العراقيون باستثناء المنتفعين والمغرّر بهم، يكرهون صدام حسين ونظامه، ويتمنون زوالهما فوراً، وهم، لا يحبون الولاياتالمتحدة الاميركية، ويعارضون غزوها واحتلالها لبلدهم، ويتمنون ألاّ يحدث هذان، وهم في الوقت نفسه، وبكل المرارة يعرفون انه لا يمكن ان يُزال صدام ونظامه الا بحرب تخوضها أميركا، أو تقودها ضدّه. فقد حاولوا أزالتهما وحدهم مراراً، وفشلوا في كل محاولاتهم بعد ان دفعوا أغلى الأثمان. هذه هي "الفزّورة" الأولى ، فما الحلّ؟ والفلسطينيون يكرهون عرفات بإجماع لم يشذ عنه الا أقل من القليل، هم المستفيدون والمخدوعون والأدعياء، ويتمنون غيابه هو وسلطته الفاسدة، وهم، من دون استثناء يمقتون شارون، ويشمئزون من ماضيه الدموي وحاضره الأكثر دموية، ويمقتون كذلك اسرائيل كدولة مغتصبة، والصهاينة كشعب محتل، ويعارضون كل ما يسعى العدو الى تحقيقه، وفي مقدم ذلك ما يظهره من الاصرار على اطاحة عرفات، وأركان حكمه. وليست معارضة الفلسطينيين لاسرائيل، في هذه القضية بالذات، نابعة من حبهم لعرفات، أو لأنه يقف في مقدم المجاهدين الذين يسميهم الكيان الصهيوني ب"الارهابيين"، أو لأنه يحرّض الفدائيين على الثبات في مقاتلة الاسرائىليين، وفي سعيهم للنيل من أمن اسرائيل، كما يزعم الاسرائيليون، بل لأنه لم يفِ بما توقعوه منه من الاستسلام العلني، الكامل الشامل الذي أرادوه وفي الوقت الذي حددوه. والفلسطينيون، في هذا السياق، يدركون جيداً أنهم لم يستطيعوا من قبل، ولا يستطيعون الآن، ولن يستطيعوا في المستقبل، إزالة عرفات ومجموعته المتسلطة، منفردين، لأسباب خارجية وداخلية كثيرة. ويعرفون ان ليس كل ما يتمنى المرء يدركه، وان الرياح تجري حالياً بما لا تشتهي السفن. وهذه هي "الفزورة" الثانية، في الحل؟ بداية، هاتان "الفزورتان" تذكراني بقصة من دعا ضيفه الى وليمة، ووضع أمامه بين ما وضع رغيفاً كاملاً ونصف رغيف، وقال له: "مكسور لا تأكل وصحيح لا تكسر وكل الى ان تشبع". على كل حال، جائزة من يجيب عن "الفزورة" المجموعة الكاملة لمؤلفات ومقالات وأحاديث وتوجيهات القائد المؤسس، ميشيل عفلق، الى روايات رئيس النظام صدام حسين الأدبية التي ألفها في السنوات الاخيرة، تسلّم جميعاً للفائزين في احتفال عام. أما جائزة من يجيب عن "الفزورة" الثانية فهي ألف قبلة متلفزة مع القبلات العرفاتية الساخنة على خدّي الفائر العاثر، وألف حضن مماثل مصوّر من أحضانه اياها تنهمر على جسم المحضون المنتصر. وآخر موعد لقبول الاجابات عن "الفزورة" الأولى هو موعد الطلقة الأولى من الحرب الأميركية - البريطانية المزمعة على العراق، وعن الفزورة الثانية هو الجلسة التفاوضية الاستسلامية الأولى بين عرفات أو خليفته وبين شارون، إن حدثت. الرياض - د. عبدالكريم محمد الأسعد أستاذ جامعي متقاعد