قال وزير الداخلية الفرنسي نيكول ساركوزي ان العلمانية المعتمدة في فرنسا "ليست ولن تكون إنكاراً للدين"، وان ممارسة مسلمي فرنسا شعائرهم الدينية بالانسجام مع قيم التسامح السائدة في الجمهورية "هي من الحقوق التي لا يمكن انكارها". وجاء ذلك في كلمة ألقاها ساركوزي امس، في ختام المؤتمر السنوي للفيديرالية العامة لمسلمي فرنسا الذي عقد على مدى اليومين الماضيين في باريس وانتهى الى إقرار مشاركة الفيديرالية ممثلة برئيسها محمد البشاري في تكوين المجلس الفرنسي للجالية المسلمة ودعم الانتخابات التي ستجرى في فرنسا في 6 و13 نيسان ابريل المقبل لاختيار اعضاء المجلس. وأشار ساركوزي الى ان العلمانية لا تعني التفريق بين المواطنين وفقاً لانتمائهم الديني، بل تشكل مفهوماً ايجابياً يقضي ب"ضمان حقوق متساوية للأديان كافة". وتوقف عند الانقسامات المتعددة القائمة في أوساط مسلمي فرنسا، مؤكداً ان تجاهلها لا يسدي خدمة للإسلام، وان التزامه العمل على انشاء المجلس الفرنسي للجالية المسلمة، مرده قناعته بأن هذه الانقسامات ينبغي الا تحول دون توفير هيئة للمسلمين، تمثلهم ليكون هناك "إسلام فرنسي وليس إسلاماً في فرنسا". ورأى ان إنشاء المجلس سيكون بمثابة انتصار للمسلمين، خصوصاً ان هناك فئة من الفرنسيين "تجهل الإسلام، وجهلها هذا يدفعها للتخوّف منه، وانه لا بد من معالجة التخوّف بالمعرفة لتأمين التسامح، وان للمجلس دوراً يلعبه على هذا الصعيد كونه سيتحدث من الآن فصاعداً باسم المسلمين. وأضاف ان المسلمين من جانبهم يعانون من نظرة البعض اليهم، "فيرون انهم مسلمون عبر هذه النظرات"، معتبراً ان الحوار ضروري على مستوى المجلس المقبل وعلى مستوى الهيئات المحلية لتغيير هذه النظرة. وأكد ضرورة انشاء مؤسسة لاعداد أئمة فرنسيين بدل الاستعانة بأئمة من الخارج غير مطلعين على أوضاع فرنسا وعلى طبيعة مؤسساتها. ودعا ساركوزي المسلمين الى تجنب خطر السقوط في "موقع الضحية الدائمة لأنه يؤدي الى التقوقع والعزلة المسيئة للإسلام وللجمهورية". وكان البشاري اكد في مداخلته امام المؤتمر اهمية "الحوار البناء" و"احلال العقل محل العاطفة" للنجاح "في إحلال سلام اجتماعي وتعايش دائم". وأشار الى ان التهديدات بالحرب على العراق تثير قلقاً بالغاً لدى مسلمي فرنسا، الذين لمسوا بارتياح "انهم هذه المرة ليسوا في موقع الأقلية المعارضة لمنطق الحرب" وأنهم "على انسجام مع الرأي العام الدولي الذي يتمسك بمنطق الحق ويغلِّبه على منطق القوة ومنطق التفاوض على منطق العدوان" وأن هذا الموقف "تغذى بالشجاعة ووضوح الرؤية التي أبداها الرئيس الفرنسي جاك شيراك". كما تحدث وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي أحمد توفيق الذي رأى ان التجربة التي تشهدها فرنسا حالياً لتنظيم صفوف مسلميها، معدَّة في شكل جيد وستؤدي النتائج المتوقعة منها. وحضرت الجلسة الختامية شخصيات عدة فرنسية وعربية، منها وزير الداخلية السابق بيار جوكس وسفير المغرب حسن بو أيوب ومندوبو المنظمات التابعة للفيديرالية المسلمة والموزعة على مختلف المناطق الفرنسية.