جادة قباء.. مسار تاريخي يقصده آلاف الزوار    «التجارة» تحث على إنهاء طلبات السجل والأسماء التجارية قبل تحديث النظام في 27 رمضان    «سلمان للإغاثة» يختتم المشروع الطبي التطوعي لجراحة القلب المفتوح والقسطرة في محافظة عدن    أستراليا تقسو على إندونيسيا بخماسية في التصفيات المؤهلة لمونديال 2026    «سلمان للإغاثة» يوزّع 150 سلة غذائية في مدينة صوران بمحافظة حماة    هيئة العناية بالحرمين تعلن مواعيد الزيارة للروضة الشريفة بالمسجد النبوي    تجمع القصيم الصحي يدشّن خدمة فحص اعتلالات الشبكية باستخدام الذكاء الاصطناعي    القيادة تهنئ رئيس الجمهورية التونسية بذكرى استقلال بلاده    الصناعة تعالج 643 طلبًا للإعفاء الجمركي خلال شهر فبراير 2025    مختص ل "الرياض": مشكلة أسراب الطيور تؤرق خبراء سلامة الطيران والطيارين حول العالم    النفط يرتفع مع تصاعد التوترات وتوقعات قوية للطلب وتراجع الدولار الأمريكي    2062 ريالا أعلى متوسط إنفاق للسياحة بالأحساء    27% من تداولات الأسهم للمستثمرين الأجانب    سمو ⁧‫ولي العهد‬⁩ يستقبل أصحاب السمو أمراء المناطق بمناسبة اجتماعهم السنوي الثاني والثلاثين    "النقل" تواصل حملاتها وتحجز25 شاحنة أجنبية مخالفة    5 مدن استثمارية لإنتاج البن والتين    ولي العهد والرئيس الفرنسي يبحثان هاتفيًا تطورات الأحداث في المنطقة    الأخضر يختتم استعداداته لمواجهة الصين ضمن تصفيات كأس العالم    بعد اتصالات ترامب مع زيلينسكي وبوتين.. العالم يترقب النتائج.. محادثات أمريكية – روسية بالسعودية لإنهاء الحرب في أوكرانيا    تكريم الجغيمان بجائزة جستن    آل خضري وخضر يحتفلون بزواج فهد    بحضور مثقفين وشعراء وإعلاميين.. فنان العرب يشرف مأدبة سحور الحميدي    سحور عواجي يجمع أهل الفن والثقافة    قرار بمنع هيفاء وهبي من الغناء في مصر    السعودية تدين استهداف موكب الرئيس الصومالي    هدية من "مجمع الملك فهد".. مصاحف بطريقة برايل للمكفوفين ب"أريانة"    دشن مشروع الطريق الدائري الثاني بالعاصمة المقدسة.. نائب أمير مكة يطلع على خطط الجاهزية للعشر الأواخر    الولايات المتحدة تواصل عملياتها العسكرية ضد الحوثيين    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. وصول التوأم الطفيلي المصري إلى الرياض    طاش مديراً تنفيذياً للمدينة الطبية    اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية والإسلامية الاستثنائية المشتركة بشأن التطورات في قطاع غزة تدين وتستنكر الغارات الإسرائيلية على غزة    مشروع "إفطار الصائم" في بيش يستهدف أكثر من 800 صائم يوميًا من الجاليات المسلمة    مستشار خادم الحرمين يزور المعرض الرمضاني الأول بمدينة الرياض    رينارد: مرتدات الصين تقلقني    "عائشة" تعود لأحضان أسرتها بعد 100 يوم من الغياب    "الصحة" تعلن نتائج النسخة الأولى من الدوري السعودي للمشي دوري "امش 30"    ‏⁧‫#نائب_أمير_منطقة_جازان‬⁩ يستقبل مدير فرع هيئة حقوق الإنسان بجازان المعيَّن حديثًا    أخضر الشاطئية يفتتح مشواره الآسيوي بمواجهة الصين    بطولة غرب آسيا .. الأخضر الأولمبي يخسر أمام عمان بهدف    حرائق الغابات والأعاصير تهدد وسط الولايات المتحدة    جامعة خالد تُطلق معرضها القرآني الرمضاني الأول    نائب أمير جازان يقلّد مساعد قائد حرس الحدود بالمنطقة رتبته الجديدة    برامج ( ارفى ) التوعوية عن التصلب تصل لمليون و800 الف شخص    رمضان في العالم صلوات وتراويح وبهجة    القوات الخاصة لأمن الطرق.. أمان وتنظيم لرحلة إيمانية ميسرة    ممتاز الطائرة : مواجهة حاسمة تجمع الاتحاد والنصر .. والخليج يلاقي الهلال    رمضان في جازان.. تراث وتنافس وألعاب شعبية    7800 مستفيد من المناشط الدعوية بمسجد قباء    جامعة الملك سعود تُطلق مبادرة لاستقطاب طلبة الدراسات العليا المتميزين    مكافآت طلاب عسير 28 من كل شهر ميلادي    2611 بلاغا وحالة إسعافية بجازان    دمت خفاقاً.. يا علمنا السعودي    مباحثات أمريكية - روسية فنية في الرياض بشأن الحرب بأوكرانيا    رئيس الوزراء الباكستاني يصل إلى جدة    وزير الداخلية يرأس الاجتماع السنوي ال32 لأمراء المناطق    "الحياة الفطرية": لا صحة لإطلاق ذئاب عربية في شقراء    رأس الاجتماع السنوي لأمراء المناطق.. وزير الداخلية: التوجيهات الكريمة تقضي بحفظ الأمن وتيسير أمور المواطنين والمقيمين والزائرين    دعوات ومقاعد خاصة لمصابي الحد الجنوبي في أجاويد 3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أول الغيث ... وآخره
نشر في الحياة يوم 20 - 04 - 2003

بعدما تبدد كثير من غبار الحرب على العراق، من دون حل ألغازها، انقشعت صورة لا تسرّ واشنطن ولا "تكافئ" انتصارها الساحق على نظام الرئيس صدام حسين، فيما لا تزال ربما في بداية حرب أخرى مع المقاومين.
خمس لاءات اقليمية في وجه أميركا، وسادسة من العراق حيث وضع مئات الآلاف من البشر الخارجين للتو من السجن الكبير، المحتل "المنتصر" وصدام المهزوم في كفة واحدة... باستثناء اعطاء قوات الغزو "مهلة" قصيرة لترك العراق لأهله. وبعدما تبين ان قلة منهم استقبلت الأميركيين بالورود والابتسامات ورايات النصر، توحد أهل بغداد والنجف وكربلاء وراء "لا للاحتلال"، فيما الديموقراطية الموعودة الآتية على رماح "المارينز" مطعون فيها، بمقدار ما تكشف ذاك المحيط الواسع من الأمواج، ما بين ليبرالية الغرب واقتناع ملايين في ذلك البلد الخارج من القمقم بأن الخيار ليس بين "البعث" والقيم الأميركية.
كانت تلك مفاجأة غير سارة للرئيس جورج بوش، وربما لكثيرين في المنطقة فوجئوا بمد اسلامي عارم في بلد لم يعرف على مدى ثلاثة عقود إلا الخوف، والصمت خوفاً من الثمن. ولأن الولايات المتحدة لا تستطيع اتهام الذين هتفوا في بغداد ضد صدام وبوش على مرأى من "المارينز"، بالأصولية والتطرف، يتضح كم من الأيام العسيرة تنتظر قوات الاحتلال في العراق... إلا إذا قرر الرئيس الأميركي فجأة أن يوقف مهزلة توزيع غنائم الحرب، والأهم أن يتخلى عن مشاريع زمرة في البنتاغون بزت الليكود في السباق الى تحقيق الأحلام الخبيثة لاسرائيل، تحت غطاء ضمان أمن المواطن الأميركي ومصالح الولايات المتحدة.
في المؤتمر الاقليمي في الرياض، كانت حاضرة حمم الحرب وروائح القنابل والبارود، وهواجس المصير المجهول للعراق الذي يجاور دولاً لبعضها هواجس كثيرة إزاء المشاريع الأميركية للمنطقة، وشكل الحكم الجديد في بغداد الذي لن يحتمل اختباراً واحداً قاسياً للمغامرة بوحدة البلد. وليس من شأن خروج الاسلاميين الى الشارع العراقي إثارة مخاوف الجيران، اذا احتكم الذين اكتووا بنار الحروب وقبضة الحزب الواحد، الى العقل وحكمة التعايش مع الآخر، بدلاً من السقوط في فخ "كانتونات" يحميها الاحتلال كقوة "ردع" اذا استشرت نار الفتنة العرقية أو المذهبية.
ولأن فضائح غنائم الحرب كانت حاضرة بقوة في المؤتمر الاقليمي، رددت صداها في لاء كبيرة تذكّر بما اطلق عليه عملية "سطو مسلح" في العراق. وإلا ما معنى التذكير بمبدأ ركن في القانون الدولي لا يبيح لأي قوة احتلال استغلال ثروات البلد المحتل؟ ولا ترضي المنتصر أيضاً اللاءات الأخرى، لأن رسم مستقبل بلد بمشيئته لن يصمد بمجرد خروج جحافله من الموصل والبصرة وبغداد وتكريت أيضاً. كما أن التمسك بدور جوهري يتجاوز "المضادات الحيوية" للأمم المتحدة، وترك تحديد مصير العراق لشعبه، ورفض التلويح بدور لسورية في خطط الغزو ولوائحه... كل ذلك لن "يكافئ" بوش على ما فعل، وكثير منه لم يُعرف بعد، لكنه بالتأكيد مفجع، لأن لأي حرب مآسيها، والتاريخ وحده هو المنصف، للمنتصر على الغير وعلى الذات.
ولكن هل تكفي اللاءات الخمس لضمان استقرار المنطقة، ان لم يقل مصالح العراق وجيرانه؟ دون ذلك أشواط كثيرة، وعسيرة، خصوصاً لأن واشنطن لا تصغي إلا لهدير القاذفات والأساطيل، ولو فعلت ربما ما كانت حرب. ودون ذلك ايضاً ليس فقط اختبار تاريخي للعراقيين - وليس لوطنيتهم - في اجتراح لغة خاصة لنزع مخالب الاحتلال واختزال أيامه، بحرب على الذات والفتن لانقاذ وطن.
أما وراء الحدود فلا تعني اللاءات احباط مشاريع أصوليي البنتاغون، ولا حتى تبديد الخلافات بين دول مثل ايران وتركيا... الأولى المتهمة بدس أصابع خوفاً من فقدان مرجعية دينية لدى شيعة العراق، والثانية التي مهما فعلت لن تبدد الشبهات بأطماع لها في نفط كركوك والموصل، تتسلل وراء التلويح بورقة حقوق التركمان والخوف من مشاريع الأكراد.
ولعل أبرز ما لم يُقل علناً في المؤتمر الاقليمي، ان معظم دول الجوار التي لم تستوعب بعد صدمة زلزال الحرب، يجمعها قلق من تسلل الأصابع الاسرائيلية الى قلب العراق، تحت ستار عقود الإعمار. وهل ما يمنع تدفق عشرات الخبراء الاسرائيليين ومعهم الجواسيس، الى بلاد ما بين النهرين، تحت علَم تأهيل العراقيين وتدريبهم؟... تحت البنادق الأميركية.
أليست مفارقة ان ما فشلت فيه الدولة العبرية لاختراق منطقة الخليج، تحت رايات سلام مدريد، يكاد أن يصبح حقيقة قريباً، تحت علم "تحرير" العراقيين؟
... أول الغيث أسود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.