دول المنطقة حائرة وخائفة. الوقت ينفد. لمنع الحرب شروط لا قدرة لهذه الدول على توفيرها. ادارة بوش لا تقبل بما يقلّ عن مغادرة الرئيس صدام حسين. والعارفون بالرئيس العراقي يقولون ان مجرد مفاتحته بموضوع التنحي متعذّرة. فصدام الذي يتحدث الى التاريخ منذ عودته "منتصراً" من حربه ضد ايران لا يقبل بالتأكيد دخول التاريخ في باب الحكّام الذين انتهوا لاجئين في ضيافة دول اخرى. هكذا يبدو الباب مغلقاً. وحتى لو كشف صدام غداً كل ما بقي لديه من اسلحة الدمار الشامل، في حال بقاء اسلحة لديه، فإن ذلك لن يضمن نجاته. وأغلب الظن ان هذا الاعتراف المتأخر سيُعتبر دليلاً على انتهاكه القرار 1441 ومبرراً لإطاحة نظامه. هكذا تجد دول المنطقة نفسها امام مواعيد مؤلمة. لا يمكن انقاذ العراق وصدام معاً. ولا يمكن الفصل بينهما حالياً. يستحيل إقناع صدام بالمغادرة. ويستحيل اقناع بوش بسحب القوات التي أرسلها والعودة الى "التعايش" مع صدام. إنها الحرب اذاً. ميزان القوى لا يترك مجالاً للتكهنات. لن تقف الحرب قبل سقوط صدام حسين. ومن حق دول المنطقة ان تقلق وتخاف. الحدث يشكل سابقة. قصة نظام "طالبان" قصة اخرى تماماً. افغانستان شيء والعراق شيء آخر. وهناك 11 ايلول سبتمبر وحق الردّ. اما الموضوع العراقي فمختلف بمسرحه وقدرته على إضرام الحريق. ولن يكون بسيطاً ان تتابع دول المنطقة المشهد. الآلة العسكرية الاميركية تطبق على العراق وتقتلع نظامه لتنصب نظاماً آخر. المشهد مقلق. قدرة الولاياتالمتحدة على إسقاط نظام تفوق بالتأكيد قدرتها عل صناعة نظام بديل. الدرس الأفغاني طازج. نجاح ادارة بوش في اقامة نظام ديموقراطي يعتنق القيم الغربية في ادارة شؤون البلاد لن يكون حدثاً بسيطاً في حياة العراق ولا في حياة محيطه. ومن حق دول المنطقة ان تستعد. وانفجار العراق تحت وطأة الضربات الاميركية وتحوّله ساحة للاقتتال بين ابنائه وساحة للقوى الاقليمية والدولية سيفتح باب الجحيم. ومن حق دول المنطقة ان تستعد وان ينتابها قلق شديد. لا يستطيع العرب منع الحرب. ولا يستطيعون احتمال "معركة بغداد" ورؤية صدام محاصراً فيها كما ياسر عرفات في بيروت. ولا يستطيع العرب احتمال مرحلة ما بعد الحرب ايضاً. انها ازمة كبرى في عالم تغيّر. أزمة تراوح بين الانفجار الهائل والزلزال. لهذا يبدو الارتباك العربي طبيعياً والخوف طبيعياً. من دون ان ننسى افتراق الحسابات داخل الصف العربي حول الحرب وما بعدها.