شدد رئيس مؤتمر المستقلين العراقيين عدنان الباجه جي على ضرورة الإعداد لمؤتمر "ينتخب الحكومة الانتقالية" العراقية "فتكون لها شرعية، ولا يعيّنها الاميركيون او الاممالمتحدة". ودعا المنظمة الدولية الى مساعدة العراقيين في عقده "على غرار مؤتمر بون" لأفغانستان، محذراً من "اعتماد صيغ مثل تلك المتبعة في لبنان او ايرلندا الشمالية" لأن ذلك "من شأنه ان يؤدي الى تقسيم العراق". وقال الباجه جي في حديث الى "الحياة" ان "التيارات الديموقراطية والليبرالية تمثل غالبية العراقيين فيما التيارات الدينية اقلية"، مشيراً الى ان الاولوية الآن لوقف الحرب وتنحي نظام الرئيس صدام حسين "فالأمران مترابطان والمعادلة واضحة: إما بقاء صدام واما بقاء الرئيس جورج بوش"، مستبعداً وقف الحرب قبل تغيير النظام العراقي. وفي ما يتعلق بالهيئة القيادية للمعارضة والتي انتخبتها لجنة المتابعة، ورأى ان المطلوب تجاوز "التقسيمات الطائفية والعرقية"، معتبراً ان بين شيعة العراق والسنّة والاكراد والمسيحيين، بعثيين وشيوعيين واشتراكيين وليبراليين ورأسماليين، فالتنوعات السياسية هي الاصل ولست الانتماءات المذهبية. وتحدث الباجه جي عن "الغالبية الصامتة" ورد بالايجاب على سؤال هل يعتبر نفسه من رموزها، رافضاً سيطرة الاميركيين على الجيش العراقي وقوى الامن بعد الحرب "بذريعة تطهيرها من البعثيين". وشكا من تعامل اميركي "مهين للعراقيين" في سياق خطط ادارة بلدهم وقطاع النفط وغيره. وسئل الباجه جي هل يمكن واشنطن الآن ان تراهن على حكومة معينة قريباً في بغداد، على رغم ضبابية الاحتمالات التي ستأول اليها الحرب، فأجاب: "بعد انهيار النظام سيحصل فراغ في الحكم، وبديهي ان الفراغ سيملأه الاميركيون مباشرة بعد سقوط النظام. اما الاتجاه العراقي فهو ان نحاول في اسرع وقت انهاء الادارة العسكرية المباشرة والعمل لإقامة سلطة انتقالية. هناك السيناريوات الآتية: ان يدير الاميركيون البلد مباشرة، او يقيمون حكومة عراقية موقتة في الخارج، لكنني اعتقد بأنهم تخلوا عن هذه الفكرة. اذاً السؤال هو كيف يمكن التوصل الى مثل هذه الحكومة، وما يجب ان يتقرر اولاً هو هل هناك دور للامم المتحدة أم لا. وكانت بريطانيا تقترح اعطاء المنظمة الدولية مسؤولية الادارة لكنها عدلت عن ذلك وباتت تؤيد ان المنظمة العراقيين في عقد مؤتمر على غرار مؤتمر بون لأفغانستان، بعد ان تجري الاممالمتحدة مشاورات مع عراقيين في الداخل والخارج، من كل اطياف المجتمع والشخصيات السياسية، ويعقد هذا الاجتماع ليعيّن الادارة الانتقالية". واضاف: "سيناريو آخر طرح، وبموجبه تُعتمد الهيئة السداسية التي اختيرت في مؤتمر المعارضة في لندن، يضاف اليها حوالى عشر شخصيات، لتكون الهيئة ذات قاعدة تمثيلية اوسع. واعتقد بأن التيارات الاسلامية الشيعية كانت ممثلة فقط ب"المجلس الاعلى للثورة الاسلامية" بزعامة محمد باقر الحكيم، فيضاف اليه حزب الدعوة ومؤسسة الخوئي وبعض الشخصيات الدينية المستقلة، مثل محمد بحر العلوم. وهناك العنصر العربي الديموقراطي العلماني يجب ان يكون ممثلاً، فالتيارات الديموقراطية والليبرالية تمثل غالبية العراقيين، والتيارات الدينية، سنّية كانت ام شيعية تمثل اقلية. في مؤتمر الديموقراطيين المستقلين الذي عقدناه في لندن السبت الماضي، قلنا لا يجوز ان يكون العمل السياسي مستنداً الى الاصول العرقية او العقيدة الدينية او المجموعات المذهبية، ويفترض ان يُعامل العراقيون كشعب واحد. نحن نرفض الصيغ المعتمدة مثلاً في ايرلندا الشمالية وفي لبنان الى حد ما، فمثلها يؤدي الى تقسيم العراق ونشوب حروب اهلية، كما حصل في البلدان التي تعتمد التنوع الديني اساساً للعمل السياسي. الآن يجب ان نسعى الى عقد المؤتمر الموسع عبر ممثل للامين العام للامم المتحدة، لتشارك فيه 16 شخصية تعتبر بمثابة هيئة تحضيرية تعد لمؤتمر ينتخب الحكومة الانتقالية، فتكون لها شرعية، ولا تعيّن من الاميركيين او المنظمة الدولية، او يتولى ممثل الامين العام الدعوة الى المؤتمر مباشرة، من دون حاجة الى تعيين لجنة تحضيرية. واشار الى صعوبة التكهن بنهاية قريبة للحرب، معتبراً انها "ليست متكافئة، فالعراق يواجه القوة الجبارة، وليس لديه اي غطاء جوي. واضح ان استراتيجية النظام هي استدراج القوات الاميركية والبريطانية الى المدن، وبغداد خصوصاً، للدخول في حرب شوارع. وواشنطن لن توقف القتال والنظام قائم، لأن هذا سيكون بمثابة نهاية لرئاسة الرئيس جورج بوش. الاحتمال الآخر ان تطول الحرب وتزداد الخسائر، وفي كل الاحوال ستنتهي على رغم تعقيدات الوضع. كل شيء يتوقف على مدى استعداد الرأي العام الاميركي لتحمل الخسائر، وبوش لن ينهي الحرب وينسحب الا اذا كانت هذه التكاليف باهظة بشرياً. باختصار المعادلة واضحة: بقاء الرئيس الاميركي او صدام، ومن يستمر هو الاقوى". واستدرك ان المطلوب هو "وقف الحرب وتنحي النظام العراقي، والامران مترابطان. فوقفها من دون تغيير في بغداد يقوّي النظام الذي سيخرج منتصراً في هذه الحال". وهل الحملة العسكرية الاميركية البريطانية هي الوسيلة الوحيدة لإزاحة صدام، اجاب: "كانت هناك وسائل، بينها تنحيه عبر الاقناع والترغيب، والافضل لو اغتنم مبادرة رئيس دولة الامارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مع ضمان عدم ملاحقته قضائياً. ومع استمرار الحرب، ربما يتمكن المقرّبون اليه من إقناعه بالتخلي عن السلطة بما يحفظ له ماء الوجه. هناك ايضاً احتمال ان يرغموه على تسليم الحكم اليهم، فلا ينتهي الوضع الى قطيعة كاملة بين السلطة الحالية والجديدة. انا لا استبعد قبول صدام الرحيل، اذ سيسعى الى انقاذ نفسه بالدرجة الاولى اذا اقتنع باستحالة بقائه في الحكم، والاميركيون لن يلاحقوه في حال تنحيه. إن الحل في يده". وسئل هل ما زال متمسكاً بعدم قبوله اختياره ضمن الهيئة القيادية السداسية التي انبثقت من مؤتمر المعارضة فأجاب: "نعم، والسبب تحفظاتي عن الصفة التمثيلية للهيئة المنبثقة من لجنة المتابعة والتنسيق التي اختارها مؤتمر لندن في كانون الاول ديسمبر. وعضوية المؤتمر استندت الى صيغ أُقرت في مؤتمر صلاح الدين عام 1992، وهي تقسيمات على أسس عرقية وطائفية، اي نسب محددة للأكراد والسنة والشيعة، وهذا يكرّس التقسيم لدى العراقيين. المطلوب هيئة اوسع تمثل شرائح المجتمع العراقي في شكل متوازن، وابلغت السيد مسعود بارزاني اهمية توسيع لجنة المتابعة، الامر الذي لم يتحقق 54 من 65 حضروا مؤتمر صلاح الدين، وانتخبت الهيئة القيادية من قبل 54 عضواً في لجنة شرعيتها مشكوك فيها، منبثقة من مؤتمر كانت الحصص فيه عشوائية لا تعكس حقيقة الوضع في العراق". واعرب عن تأييده عقد مؤتمر جديد "لا يتضمن تقسيمات من هذا النوع، اي تجاوز التقسيمات الطائفية والعرقية، على ان يختار هذا المؤتمر حكومة". وهل يقصد اختيار حكومة علمانية اجاب: "ليس بالضرورة، اذ لا بد ان تمثّل في الحكومة الانتقالية التيارات الدينية بحسب أسس واقعية". وزاد ان مؤتمر المستقلين ضم "ذوي الاتجاهات الديموقراطية الليبرالية التي تمثل قسماً مهماً من الشعب… اي ما كان يسمى الغالبية الصامتة التي حان الوقت لترفع صوتها وتفصح عن اهدافها لتشارك في جهود تشكيل حكومة انتقالية. نحن أنشأنا تكتلاً جديداً من خلال 400 شخصية حضرت المؤتمر، وانتخبتني رئيساً لهيئة قيادية كُلفت تعيين اعضائها". وسئل الباجه جي هل هو من رموز تلك الغالبية الصامتة، فرد بالايجاب، وقال: "توجهي ليبرالي ديموقراطي، والنعرات الطائفية ورثناها تاريخياً من التنافس بين ايران وتركيا للسيطرة على العراق، ولكن كان لانتشار الوعي بفضل التعليم، تأثير واسع في تجاوز تلك النعرات". وشدد على ان الجميع الآن "امام مشكلة، فمن يملأ الفراغ بعد انهيار النظام في بغداد؟ علينا الحؤول دون ان تكون هذه المهمة للاجانب، وعلى العراقيين انفسهم ملء الفراغ وانتخاب الحكومة الانتقالية لتتولى كل السلطات. طُرِحت افكار في شأن سيطرة الاميركيين على الجيش وقوى الامن بذريعة اعادة تنظيم القوات المسلحة العراقية وتطهيرها من العناصر البعثية، وهذا مرفوض، فهو شأن العراقيين. يريدون الاميركيون مثلاً ابقاء عائدات النفط في صندوق خاص، لكننا بحاجة اليها. والصناعيون العراقيون كان لهم دور بارز في الصناعات النفطية في الخليج، فكيف نعامل وكأننا دولة ناشئة حديثاً، من العالم الثالث؟ هذا التعامل مهين، وان يفكروا كذلك في استقدام اميركيين لهذا القطاع او غيره، كأننا عاجزون عن ادارة البلد. ولمن لا يعرف نقول ان العراق من الاعضاء المؤسسين للامم المتحدة وجامعة الدول العربية، بالتالي لا يُعقل ان يُعامل بهذا الاسلوب". ونبه الى ضرورة "خفض اضرار الوجود العسكري الاميركي واضرار محاولات فرض ادارة عسكرية وذلك عن طريق الاقناع والضغط على واشنطن لتغيّر سياستها. فمن مصلحة الولاياتالمتحدة ان لا تكون محتلة للعراق، بعد انتهاء الحرب".