سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المقاومة في العراق والموقفان التركي والايراني تعطي دفعاً لموقف دمشق السياسي . دعوة سورية الى "انسحاب الغزاة" وتحرك الأمم المتحدة مقدمة لتحرك عربي يطرح مشروعاً "جديداً" على مجلس الأمن ؟
أنباء المقاومة العراقية في مدينة ام قصر، وفي مناطق أخرى عراقية، وردود الفعل الشعبية في عدد من العواصم العربية والدولية ضد الحرب، والتي يتوقع أن تزداد بعد ما بُثَ من مشاهد المجزرة التي ألحقها القصف الأميركي بالمدنيين في مدينة البصرة، أعطت دفعاً للموقف السياسي السوري الذي تتصاعد لهجته إزاء الولاياتالمتحدة وبريطانيا، كما عبّر عنه بيان "الجبهة الوطنية التقدمية" أول من أمس، بعد اجتماعها برئاسة الرئيس السوري بشار الأسد. وكانت دمشق رفعت لهجتها ضد الحرب في البيان، فإضافة الى "إدانة العدوان الوحشي وتأكيد مخالفته الشرعية الدولية"، كان لافتاً دعوة الجبهة الأممالمتحدة الى "أن تأخذ دورها في معالجة هذا الوضع الخطير" ومطالبتها ب"وقف الحرب فوراً وانسحاب القوات الغازية من العراق" وهي دعوة تصدر للمرة الأولى منذ بداية العمليات العسكرية ضد العراق فجر الخميس الماضي. كما كان لافتاً انه لم تمض ساعات على صدور البيان حتى قدمت بعثة العراق لدى الأممالمتحدة طلباً الى المنظمة الدولية ومجلس الأمن بالتحرك لوقف الحرب ليل السبت بالتوقيت المحلي "فوراً" وإدانة العدوان الجبان" وتقول أوساط مطلعة في دمشق أن المقاومة العراقية للعدوان تغيّر الصورة لدى بعض العرب، "فدرجة الغرور لدى الأميركيين بأن اجتياح العراق سيكون مثل نزهة من دون مقاومة، خلقت وهماً عند بعض العرب بالقدرة الأميركية التي لا تقهر، في وقت برهنت الأحداث من دون التقليل من أهمية هذه القدرة أن القتال على الأرض غير القتال من الجو". ويعيد المسؤولون السوريون بناء لهذه التقديرات، تأكيد إحدى ثوابت الموقف الخارجي، أي وجوب العودة الى الأممالمتحدة، وهو ما شدد عليه وزير الإعلام عدنان عمران في تصريحات الى محطات فضائية قائلاً ان "لا بد من ذلك خصوصاً أن من يتصرف على انه خرج عن الشرعية الدولية سيكون كمن قام بعمل غير مشروع يؤدي الى شعوره بثقل المسؤولية التي يحمّله إياها المجتمع، نظراً الى أن ما قام به من خرق للقانون، لا يمكن ان ينجو به من دون العودة عن الخطأ". وترى أوساط مطلعة في دمشق أنه لو اخذ جميع القادة العرب قرار قمة شرم الشيخ برفض الحرب ورفض المشاركة فيها بما في تقديم التسهيلات على محمل الجد، لكان الوضع الآن افضل. وتعتقد هذه المصادر ان الجدية كانت تقتضي آلية عملية تمكّن من ظهور حال دولية ضاغطة لمنع الحرب، وبدلاً من ذلك فإن بعض أعضاء لجنة الاتصال الوزارية المنبثقة من القمة العربية، استعجل الذهاب الى بغداد بدلا من الاتصال برؤساء الدول لتشكيل جبهة واسعة ضد الحرب. وثمة شعور في العاصمة السورية بأن أسوأ شيء هو ان يصدر عن مجلس وزراء الخارجية العرب قرار تقليدي، "يبقى حبراً" على ورق، من دون آلية لترجمته عملياً إلى خطوات، فالمواطن العربي سيدين أيضاً قراراً كهذا". وفي رأي مصادر مطلعة أن هناك وضعاً جديداً أمام وزراء الخارجية المجتمعين في القاهرة، ليس فقط بسبب المقاومة العراقية، بل لأن هناك حالاً من الإحراج عند بعض الدول العربية أمام وقائع العدوان الأميركي- البريطاني. وهو اتخذ بعض الموقف في وقت كانت الأمور نظرية، اما الآن فهناك ارض عربية تُحتل بقسوة وضراوة، فضلاً عن ان الاعتقاد بأن جبروت أميركا قدر لا مجال لتفاديه، ليس صحيحاً. فالصورة تشير الى وجود نية للسيطرة على مقدرات المنطقة بعد العراق. واعتبار بعض المسؤولين الأميركيين رئيس مجلس سياسات الدفاع ريتشارد بيرل أن الأممالمتحدة سقطت "يعني أن النفط العربي يمكن ألا يصبح عربياً، في غياب القانون الدولي والشرعية الدولية". وفي اعتقاد المصادر المطلعة أن "على الأممالمتحدة ان تضع يدها على القضية، وهي أصلاً مطروحة عليها وفق ميثاق المنظمة الدولية التي من حق أي عضو فيها ان يطرح عليها أي أمر يتسبب في توتر يمسّ السلام العالمي. يدفع ذلك الى طرح السؤال: هل الموقف السوري بإدانة العدوان والمطالبة ب"انسحاب الغزاة"، مقدمة لطرح القيام بتحرك دولي على مجلس وزراء الخارجية العرب، يؤدي الى طرح مشروع قرار على مجلس الأمن يدعو واشنطن الى الانسحاب، بعد أن يدين العدوان؟ وماذا يكون الموقف في حال مارست واشنطن ولندن هنا حق "الفيتو"؟ بعض المصادر المطلعة يرى فرصة أمام أميركا كي توقف الحرب، وتعود الى التوافق مع المجتمع الدولي. وفي انتظار أن تتبلور صورة أي تحرك عربي- دولي، علمت "الحياة" أن مشاورات مكثفة تجري هذا الأسبوع مع دول أوروبا في شأنه. لكن مراقبين يتحدثون عن وقائع اليوم الرابع للحرب بالإشارة الى الآتي: 1- الموقف التركي الذي واجه ضغوطاً كثيرة لتسهيل فتح الجبهة الشمالية لاحتلال العراق، والذي رفع الثمن المالي لتقديم التسهيلات، نظراً الى اعتقاد "حزب العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا بأن "الثمن الشعبي" لهذه التسهيلات سيكون كبيراً، وقد يسبب انشقاقاً في الحزب الذي فاز في الانتخابات نتيجة موقف حال أيديولوجية فرضت نفسها على احتمالات التنازل السياسي. فجمهور الحزب العريض ضد الحرب، والجيش يأخذ هذا الأمر في الاعتبار. 2- أن رئيس "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية" محمد باقر الحكيم أعلن في تصريحات تلفزيونية أن "فيلق بدر" التابع للمجلس المعارض لنظام الرئيس صدام حسين، لن يشارك الأميركيين القتال. وتفيد المعلومات ان السلطات الإيرانية أغلقت حدودها أمام قوات الفيلق، بعد دخول عدد قليل من هذه القوات التي كانت موجودة في إيران، الى الأراضي العراقية.