في اطار التحضيرات العسكرية في شمال العراق استعداداً لمواجهة التطورات المتعلقة بالحرب الاميركية الوشيكة، علمت "الحياة" ان عدداً من المباني الرسمية في بلدة صلاح الدين التي يتخذها رئيس الحزب الديموقراطي الكردستاني مقراً له أخليت. وأفادت مصادر مطلعة ان الحزب أبلغ السكان أنه لا يمانع تركهم منازلهم في البلدة والتوجه نحو الجبال والمدن البعيدة. ولم تستبعد ان يكون الإخلاء جزءاً من خطوة هدفها التحضير لتحويل البلدة مقراً ميدانياً للقيادة العسكرية الاميركية التي ستتولى قيادة الوحدات في شمال العراق، ويتوقع دخولها فور موافقة البرلمان التركي على انتشارها انطلاقاً من الحدود التركية... أو من جبهة أخرى. وعلم ان قوات "البيشمركة" التابعة للحزب الديموقراطي ضاعفت حشودها على نقاط التماس مع الجيش العراقي خصوصاً في محور قوشتبا - اربيل، المؤدي الى مدينة كركوك. وفي هذا السياق استمرت عمليات النزوح من هذه المدينة النفطية، ووصل الى قوشتبا عدد من العائلات الكردية والمسيحية كلدانيون وأشوريون. وتزداد التوقعات هنا لاحتمال وقوع كركوك في حال من الفوضى اذا قررت الحكومة العراقية سحب جيشها ومؤسساتها منها، خصوصاً ان عدداً من اللاجئين منها يستعدون للعودة الى منازلهم التي اجبرهم النظام على تركها في السنوات السابقة ووطّن عائلات عربية فيها... وذلك على رغم المحاولات التي تبذلها الأحزاب الكردية لتحاشي وقوع مثل هذه التوقعات. على صعيد آخر، شهدت مدينة اربيل شمال العراق والقريبة من مدينتي الموصل وكركوك، حركة نزوح كثيفة باتجاه مدينة سوران القريبة من الحدود العراقية - الايرانية. ويعتبر اختيار النازحين الاكراد مدينة قريبة من ايران مؤشراً الى القلق الذي ينتابهم من أي دور تركي محتمل في الحرب الوشيكة. وعملية النزوح هذه هي أحد مظاهر الخوف الشديد الذي ينتاب الأكراد من احتمال استعمال النظام العراقي الأسلحة الكيماوية، اذ تمكن ملاحظة ازدياد مخاوف السكان مع اقتراب الحرب، من خلال عدد من المظاهر، فقد شاعت في أربيل تجارات عدة متعلقة بالوقاية من الأسلحة الكيماوية، ومنها ما ازدهر أخيراً من عمليات اتجار بخيام النايلون الخفيفة السهلة النقل، والتي يعتقد السكان بأنها تقيهم من المواد الكيماوية وتساعدهم على التنقل السريع في البراري والجبال. وتشهد مرافق مدينة اربيل ضعفاً في الاقبال من جانب من بقي من المواطنين، فالأسواق غاب عنها ازدحامها، وعمليات البيع والشراء شبه متوقفة، والمدارس شبه معطلة، بينما تقفر الشوارع بدءاً من ساعات الليل الأولى وتهدأ فيها الحركة.