أثار ارتفاع عدد جرائم قتل الزوجات بين المجندين الأميركيين العائدين من أفغانستان خلال العام الماضي اسئلة عن آثار الضغوط النفسية والجسدية التي يتعرض لها الجنود وانعكاساتها السلبية على مجتمعهم، ما طرح سؤالاً عن قابلية الاشخاص العاديين لحمل السلاح والتجنيد في جيوش نظامية. وأخطر الجرائم التي ارتكبها جنود في حق صديقاتهم أو زوجاتهم تلك التي وقعت في قاعدة "فورت براغ" في كارولينا الشمالية، ونسبت الى اضطرابات نفسية اصابت مرتكبيها الذين شاركوا في حرب أفغانستان. غير أن الأزمة النفسية التي يعيشها المحاربون الاميركيون تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم في مجتمع حضري ومنفتح، تصطدم فيه عوامل البعد "فداء للوطن" و"مكافحة الارهاب"، بالاستقلالية التي تعتاد عليها الزوجة في غياب زوجها. ست جرائم ارتكبها جنود في "فورت براغ" تدربوا على قتل العدو وانتهى بهم الأمر مجرمين انقضوا على زوجاتهم وسلبوهن حياتهن. وسجلت في القاعدة ايضاً حالات ضرب زوجات عدة. ومن الأمثلة على ذلك الرقيب جيم 36 عاماً وهو رجل مغرم بزوجته عاد من افغانستان الصيف الماضي ليتحول وحشاً يضربها كلما استشاط غضباً. الرجل اعترف في مقابلة صحافية أجرتها معه مجلة أوروبية بأنه يضربها منذ انخراطه في السلك العسكري قبل 10 سنوات، لكن عدائيته ازدادت بعد حرب افغانستان. ومن الجنود الذين اقدموا على قتل زوجاتهم في القاعدة نفسها، أربعة قاموا بجرائمهم في فترة لم تتجاوز ال6 أسابيع، اثنان منهم انتحرا بعد ذلك. وبينما ترى مصادر في وزارة الدفاع الأميركية ان نسبة العنف المنزلي في منازل العسكريين ليست اعلى منها في بيوت المدنيين، على رغم الضغوط الاعلى التي تحدق بالجنود، لم تصدر أي احصاءات عن نسبة ضحايا العنف في صفوف زوجات العسكريين الاميركيين. وجاء في احصاء اعدَّته الجمعية الوطنية لمناهضة العنف ضد النساء لعام 2002 في الولاياتالمتحدة أن 5،1 مليون امراة اميركية يتعرضن للضرب او القتل من ازواجهن او اصدقائهن، وكان عدد الحالات عام 1998 لا يتجاوز ال800 ألف حال. وأكثر من ثلثي النساء اللواتي تعرضن للقتل، سلبت حياتهن على ايدي ازواجهن وأصدقائهن او احد معارفهن. وبالنسبة إلى "فاييتفيل"، لا تفصل الشرطة بين سجلات الجرائم المدنية والعسكرية على اعتبار ان نسبتها لم تكن مرتفعة في السابق، متناسية أن الشباب موضوع البحث نزعتهم الجندية من منازلهم وأرسلتهم إلى أرض المعركة وتدربوا على ان يكونوا قتلة وجلادين، ثم أرسلوا إلى افغانستان للقيام بعملهم ويعودون إلى موطنهم على امل أن ينسوا بسهولة كل ما واجهوه. أولى الجرائم في تلك القاعدة ارتكبها في 11 حزيران يونيو 2002 الرقيب اول ريغوبرتو نييفيس، الجندي في الوحدة الخاصة الثالثة الذي أقدم على قتل زوجته تيريزا ثم انتحر بتصويبه المسدس الى رأسه وذلك بعد يومين فقط من عودته من افغانستان. وتلت ذلك جريمة قتل نفذها في 29 حزيران يونيو الرقيب ويليام رايت من كتيبة الشؤون المدنية ال96، إذ قام بعد شهر من عودته من أفغانستان بخنق زوجته. وكان رايت وجد صعوبة في التأقلم مع الحياة المدنية، فانتقل قبل الجريمة للعيش في القاعدة العسكرية. الجريمة الثالثة ارتكبها في 19 تموز يوليو الرقيب اول براندون فلويد، الذي قتل زوجته ثم انتحر. وكان فلويد عاد إلى بلاده من أفغانستان في كانون الثاني يناير وخدم ضمن قوة "دلتا"، الوحدة السرية لمكافحة الارهاب في "فورت براغ". أما الرقيب سيدريك رامون غريفين من الكتيبة الهندية ال37، فعمد في 9 تموز إلى طعن زوجته ماريلين التي انفصلت عنه ثم احرق منزلها. وبعد ذلك وقعت جريمتان منزليتان، وأخرى لم تعرف حيثياتها قتل خلالها ضابط في العمليات الخاصة في "فورت براغ" رمياً بالرصاص وهو نائم في منزله. وسارعت السلطات المعنية في "فورت براغ" بعد ذلك إلى الإعلان عن عزمها النظر في ما اذا كان لصعوبات الحياة العسكرية دور في الجرائم. ونسب اصحاب الاختصاص الجرائم جزئياً الى الخوف والضياع في محاولة تأقلم الجنود مع الواقع بعد ما واجهوه. وتؤمن الجندية برامج اعادة انخراط للعسكريين العائدين من ساحات المعركة. غير أن البرامج تلك لم تهدئ خوف الزوجات ضحايا العنف المنزلي اللواتي لم يتوانين عن الاتصال بالوحدة الخاصة الثالثة يسألن عمّن يجب التحدث اليه قبل وقوع الاسوأ.