هو عند النهر يحفر مجرى طويلاً، أقف حاسرة قبالته والهواء رفع رأسه وضحك، وضعت يدي على رأسي وبكيت... أراه عند ناصية الحارة يجرجر عدة الحراثة، بشعر يلفه غطاء، وقرطين لهما مع الخطو خشخشة. أخرج الى الشارع، أحاذيه، يبتسم، أزيد الخطى، تعلو الخشخشة، يأتي نداؤها لا تلبسيهما في الحضور يهمس، أزيد الخطى، تعلو الخشخشة، أسمع بكاءها لا تلبسيهما إلا في الغياب ينادي، أزيد الخطى، تعلو الخشخشة، وتعصف ولا يكون لها وجود. في مخزن الخشب عاطلة من الخشخشة وأذنين كانتا مخبأً - إذا دوتْ في الأفق طلقةٌ - للسقسقةِ... أتذكر وخز قبلتِها، فحيح صوتِها شقّها اللاطمَ - شهر الخريف - وجهَ المنازل. في مصنع الخشب أتذكرها: تجيء بين فصلين، جاءتني بعد انقضاء الشتاء وقراً يحفر الأرض جهة الشمال، شقها الأيمن أخذ وقتاً لينمو لفصل الاصفرار، وخزتْ جبيني بقبلة، ومسحت شعري وتساقط ورقات ضجّ المكان حولي وصفقت من على كتفي أجنحةٌ تقيم بسلام، أدركتْ طرحي حزناً على شعري المتهار" فواستني أنْ ذكرتني بالكرسي المكسور، والبذور الغرقى، والورد المداس... وما برح حزني على شعري المتهار، عوضتني بقرطين ثمر وأوصتني ألاَّ ألبسهما إلا عندما يكون الطين خلواً من رسم الحذاء.