عززت تصريحات أدلى بها مسؤولون اميركيون واسرائيليون شكوك السلطة الفلسطينية في شأن جدية موقف الادارة الاميركية في ما يتعلق بتنفيذ خطة "خريطة الطريق" وصولا الى حل النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي عن طريق المفاوضات، في الوقت الذي سربت فيه احدى الصحف الاسرائيلية بعضا من الشروط الاميركية لتقديم مساعدات لاسرائيل، وتتناول عناصر غير ذات صلة بالقضايا الجوهرية في الخطة. أعلن مسؤولون في السلطة الفلسطينية لليوم الثاني على التوالي خشيتهم من ان تكون تصريحات الادارة الاميركية ووعودها التي اطلقتها في شأن تنفيذ "خريطة الطريق"، مجرد "مسكنات" لا تحمل في طياتها اي جدية في الموقف الاميركي. وبعد ان وصف وزير الثقافة والاعلام ياسر عبدربه هذه الوعود بأنها "للتخدير"، أعرب وزير الحكم المحلي الدكتور صائب عريقات عن قلقه من ألا تتجاوز هذه التصريحات حدود اعطاء "مسكنات". وقال في رده على كلمة وزير الخارجية الاميركي كولن باول امام مؤتمر اتحاد الجمعيات اليهودية في اميركا فجر امس، انه لا يمكن الحديث عن السلام من دون وقف الحرب على العراق. واضاف للاذاعة الفلسطينية انه لا يمكن الحديث عن تطبيق قرارات الشرعية الدولية فيما تنتهك فيه هذه الشرعية في العراق. وكان باول اعلن بوضوح ان الحرب التي تقودها الولاياتالمتحدة على العراق من اجل اسرائيل، قائلاً: سنزيل التهديد الذي تشكله اسلحة الدمار الشامل على اسرائيل والشرق الاوسط". وقال امام زعماء اللوبي اليهودي في الولاياتالمتحدة بمشاركة وزير الخارجية الاسرائيلي سلفان شالوم: "جميعنا ملتزم تحقيق الازدهار والامن لاسرائيل، اميركا ملتزمة منذ اقامة دولة اسرائيل بذلك... يجب ألا ننسى انه عندما نعالج صدام حسين، فإن ذلك سيترك تأثيره على إسرائيل ايضا". وفي الشأن الفلسطيني - الاسرائيلي، اكد باول مجددا ضرورة ان "يتخلى الفلسطينيون عن العنف كوسيلة للوصول الى اهدافهم السياسية"، مشيرا على استحياء الى ان المستوطنات "لا تتناسق مع رؤية الرئيس جورج بوش الخاصة المبنية على اساس دولتين لشعبين". وبالتوازي، قال شالوم: "اننا نصلي من اجل سلامة قوات التحالف في الحرب"، ملمحا الى التنسيق بين تل ابيب وواشنطن في شأن الحرب على العراق، قائلا: "عملنا سوية مع الادارة الاميركية كي نسيطر على التهديدات المتربصة باسرائيل". ووصف تعيين محمود عباس ابو مازن رئيسا للوزراء بأنه "خطوة في الاتجاه الصحيح"، مشترطا مع ذلك ان يحارب ابو مازن العمليات المسلحة والتحريض ليجد "شركاء حقيقيين" في الجانب الاسرائيلي. شروط اميركا لمساعدات اسرائيل وكشفت صحيفة "معاريف" العبرية امس ان شالوم واقطاب الادارة الاميركية بحثوا في الايام الثلاثة الاخيرة ما اسمته "الشروط السياسية والاقتصادية لتقديم المساعدات لاسرائيل". واشارت الصحيفة الى ان الولاياتالمتحدة ستطالب اسرائيل بإخلاء عشرات البؤر الاستيطانية الصغيرة التي اقامها المستوطنون في الضفة الغربية على مدى السنتين الماضيتين وان تقوم اسرائيل "بكبح جماح" البناء الاستيطاني في المستوطنات، من دون الاشارة الى "تجميده المطلق" كما ورد في خطة "خريطة الطريق". ومن بين "الشروط" ايضا ان تضاعف الحكومة الاسرائيلية المبلغ الذي تنقله منذ بداية العام الى السلطة الفلسطينية من الاموال المستحقة من عائدات الضرائب على البضائع، واعادة بطاقات المرور للشخصيات الفلسطينية، بمن فيها اعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني و"تخفيف" حدة الحصار الداخلي المفروض بين المدن والقرى الفلسطينية في مناطق أ وب التي من المفروض ان تكون تحت سيطرة السلطة الفلسطينية والواقعة الان تحت احتلال عسكري اسرائيلي منذ سنة كاملة. واشارت الى ان الاميركيين "اظهروا حسا نقديا" ضد التوسع الاستيطاني في بعض المستوطنات مثل مستوطنة ابو غنيم هارحوما وفي محيط المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم وفي الخليل والمستوطنة الجديدة في حي رأس العامود في القدس. وكشفت الصحيفة ان الاتصالات بين المسؤولين الفلسطينيين وشخصيات اسرائيلية جرت على مدى الاسبوعين الماضيين بعلم من رئيس الوزراء الاسرائيلي. وجرت الاتصالات بين وزير الخارجية الاسرائيلي السابق وأحد مساعديه السابقين آفي غيل ويورام دوري مع رئيس المجلس التشريعي احمد قريع. وفي ما وصف فلسطينيا بأنه "تناغم وتطابق" في المواقف بين الحكومة الاسرائيلية والادارة الاميركية، ألمح رئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون امس امام اعضاء لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست الاسرائيلية الى نيته إزالة "المواقع الاستيطانية غير القانونية". واعتبر المحللون الاسرائيليون هذا التمليح مؤشرا الى مستوى "التفاهم" بين شارون وبوش لتفادي الخوض في آليات تنفيذ استحقاقات اسرائيل الجوهرية الواردة في "خريطة الطريق"، في مقابل ايماءات ثانوية تشكل في المحصلة النهائية غطاء لتراجع الادارة الاميركية عن تعهداتها لباقي اعضاء اللجنة الرباعية اولا وللفلسطينيين ثانيا عن البدء الفوري بتنفيذ هذه الخطة.