أعربت مصادر مطلعة عن اقتناعها بأن الحكومة العراقية ستوافق "في آخر لحظة" على عودة المفتشين الدوليين "في محاولة لنزع كل الذرائع" التي يمكن ان تستخدمها الادارة الاميركية لتوجيه ضربة عسكرية الى العراق. وكانت سورية تريثت في اعلان اي موقف رسمي من خطاب الرئيس جورج بوش امام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقالت المصادر ل"الحياة": "الموقف الرسمي هو التريث في انتظار توضيح عدد من الأمور في الخطاب. هناك الكثير من المواقف المكررة المتعلقة بتوجيه ضربة الى العراق والعدوان عليه. الجديد الوحيد هو اعطاء دور للأمم المتحدة، الامر الذي نرحب به باعتبار سورية من اكثر الداعين الى تعزيز دور المنظمة الدولية، لكن السؤال هو: أي دور للامم المتحدة". واستناداً الى قول مسؤولين اميركيين في وقت سابق ان "العراق سيُضرب سواء سمح بعودة المفتشين ام لم يسمح"، هناك خشية في سورية من ان لا تكون دعوة بوش مجلس الامن الى لعب دور سوى "غطاء لشرعنة العدوان على العراق، بالتالي فإن هذه المنظمة لن تكون سوى شاهد زور على العدوان". وكانت صحيفة "البعث" الناطقة باسم الحزب الحاكم في سورية كتبت الجمعة الماضي: "على رغم ان خطاب بوش تضمن الكثير من الانذارات الاخيرة شديدة اللهجة الى العراق، فإن الانذار الحقيقي كان موجها الى المنظمة الدولية العتيدة استناداً الى مبدأ "اما معنا وإما ضدنا" الذي اطلقه بوش بعد احداث 11ايلول سبتمبر الارهابية". واكدت المصادر ان "التوجه السوري هو منع العدوان لئلا يقع في أي ظرف على الشعب العراقي". لذلك فإن دمشق تنسق مع الدول العربية المعنية من جهة ومع العراق من جهة ثانية. وأبلغ مسؤول سوري رفيع المستوى "الحياة" ان السوريين حاولوا اقناع العراقيين خلال زيارة نائب الرئيس العراقي طه ياسين رمضان لدمشق ب"تقديم مشروع خطي عن رؤية العراق لعودة المفتشين، في اطار خطة شاملة لرفع الحصار". وهناك اعتقاد بأن العراق "سيوافق على عودة المفتشين في آخر لحظة لقطع الطريق على العدوان ونزع كل الذرائع من ايدي الولاياتالمتحدة"، بالتزامن مع حملة عربية تشمل قيام وفد من جامعة الدول العربية واعلاميين عرب واجانب وخبراء من دول صديقة مثل الهند وباكستان وفرنسا وجنوب افريقيا ب"مراقبة" اعمال المراقبين الدوليين في العراق. وقالت المصادر: ان "العرب معنيون بمنع العدوان ولا بد من تحصين اي خطوة في الاممالمتحدة لمنع استخدام اي قرار دولي لاغراض تكتيكية". ولا شك في ان "الاستنفار" السوري ضد توجيه أي ضربة عسكرية للعراق يستند الى مصالح سياسية، باعتبار العراق "عمقاً استراتيجياً" لسورية في مواجهة اسرائيل، ولأسباب قومية على اساس "الخشية من تقسيم العراق واقامة دولة كردية في شماله". واوضح مسؤول سوري ل"الحياة" ان موقف دمشق الآن يختلف عما كان عليه في حرب الخليج عام 1991 عندما شاركت في التحالف الدولي ضد العراق، لسبب اساسي هو ان العراق آنذاك كان يحتل الكويت، بالتالي فإن ميثاق الجامعة تطلب من كل الدول العربية الوقوف الى جانب الكويت. اما الآن، فلا ذنب للعراق سوى ان بعضهم يريد ضربه خدمة لاسرائيل". وعلمت "الحياة" ان رمضان طلب من المسؤولين السوريين خلال زيارته دمشق نهاية الشهر الماضي استخدام علاقاتها الديبلوماسية وخطابها السياسي لاستخدام مواد "ميثاق الدفاع العربي المشترك" وحشد الموقف العربي ضد العدوان على العراق. لكن "التفاهم" السوري - العراقي اسفر عن اتفاق على تضمين البيان الرسمي المشترك اعتبار "أي عدوان على دولة عربية عدواناً على الامة العربية"، اضافة الى التذكير باشارة بيان القمة العربية في بيروت الى المواثيق والقرارات العربية من دون ذكر "ميثاق الدفاع المشترك".