في وقت حققت المفاوضات في نيروبي بين الحكومة السودانية والمتمردين الجنوبيين تقدماً يتيح "تقاسم السلطة خلال فترة انتقالية من ستة اعوام"، اعلنت الخرطوم انها لم تطلب من الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي الوساطة مع اريتريا، واصفة العلاقة مع أسمرا بأنها وصلت الى درجة "أدنى من الصفر". اعلنت وزيرة خارجية جنوب افريقيا نكوسوزانا زوما ان الحكومة الاريترية رفضت استقبالها للتحقق من اتهامات الخرطوم بالاعتداء على حدود البلاد الشرقية. وجددت الحكومة السودانية رفضها لأية وساطة مع اسمرا ووصفت علاقاتها معها بأنها وصلت الى درجة "أدنى من الصفر". وأجرت زوما في ختام زيارتها للخرطوم التي استمرت ثلاثة ايام محادثات امس مع الرئيس عمر البشير ركزت على شكوى حكومته الى الاتحاد الافريقي والتي يتهم فيها اريتريا بالاعتداء على حدود البلاد الشرقية في تشرين الاول اكتوبر الماضي ومساعدة المعارضة في الاستيلاء على مدينة همشكوريب. وقالت زوما في مؤتمر صحافي انها التقت مجموعة من المسؤولين واطلعت على وجهة نظرهم في النزاع مع اريتريا، وناقشت مساعي السلام وتعزيز العلاقات الثنائية. وذكرت ان بلادها ستفتح سفارة في الخرطوم قريباً. واعلنت ان الحكومة الاريترية رفضت استقبالها في اطار مهمتها بتكليف من الاتحاد الافريقي الذي ترأس بلادها دورته للتحقق من اتهامات سودانية. وافادت ان اسمرا وعدت بإرسال مبعوثين الى جنوب افريقيا. وكشف وزير الخارجية الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل الذي تحدث في المؤتمر الصحافي انه زوّد زوما وثائق و"أدلة دامغة" تؤكد تورط اريتريا في الاعتداء على الحدود الشرقية وجدد رفض حكومته أي وساطة مع اسمرا. وتابع: "لا مجال لوساطة مع اريتريا وعلى اسمرا اذا أرادت إصلاح علاقتها معنا القيام بإجراءات عملية لإعادة الثقة المفقودة التي وصلت الى درجة ادنى من الصفر". وعن زيارة الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي الى اريتريا حالياً والتي يتوقع ان تناقش وساطة بين الخرطوم واسمرا، أكد اسماعيل ان حكومته لم تطلب من القذافي التوسط بين البلدين، وان حكومته ترى ان الزيارة أمر يخصّ ليبيا واريتريا. مفاوضات نيروبي وفي نيروبي أ ف ب، أعلن فريق الوساطة بين الخرطوم والمتمردين الجنوبيين ان الطرفين اتفقا في جولة جديدة من المحادثات على عدد كبير من النقاط يفترض ان تتيح تقاسم السلطة خلال فترة انتقالية من ستة اعوام. وذكر فريق الوساطة التابع للهيئة الحكومية للتنمية ايغاد التي تضم سبع دول في افريقيا الشرقية في بيان ان مفاوضي حكومة الخرطوم و"الجيش الشعبي" "اتفقا على عدد كبير من النقاط في اطار حكومة وحدة وطنية مقبلة تمثل شريحة واسعة" من السكان. واضاف البيان ان هذا الاعلان يتوج جولة ثالثة من المفاوضات بين الحكومة و"الجيش الشعبي" في العاصمة الكينية. وستستأنف جولة رابعة من المفاوضات في مطلع اذار مارس المقبل. ولم يوضح فريق الوساطة ما اذا كان هذا الاتفاق صدر في وثيقة موقعة من الطرفين. وأفاد البيان ان نقاط الاتفاق تتعلق ب"عملية اعادة النظر بالدستور ووسائل اعداد وتبني دستور انتقالي". وهذه الجولة الثالثة من المفاوضات التي كانت ستتناول خصوصاً مسألة تقاسم السلطة والثروات خلال فترة انتقالية تنتهي باستفتاء حول تقرير المصير، بدأت في 23 كانون الثاني يناير بهدف وضع حد نهائي لحوالى عشرين عاماً من الحرب الاهلية. وكانت مفاوضات السلام السودانية استؤنفت في نيروبي في 29 كانون الثاني بعد يومين من تعليقها اثر تبادل الطرفين الاتهامات بانتهاك وقف اطلاق النار الذي تم التوصل اليه في مشاكوس كينيا في 15 تشرين الاول اكتوبر. وكان اتفاق اول وقع في مشاكوس في تموز يوليو 2002، ونص على تقاسم السلطة خلال فترة انتقالية من ستة اعوام. وقال البيان "ان الطرفين احرزا تقدماً ملموساً ايضاً حول مسألة تقاسم السلطة داخل المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية المقبلة". وحول مسألة تقاسم الثروات يتمتع جنوب البلاد الواقع ضحية الحرب الاهلية بثروات نفطية كبيرة، قال بيان "ايغاد" ان المفاوضات "احرزت كذلك تقدماً كبيراً ...، وتقررت اجراءات تتعلق بالقطاع المصرفي والسياسة النقدية وانشاء لجنة نفطية". وكان ممثلو الخرطوم و"الجيش الشعبي لتحرير السودان" خطوا الثلثاء خطوة مهمة باتجاه تطبيق اتفاق مشاكوس عبر توقيع اتفاق "تقني" يتناول سلسلة من الاجراءات الهادفة الى تجنب أي انتهاك جديد لوقف اطلاق النار.