعد 160 كيلومتراً جنوب العاصمة بغداد لها قدسية وأهمية دينية، اذ يوجد فيها العديد من المزارات الشيعية، بينها ضريح الامام علي بن ابي طالب. ونفى الجيش الاميركي ان يكون قصف مساجد في مدينة النجف، متهماً القوات الموالية لصدام حسين بأنها السبب في اي أضرار تلحق بتلك المساجد. الى ذلك، أعلن الناطق باسم القيادة المركزية في قطر الجنرال فينسنت بروكس ان المرجع الشيعي في حوزة النجف جنوب أصدر فتوى تحث العراقيين على التزام الهدوء وعدم اعتراض طريق القوات الاميركية الغازية. وقال بروكس: "حدث هذا، صباح اليوم أمس ودعا السيستاني فيها السكان الى الهدوء وعدم التدخل في عمليات قوات التحالف. نعتقد بأن هذه نقطة تحول مهمة للغاية ومؤشر آخر على ان النظام العراقي يقترب من نهايته". وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" نقلت في تقرير لها من النجف عن الكولونيل كريس هيوز قوله انه تحدث مع مساعد للسيستاني عن كيفية ادارة المدينة واعرب عن أمله بتلقي رد منه. وشاهد مراسل لوكالة "رويترز" في بغداد منذ اسبوع واحد فقط فتوى اصدرها السيستاني معلقة على باب مسجد في العاصمة العراقية تقول ان العراقيين سيقفون معاً في وجه الغزاة. ويعتبر السيستاني من كبار رجال الدين الشيعة ويمكن ان يكون لتعاونه مع القوات الاميركية تأثير لكسب تأييد المدنيين العراقيين. ووضع السيستاني تحت الاقامة الجبرية في منزله منذ قمع الانتفاضة الشيعية التي حدثت ضد صدام في اعقاب حرب الخليج العام 1991. وقالت الصحيفة ان حراسه فروا بعد تحرك القوات الاميركية لطرد "فدائيي صدام" وعناصر حزب البعث من النجف، وانه اصبح حراً في التنقل. لكن الصحيفة قالت ان السيستاني يرفض حتى الآن الحديث مباشرة مع المسؤولين الاميركيين. وفي ايلول سبتمبر الماضي اصدر السيستاني فتوى طلب فيها من العراقيين عدم مساعدة الولاياتالمتحدة على اطاحة صدام قائلاً ان من يساعد الاميركيين سيحيق به العار في الدنيا ويلقى العقاب في الآخرة. وذكرت الصحيفة الاميركية ان موقف السيستاني قد يكون متأثراً بما حدث العام 1991 حين دعا المسؤولون الاميركيون الشيعة العراقيين للتمرد على الحكم العراقي ثم تخلوا عنهم ولم يدعموهم.