هل يترك الصحافي والاعلامي المعروف عماد الدين اديب مسؤولية قنوات الاوربت الفضائية للاشراف على قناة فضائية جديدة تطلقها وزارة الثقافة المصرية؟ هذا هو السؤال الذي شغل اوساطاً ثقافية واعلامية في مصر بعد تقرير نشرته اخيرا ًصحيفة "القاهرة" التي تصدرها الوزارة، إذ اشارت الى ان اديب هو احد ابرز المرشحين لرئاسة القناة التي ستحمل ايضاً اسم "القاهرة" وتبدأ بثها التجريبي خلال كانون الأوّل ديسمبر المقبل. وقبل اديب ترددت اسماء اخرى لرئاسة القناة من بينها محمد غنيم الرئيس السابق لقطاع العلاقات الثقافية الخارجية والذي يعمل الآن مستشار لوزير الثقافة المصري فضلاً عن مسؤولية ملف انشاء المتحف المصري الجديد. وفي فترة سابقة راجت اشاعات أخرى عن احتمال تولي الكاتب سمير غريب مسؤلية القناة، وذلك قبل ان تسند اليه مهمة ادارة الاكاديمية المصرية في روما. وبعيداً من التكهنات المرتبطة باسم رئيس القناة، اثيرت أسئلة اخرى عن صدقية الخبر ذاته خصوصاً ان وزارة الثقافة المصرية سبق لها ان اعلنت نيتها في تأسيس قناة ثقافية منذ ان اطلقت وزارة الاعلام المصرية قبل سنوات على القمر الاصطناعي المصري "نيل سات" مجموعة من القنوات الخدمية المتخصصة بالتنسيق بين وزارة الاعلام ووزارات التعليم والبحث العلمي والصحة، غير ان تأخر عملية اطلاق القناة الثقافية التي تتولاها وزارة الثقافة ساعد على رواج مجموعة من الشائعات تؤكد ان سبب التأخير يعود بالاساس الى توتر العلاقة بين صفوت الشريف وزير الاعلام المصري والرجل القوي في الحكومة وزميله فاروق حسني وزير الثقافة الذي عبر اكثر من مرة عن شكواه من تجاهل اجهزة الاعلام نشاطات وزارته. واكثر من ذلك حمل تلك الاجهزة مسؤولية حصار هذه النشاطات وابقاءها في محيط النخبة محدودة التأثير. وساعد على رواج تلك الشائعات مجموعة من العوامل ابرزها اصرار وزارة الاعلام على اطلاق قناة "النيل" الثقافية ثم اطلاق قناة أخرى تدور في الفلك نفسه وتعالج القضايا نفسها لكنها تحمل اسم "قناة التنوير". على رغم سنوات من العمل على القمر "نيل سات"، لا تحظى القناتان بنسب مشاهدة عالية حتى في اوساط المثقفين الذين صدمهم اختيار المذيع جمال الشاعر لرئاسة "الثقافية"، وخاب ظنهم في الشاعر ماجد يوسف الذي عين رئيساً ل"قناة التنوير". وعلى رغم ذلك طالبوا اكثر من مرة بالغاء تشفير القناتين وبث موادهما على القنوات الارضية وهو المطلب الذي قوبل مرة بالتجاهل ومرات بالتردد بخاصة بعد أن اوقفت وزارة الاعلام تجربة كانت بدأتها في بث مجموعة من برامج القناة الثقافية على القناة الخامسة التي تبث برامجها ضمن باقة المحطات الارضية المصرية. ويبدو ان وزارة الثقافة المصرية التي اختارت خوض تجربة اطلاق قناة فضائية بعد ثلاث سنوات من تجربتها في اصدار صحيفة اسبوعية ارادت ان تعطي المشروع صيغة ربحية تؤكد جديتها إذ لن تتحمل الوزارة وفقاً لما نشرته صحيفة "القاهرة" اي اعباء في تأسيس القناة، وستعتمد على صيغة قانونية تسمح لها بتأسيس شركة للقناة تطرح اسهمها في البورصة المصرية للاكتتاب العام. ومن المرجح كذلك ان تبدأ القناة بث موادها بالمجان لعدة شهور ثم تخضع لعملية تشفير، وهي لا شك مغامرة بالقياس الى ما يتردد عن تراجع نسب مشاهدة البرامج الثقافية في القنوات العربية. غير ان الوزارة تراهن على امكانات قطاعاتها المختلفة، فضلاً عن تعاونها مع قنوات عالمية لها خبرة في المجال ذاته ومنها قناة "ناشيونال غرافيك الاميركية" وقناة "الارتيه" الفرنسية. وعلى مستوى الاستوديوات والامكانات التكنولوجية تنوي الوزارة استغلال بلاتوات واستوديوات اكاديمية الفنون. أما برامج القناة وموادها الفنية فستعتمد بالاساس على انتاج قطاعات مثل الفنون الشعبية بفرقها المختلفة والسيرك القومي والمسرح والاوبرا المتضمنة للكثير من المواد الترفيهية والتشويقية التي ستخضع لعملية احتكار كاملة من قناة القاهرة التي ستتولى كذلك مسؤولية التصدي لانتاج عروض سينمائية ومسرحية. وكانت الوزارة نجحت عبر السنوات السابقة في تسويق الكثير من العروض الفنية لهذه القطاعات بخاصة عروض المسرح القومي والاوبرا التي يتولى رئيسها الدكتور سمير فرج الآن مسؤولية اعداد الكوادر الادارية للقناة التي يجهز لها مقر اداري داخل حرم دار الأوبرا المصرية، فيما تجرى مفاوضات مع شخصيات اعلامية وثقافية بارزة لدعم القناة بالخبرة الفنية اللازمة والسؤال الآن هل تنجح وزارة الثقافة المصرية في الرهان الصعب وتتجاوز بطموحها "الفضائي" حدود افقها البيروقراطي أم ستعيش قناتها الجديدة حال التثاؤب نفسها التي تعيشها القنوات التي تدعمها وزارات مصرية اخرى؟ وأخيراً، هل سيضحي عماد الدين أديب بالنجاح الذي حققه في "الأوربت" ويراهن على مصير مجهول ينتظر قناة "القاهرة"؟