"مخالفات خطيرة" و"تلاعب متعمد واضح" و"تزوير" و"خرق"، ولكن أيضاً "تحسن في الأداء" و"هدوء ونظام"، كلها عناوين رئيسة أجمع عليها المراقبون الدوليون للعملية الانتخابية في نيجيريا والتي أظهرت نتائجها النهائية فوزًا ساحقًا للرئيس الحالي أولوسيغون أوباسانجو 61 في المئة من أصوات الناخبين على أبرز منافسيه محمد بوهاري 32 في المئة. غير أن التجربة الديموقراطية في نيجيريا والتي لم يكن خلالها "الحكام والأحزاب والإدارة على مستوى طموحات المواطنين" على ما أشار بعض المراقبين، لقيت انتقادات حادة من المعارضة التي أعلنت رفضها لنتائجها، ومن المراقبين الذين سجلوا تحفظاتهم عنها. وعلى رغم الانتقادات، فإن تلك الانتخابات اكتسبت أهمية كونها التجربة الأولى للمدنيين في تنظيم اقتراع في نيجيريا. كذلك، هي المرة الأولى التي يتتالى فيها استلام الحكم بالسبل الديموقراطية في هذا البلد الأكثر تعداداً للسكان في أفريقيا والغني بالنفط. وبطبيعة الحال، أعلن الرئيس الفائز أوباسانجو المسيحي والمنتمي لقبائل اليوروبا التي تتواجد على وجه الخصوص في الجنوب الغربي من نيجيريا، قبوله نتائج الانتخابات الرئاسية، وقال: "أضع بين يدي الله القدير فوزي الشخصي في الانتخابات... وأقبل بكل تواضع تحدي ترسيخ الانتصارات التي تحققت خلال السنوات الأربع الماضية مع إيجاد السبيل لمصير أكبر لأمتنا". وفي المقابل، فإن المنافس الرئيس لاوباسانجو، محمد بوهاري المسلم من الهاوسا من شمال البلاد، أعلن منذ بدء إعلان النتائج رفضه لها بسبب "التزوير الواسع". كما صرح الناطق الرسمي باسمه بعد إعلان النتائج النهائية "رفضه" إعادة انتخاب أوباسانجو وعزمه اللجوء الى المحكمة العليا للطعن في النتائج. وسبق للاثنين أن كانا رئيسين للبلاد إبان الحكم العسكري. ومن المفارقات أن أوباسانجو حين كان رئيساً، تنحى عام 1979 لرئيس مدني منتخب. وقام بوهاري في ما بعد، بإطاحة الرئيس نفسه في انقلاب عسكري سلمي. ووصل أوباسانجو إلى الحكم من جديد عام 1999 بعد قرار العسكريين إجراء انتخابات رئاسية. وهو الآن سيحكم نيجيريا لفترة أربع سنوات أخرى بعد نجاحه في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 19 الشهر الجاري. مراقبون من الاتحاد الأوروبي، أشاروا في مؤتمر صحافي عقدوه في آبوجا إلى أن الانتخابات الرئاسية وانتخابات حكام الولايات "لطخت بمخالفات خطيرة وبتزوير". التجاوزات جنوباً وشمالاً وفي بعض الولايات فإن "الحد الأدنى لانتخابات ديموقراطية لم يتحقق"، لا سيما في ولايات الجنوب الشرقي من البلاد. والجدير بالذكر أن تلك المنطقة هي المصدر الرئيس لغنى نيجيريا نظراً إلى كميات النفط الهائلة الموجودة فيها. وكانت منذ 36 سنة مسرحاً لحرب البيافرا الانفصالية. وكان الرئيس السابق لهذه الجمهورية أحد المرشحين للرئاسة خلال الانتخابات الحالية. واعتبر المراقبون الأوربيون أن الانتخابات هناك "افتقدت إلى المصداقية"، وأن "من واجب الحكام اتخاذ إجراءات مناسبة" لتصحيح ذلك. كما أكد مراقبون أميركيون حصول "خرق خطير" و"تلاعب تجاوز الحدود"، مشيرين إلى تخريب صناديق وسرقة بعضها وتزوير للنتائج وتبديل لها. وأصبحت تلك الولايات نتيجة انتخابات الحكام التي ترافقت مع الانتخابات الرئاسية، تحت سيطرة "الحزب الديموقراطي الشعبي" بزعامة أوباسانجو. ولم تسلم الولايات الشمالية كاتسينا والوسطى نصراوة حيث يغلب تواجد المسلمين، من الانتقادات، ولو كانت أخف مستوى من سابقتها، وذلك لعدم احترام القواعد الانتخابية: تصويت من هم تحت السن القانوني وتصويت متعدد وتغيير في النتائج وإحضار صناديق جاهزة، وأيضاً استعمال أساليب الترهيب والترغيب من عناصر الأحزاب.