عاش ستون صحافياً من مختلف وسائل الاعلام الاجنبية بينهم بعض العرب ليلة اشاعات مرعبة عن اختفاء العديد من الصحافيين، وأمضوا ليل الأحد - الاثنين في العراء ينتظرون حلول الصباح بأسرع ما يمكن ليهربوا من منطقة صفوان... كان المدنيون العراقيون في منطقة الزبير طلبوا من الصحافيين مرافقتهم الى داخل المدينة بحجة "ان يروا قتلى وجرحى" وتورط في ذلك صحافيون كنديون فعبروا الى أحد أحياء الزبير فاستولى المدنيون على سيارتَي الصحافيين وحجزوهم في أحد المنازل حتى انقذتهم القوات البريطانية، وحين تجمع العديد من الصحافيين قرب نقطة سيطرة بريطانية مساء الأحد عند جسر صفوان اطلق اطلاق رصاص نحوهم فطلب البريطانيون منهم الانسحاب فوراً الى موقع عسكري في الصحراء حيث قضوا الليل في ظل حال طوارئ قصوى ممنوع عليهم استعمال هواتفهم الفضائية او إشعال أنوار سياراتهم أو حتى التدخين مخافة أن يرصد العراقيون موقعهم ويقصفوه. خلال هذا الانتظار كانت تسمع اصوات اطلاق نار مصدرها احياء في صفوان شرقاً وفي الزبير شمالاً، وافاد البريطانيون أن هناك مكامن عراقية مسلحة لا تظهر إلا في الليل. وعندما حلّ الصباح فرّ من فر عائداً الى الكويت وتسلل البعض من الصحافيين شرقاً باتجاه الناصرية. استطعنا ان نتسلل الى طريق الناصرية ظهر امس لاستطلاع تطورات الحرب الدائرة هناك. شاهدنا ناقلات دعم لوجستي اميركية ضخمة وعربات اسعاف بريطانية. وبعد نحو 50 كيلومتراً من صفوان شاهدنا آبار نفط في حقول الرميلة لا تزال مشتعلة. ولاحظنا وجوداً كثيفاً للقوات البريطانية في المنطقة وقيل لنا ان مهمتها تأمين حماية هذه الحقول. على جانب الطريق كان هناك العديد من مراكز الحماية والمراقبة العسكرية العراقية مضروبة او مهجورة، وعربات عسكرية عراقية قليلة بعضها متروك وبعض آخر معطل. ولكن شاهدنا أيضاً ناقلة جند اميركية مضروبة وقد تركها افرادها على الطريق وتركوا فيها كل شيء عدا اسلحتهم. كان بعض الاطفال الصغار يعبثون بمحتويات الناقلة باحثين عن شيء مفيد لهم. على الطريق كان هناك عدد قليل من المدنيين وعدد اقل من السيارات العراقية المدنية، وكان بعض المدنيين يرفعون اعلاماً بيضاء ليعلنوا للقوات الاميركية والبريطانية استسسلامهم، والغريب انه لم يكن احد يكترث لهم. شعرنا أمس ايضاً ان المواطنين العراقيين في صفوان والزبير أصبحوا أكثر تذمراً بسبب الأوضاع التي يعيشونها نتيجة نقص الأغذية، وباتوا عدائيين في اعتراضهم سيارات الصحافيين غير مبالين بمرور قوات أميركية. صرخ أحدهم قائلاً: "نريد طعاماً"، صرخ آخر: "إذا لم يعطونا الطعام والدواء سنهجم غداً على نقطة الحدود الكويتية". وكان عشرات الصغار العراقيين تجمهروا طوال يوم أمس أمام نقطة الحماية الكويتية عند مدخل الحدود المقابل لصفوان، حاول بعضهم التقدم باتجاه المركز لكنهم مُنعوا. أكمالنا السير نحو الناصرية، بوصولنا الى منطقة الخميسية، رنّت هواتفنا لنعرف من زملاء صحافيين سبقونا الى هناك أن معارك عنيفة تدور في الناصرية. عدنا ادراجنا الى المركز الحدودي الكويتي في أم قصر، لنقضي ليلتنا الثالثة. سألنا عما يجري في ام قصر العراقية. قال الجنود البريطانيون في المنطقة ان الوضع هادئ ولكن لم تتم السيطرة كلياً على المدينة أو تنظيفها من جيوب المقاومة. لا يزال الاميركيون حريصين على عدم التورط في دخول المدن وعلى الاكتفاء بمحاصرتها والتعامل من بعيد فقط مع المقاومات العراقية. وشاهدت "الحياة" ليل أمس تقدم أعداد كبيرة من القوات الكويتية المصحوبة بالدبابات على طول الساتر الترابي الذي يفصل بين الحدود العراقية - الكويتية. وذكر قائد عسكري كويتي إن السلطات الكويتية قررت نشر كتيبتين من الجيش الكويتي معززتين بخمسين دبابة على طول الحدود من أم قصر شرقاً حتى مثلث الحدود السعودية - الكويتية - العراقية.