وافق البرلمان التركي على السماح لخبراء ومهندسين اميركيين بتطوير قواعد وموانئ تركية، تمهيداً لاستخدامها في الحرب المحتملة على العراق. وجاء القرار في جلسة سرية قاطعها "حزب الشعب الجمهوري" المعارض الذي أعلن رفضه هذه الخطوة، فيما علت اصوات مئات من الاتراك تظاهروا أمام البرلمان التركي، تعبيراً عن الرفض الشعبي لتورط تركيا بالحرب على العراق، أو تقديم أي دعم لوجستي أو عسكري لواشنطن. أكد رئيس الوزراء التركي عبدالله غل ان قرار البرلمان لا يعني ان بلاده ستدخل الحرب، مشيراً الى ان الجيش التركي لن يشارك فيها اذا اندلعت. وزاد ان تركيا لم تسمح للجنود الاميركيين بدخول أراضيها، ولم تتعهد ذلك لواشنطن، لكنها "مضطرة" للاستعداد للسيناريو "الأسوأ". وأعلن ان القواعد قد تستخدم في حال فشل المساعي السلمية لحل الأزمة، لافتاً اى انه كان بإمكان حكومته ان تطلب من البرلمان فوراً السماح للجنود الاميركيين بالانتشار في الأراضي التركية، لكنها أجلت ذلك الى ما بعد عيد الأضحى، لإعطاء فرصة للمساعي الديبلوماسية. واجتمع غل مع سفراء الدول الخمس التي شاركت في مؤتمر اسطنبول الوزاري الشهر الماضي، وأبلغهم ان قرار البرلمان لا يعني خروج تركيا على بيان اسطنبول أو تقديم تسهيلات عسكرية لواشنطن، مؤكداً ان انقرة ما زالت تؤكد أهمية وجود شرعية دولية لأي عمل عسكري. وكشف ان انقرة ستحضر الاجتماع الوزاري العربي في القاهرة بصفة مراقب. وأشار خلال لقائه السفراء الى ان الخطوة التي اتخذتها انقرة تأتي من أجل تخفيف الضغوط الاميركية الواسعة عليها، وكسب الوقت. وأوضح ان تلك الضغوط تستهدف نشر قوات اميركية في جنوب شرقي تركيا بأسرع وقت، وأكد مجدداً ان انقرة ستنتظر موقف مجلس الأمن في الخامس عشر من الشهر الجاري، قبل اعلان موقفها النهائي. واعترف غل بأنه التقى سراً نائب الرئيس العراقي صدام حسين في انقرة الاثنين الماضي، رافضاً كشف تفاصيل. وعلمت "الحياة" انه طرح اقتراحات لا تشمل مغادرة الرئيس صدام حسين العراق لتسوية الأزمة سلماً، ولا تتضمن ايضاً بقاءه في الرئاسة. كما طلب غل من رمضان ان يكشف العراق بوضوح كيف تخلص مما كان لديه من أسلحة كيماوية، في شكل يقنع الجميع. في غضون ذلك، فشل اجتماع الفصائل الكردية العراقية والجبهة التركمانية مع الخارجية التركية، بحضور زلماي خليل زاد موفد الرئيس الاميركي الى "العراقيين الأحرار" بعد رفض الجهات المشاركة توقيع اي تعهدات خطية، واعلان الفصائل رفضها دخول الجيش التركي شمال العراق. في برلين ذكرت مصادر مطلعة ان الحكومة الالمانية اصبحت مستعدة لتسليم تركيا بطاريتي صواريخ "باتريوت" المضادة للصواريخ، لحماية اجوائها الشمالية على الحدود مع العراق، اذا اندلعت حرب. ونقلت صحيفة "لايبزغر فولكستسايتونغ" امس عن مصادر حكومية ان برلين لن ترفض على الارجح طلباً سيقدمه اليها الحلف الاطلسي لتزويد تركيا، وهي من الدول الاعضاء في الحلف، نظامي صواريخ "باتريوت". لكن هذه المصادر اعتبرت ان فتح النقاش العلني حول الموضوع "ينتقص من الذكاء اذ ستكون له تأثيرات متصاعدة". وكانت المانيا وافقت على ارسال بطاريتي "باتريوت" من دون طواقمها الى اسرائيل، لتعزيز حماية اجوائها من خطر اطلاق صواريخ عراقية عليها، اذا اندلعت الحرب. ولألمانيا ست مصفحات "فوكس" في الكويت متخصصة مع جنودها ال59 في استكشاف اسلحة دمار شامل ومكافحتها. واعلن قائد الجيش الالماني فولفغانغ شنايدرهان قبل يومين انه سيرسل 30 عنصراً اضافياً كخطوة اولى لتعزيز هذه القوة. واشارت الصحيفة الالمانية الى ان ارسال البطاريتين الى تركيا يعني ايضاً تلبية رغبة انقرة في ارسال طواقمها المؤلفة من 250 جندياً. وعُلم من مصادر ديبلوماسية ان الخارجية التركية استدعت سفراء المانيا وفرنسا وبلجيكا للبحث في الموضوع. ويرى مراقبون ان مطالبة المانيا لا هولندا مثلاً بإرسال "باتريوت" الى تركيا لم تأت مصادفة، وان واشنطن تسعى عبر ذلك الى اعادة برلين الى حظيرة "تعقل التحالف" واحراجها سياسياً بعدما اعلنت اكثر من مرة انها لن ترسل اي جندي الى حرب ضد العراق.