لم تعد اسرائيل تكتفي بالتلميح الى رغبتها في رؤية العقيد محمد دحلان مسؤولاً عن أجهزة الأمن الفلسطينية في حكومة محمود عباس أبو مازن العتيدة بل راحت تعتبر مثل هذا التعيين شرطاً للتعاطي مع هذه الحكومة "لأن دحلان هو المسؤول الفلسطيني الذي يبدي رغبة حقيقية في وقف الارهاب وأثبت قدراته في الماضي في هذا المجال ومن هنا اصرار اسرائيل على تعيينه"، على ما بثت اذاعة الجيش الاسرائيلي نقلاً عن أوساط سياسية رفيعة المستوى في تل أبيب. وأكد هذه الأقوال المنسق السابق لشؤون الاحتلال داني روتشيلد الذي اعتبر، في حديث للاذاعة الرسمية، وجود دحلان في حكومة أبو مازن "أمراً حيوياً لضمان سلطة أبو مازن وسيطرته على حكومته". وتابعت اذاعة الجيش نقلاً عن الأوساط ذاتها اعتبارها اليومين المتبقيين دستورياً لأبو مازن لتشكيل حكومته "حاسمين ومصيريين" للتقدم في عملية السلام، وأنه في حال أخفق أبو مازن في تشكيل الحكومة "فإن الأوضاع على الأرض ستتغير بكل تأكيد"، من دون أن تخوض في "طبيعة" هذا التغيير. وأضافت الاذاعة ان تل أبيب تخشى أن يؤدي فشل أبو مازن الى تعزيز مكانة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وهي التي سعت الى تهميش دوره ولم تتردد في اتهام وزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر ونائبين في الكونغرس الأميركي ب"إعادة إحياء" عرفات من خلال اصرارهم على لقائه في مقره في رام الله على نحو عزز الانطباع لدى عرفات بأنه ما زال يمسك بمقاليد الأمور في السلطة الفلسطينية. ونقلت صحيفة "يديعوت احرونوت" عن مسؤول اسرائيلي لم تكشف اسمه قوله ان في حال لم يرأس أبو مازن الحكومة الفلسطينية الجديدة، فإن ذلك سيشكل "ضربة موجعة" لكل من أمل بدفع "خريطة الطريق" الدولية الى مسار التطبيق أو انتظر تسهيلات تقدمها اسرائيل للفلسطينيين، وانه قد يعيد الأمور الى نقطة الصفر "فضلاً عن أن حصول ذلك سيؤكد من جديد أن عرفات يقود شعبه نحو كارثة أخرى حيال اصراره على مواصلة الارهاب". وقال النائب العربي في الكنيست أحمد الطيبي لاذاعة الجيش ان "تنازل أبو مازن عن ترؤس الحكومة الفلسطينية سيدخل المنطقة في دوامة سياسية وربما في كارثة". وتابع ان من الضروري أن يرأس أبو مازن الحكومة الجديدة وينجح في مهمته للحؤول دون تدهور الأوضاع. وكتبت صحيفة "هآرتس" ان عرفات استشاط غضباً، في اجتماع اللجنة المركزية لحركة "فتح"، قبل يومين وكال اتهامات ل"أبو مازن"، واصفاً الحكومة التي يريد تشكيلها بأنها "حكومة اميركية" جل همها معالجة الأمور الأمنية في مقابل عدم طرح أي برنامج سياسي. وتابعت ان أقوال عرفات تعكس قلق الكثيرين من مسؤولي السلطة الفلسطينية و"فتح" ومنظمة التحرير الفلسطينية الذين أملوا حقاً بأن تحمل الحكومة الجديدة "جديداً حقيقياً"، قلقهم من أن كل ما تبغيه حكومة أبو مازن هو "التخلص من عرفات، برعاية الولاياتالمتحدة واسرائيل ودول عربية وأوروبا".