تفاقمت الأزمة بين الرئيس ياسر عرفات ورئيس وزرائه محمود عباس أبو مازن خلال الساعات الاخيرة، بعد ان ساد اعتقاد ان الخلافات في طريقها الى حل يرضي الجانبين. وعلى حد قول المثل الشعبي الفلسطيني، فإن عرفات "وضع العقدة في المنشار" واصر على موقفه، رافضاً تعيين المسؤول السابق عن جهاز الامن الوقائي في قطاع غزة العقيد محمد دحلان في منصب وزير الدولة لشؤون الداخلية الذي رشحه له ابو مازن. قال مصدر فلسطيني واسع الاطلاع على حقيقة ما يجري وراء كواليس السياسة الفلسطينية ان الرئيس ياسر عرفات رفض اقتراحات عدة للخروج من الازمة المتفاقمة بينه وبين رئيس الوزراء المكلف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير محمود عباس. وأضاف ان لجنة الوساطة المشكلة من اربعة اعضاء من اللجنة المركزية لحركة "فتح" قدمت اقتراحات محددة لعرفات بغية وضع حد للخلاف الحاد بينه وبين أبو مازن لكن من دون جدوى، اذ رفضها جميعاً. ومن بين الاقتراحات تعيين اللواء نصر يوسف وزيرا للدولة لشؤون الداخلية بدلا من دحلان الذي يحتل عضوية المجلس الثوري لحركة "فتح"، وهي مرتبة حركية ادنى من اللجنة المركزية التي يشغل عضويتها يوسف، الامر الذي رفضه عرفات. وتقدم اعضاء اللجنة باقتراح آخر يقضي بتعيين الامين العام للرئاسة الطيب عبدالرحيم، وهو عضو في اللجنة المركزية لحركة "فتح" في المنصب نفسه، الأمر الذي رفضه عرفات ايضا. ولفت المصدر الى ان اللجنة قدمت الاقتراحين بعد ان اعلن دحلان امامها انسحابه وعدم رغبته في ترشيح نفسه للمنصب مساهمة منه في "حل العقدة"، وتسهيل مهمة أبو مازن في تشكيل حكومته والخروج من المأزق الراهن، خصوصا انه لم يتبق سوى يومين لانتهاء المهلة الممنوحة له لتشكيلها. ويمنح القانون الاساسي الدستور الموقت رئيس الحكومة مهلة ثلاثة اسابيع، يتم تجديدها الى اسبوعين اخرين لتشكيل الحكومة، وفي حال عجز عن ذلك يسند الرئيس المهمة الى شخص آخر. وكان ابو مازن انسحب غاضبا من اجتماع عقدته اللجنة المركزية لحركة "فتح" مساء السبت في رام الله في شأن سبل الخروج من الازمة. وجاء انسحاب ابو مازن احتجاجا على اصرار عرفات على عدم قبوله بترشيح دحلان، وفي المقابل تمسكه برفيق دربه هاني الحسن عضو اللجنة المركزية ل"فتح" وزيرا للداخلية، الامر الذي يرفضه أبو مازن. ولابقاء سيطرته على الاجهزة الامنية وقطع الطريق على أي وزير للداخلية، قرر عرفات تعيين الحسن مستشارا له لشؤون الامن القومي، كي تبقى سيطرته على الاجهزة وخيوطها، ولافشال مهمة وزير الداخلية، الذي سيعتمد عليه ابو مازن كثيرا في وقف ما يسميه "عسكرة الانتفاضة" تمهيدا للعودة الى طاولة المفاوضات من خلال "خريطة الطريق" المدعومة عالميا وعربيا.