من المرجح ان يقر المجلس التشريعي الفلسطيني بالقراءة الثالثة التعديلات التي ادخلها على القانون الاساسي في ما يتعلق باستحداث منصب رئيس الوزراء وصلاحياته. وقال رئيس ديوان الفتوى والتشريع في السلطة المستشار ابراهيم الدغمة ان المجلس سيدخل تعديلات "صياغية وشكلية" على التعديلات التي اقرها المجلس بالقراءتين الاولى والثانية في العاشر من الشهر الجاري. واوضح في حديث ل"الحياة" امس ان التعديلات التي يرغب الديوان بادخالها على القانون الجديد ليست جوهرية بل تتعلق بالصياغة والشكل، لافتا الى اجتماعه المقرر مع الرئيس ياسر عرفات ليل السبت - الاحد في مقره في مبنى المقاطعة في مدينة رام الله للبحث في هذه التعديلات. وكان عرفات احال على الدغمة الاسبوع الماضي التعديلات التي اقرها المجلس بالقراءتين الاولى والثانية على القانون الاساسي الدستور الموقت لدرسها وابداء الملاحظات عليها. وقال الدغمة: "درسنا التعديلات التي ادخلها المجلس التشريعي على القانون ووجدناها مناسبة واوصيت بقبولها لانه لا توجد ملاحظات جوهرية". وعلمت "الحياة" من مصادر فلسطينية مطلعة ان السلطة التنفيذية ترغب في اجراء تعديلات اضافية على التعديلات التي اقرها المجلس التشريعي توضح الحالات التي يعتبر فيها مجلس الوزراء ورئيس مجلس الوزراء مستقيلين، فضلا عن تعديلات اخرى صياغية. واضافت المصادر ان التعديلات المتوقعة تتعلق بوضع الحكومة في حال وفاة رئيس مجلس الوزراء، او سحب الثقة منه او سحب الثقة من مجلس الوزراء. وتتجه النية الى اعتبار رئيس الوزراء مستقيلا اذا استقالت الحكومة، والعكس صحيح، أي اعتبار الحكومة مستقيلة اذا استقال او أقيل رئيس الوزراء. وربما تجري تعديلات على المواد الثلاث 76 و77 و78 من التعديلات التي حصلت "الحياة" على نسخة منها، والتي تتعلق ب"حجب الثقة عن الحكومة" في الاتجاه المشار اليه آنفا. وكان المجلس اجرى تعديلات على المواد المتعلقة بمنصب "رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية" وانتخابه وشغور منصبه وصلاحياته واختياره رئيس مجلس الوزراء. وينحصر ذلك في المواد من 34 الى 45 من القانون، فيما تنحصر المواد المتعلقة برئيس الوزراء بين 62 الى 93. وتتناول المواد ال31 تحت عنوان "السلطة التنفيذية" تشكيل الحكومة والثقة بها واختصاصات رئيس الوزراء ومسؤولية واختصاصات مجلس الوزراء، وحجب الثقة عن الحكومة والذمة المالية لاعضائها ومخصصات رئيسها والوزراء، وقوات الامن والشرطة والادارة المحلية والادارة العامة، والمالية العامة. واذا اضيفت المواد ال 11 المتعلقة برئيس السلطة الى تلك المتعلقة بالسلطة التنفيذية يكون عدد المواد المستحدثة والمعدلة في القانون الاساسي 42 مادة. كما علمت "الحياة" ان عرفات يرغب في ان يكون مجلس الوزراء ورئيس المجلس ضمن مسؤوليات رئيس السلطة التنفيذية، اي رئيس السلطة الفلسطينية، وهو امر غير معمول به في التعديلات على القانون الاساسي، اذ هناك فصل بين السلطة التنفيذية ورئيس السلطة في حدود صلاحيات كل منهما التي نص عليها القانون. الى ذلك، توقع رئيس اللجنة القانونية في المجلس التشريعي عبد الكريم ابو صلاح ان يقر المجلس بالقراءة الثالثة في جلسة يعقدها غدا التعديلات النهائية على القانون الاساسي، بعد الاخذ بالتعديلات التي ترغب السلطة والرئيس عرفات بادخالها على القانون. وقال ل"الحياة" انه في حال صادق الرئيس على القانون بعد القراءة الثالثة مساء الاثنين، واصدار قراره بنشر القانون في الجريدة الرسمية، فانه سيكون بامكانه في اعقاب نشره ان يكلف محمود عباس ابو مازن بتشكيل الحكومة الجديدة. واذا تم هذا السيناريو كما هو متوقع، فان الحكومة ستكون اول حكومة في تاريخ الشعب الفلسطيني الحديث يقوم على تشكيلها قيادي غير عرفات الذي يتبوأ كل المواقع القيادية في فلسطين والسلطة الفلسطينية والقوات المسلحة واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، فضلا عن رئاسته حركة "فتح"، كبرى الفصائل الفلسطينية وعمود السلطة الفقري وحزبها الرئيس. وسيكون ذلك بمثابة كسب جولة في معركة "السحب التدريجي" لصلاحيات الرئيس عرفات الذي لا ترغب الادارة الاميركية واسرائيل في الحديث معه او الاتصال به، بل تهميشه، وفرض منطقهما في اصلاح السلطة الفلسطينية، تمهيدا لمرحلة مقبلة ربما يكون الحديث فيها عن مرحلة "ما بعد عرفات"، كما يجري الحديث الأن عن مرحلة ما بعد الرئيس العراقي صدام حسين.