كان رئيس الوزراء البريطاني يتذرع بأسلحة الدمار الشامل التي يقول ان العراق يخفيها عن أعين العالم لشن هجوم على بغداد. ثم أشار بعد ذلك الى علاقات بغداد المزعومة بمقاتلي تنظيم "القاعدة". والآن يلقي بلير الضوء على "الدافع الاخلاقي" لشن حملة على الرئيس صدام حسين بسبب سجله "الوحشي". ويقول منتقدوه ان بلير بانتقاله من مبرر الى آخر يبني موقفه المؤيد لشن حرب في الصحراء على رمال متحركة. وشكك رؤساء الكنيستين الكاثوليكية والانغليكانية بالدوافع الأخلاقية للحرب. ويرى ديفيد كلارك المستشار السابق في وزارة الخارجية "المشكلة في ان بلير يبدو قلقاً... ويشعر انه لم ينجح في اقناع الرأي العام او كأنه ليس مقتنعا بتبريراته". والرسالة الاخلاقية هي ما حاول بلير الترويج لها بين النواب المشككين من حزب العمال الذي يتزعمه، في مؤتمر عقد مطلع الاسبوع في سكوتلندا فيما خرج حوالى مليون بريطاني في مسيرة في شوارع لندن احتجاجاً على الحرب. ويؤكد بلير ان السند القانوني للعمل العسكري يتعلق اساساً بضرورة التزام صدام قرارات مجلس الامن التي تطالبه بالتعاون الكامل والفوري مع المفتشين. لكنه ربط الامر بالتهديدات التي تشكلها اسلحة الدمار الشامل والجماعات المتشددة. وعندما يتعرض لضغوط يكرر المزاعم الاميركية بأن هناك صلة بين العراق وتنظيم "القاعدة" الذي يتزعمه اسامة بن لادن. ورد بلير على موقف الرأي العام القوي المعارض للحرب بتضخيم المعاناة التي يقول ان شعب العراق يتكبدها في ظل حكم صدام المستمر منذ ثلاثة عقود. وارسل بلير قوات قوامها 42 الف جندي الى الخليج لدعم الحشود العسكرية الاميركية استعداداً للحرب. وسعت حكومته الى حشد تأييد داخلي وخارجي بنشر ثلاثة ملفات عن اسلحة الدمار الشامل العراقية وسجل حقوق الانسان ومزاعم عن برامج عراقية لتضليل المفتشين. لكن اثنين من الملفات الثلاثة تعرضا لانتقادات واسعة النطاق واظهر استطلاع للرأي نشر هذا الاسبوع ان غالبية المشاركين يعارضون شن عمل عسكري. وقال مارك سيدون الناشط اليساري البارز في حزب العمال بعد كلمة بلير مطلع الاسبوع "في محاولة لاقناع رأي عام يشكك بشدة غيّر بلير مرة اخرى اعمدة المرمى الذي يستهدفه في بغداد". ورأى مايكل جاكوبز زعيم الحركة الفابية اليسارية ان تركيز بلير على المبررات الاخلاقية والانسانية للحرب أفضل وسيلة لاقناع المشككين داخل حزبه. وأضاف: "لكنها جاءت متأخرة جدا. حتى انه يمكن تفسيرها بأنها خط دفاعي في حال الاضطرار لخوض حرب من دون تفويض من الاممالمتحدة". وتواجه بريطانيا والولايات المتحدة معارضة قوية داخل مجلس الامن. واثار استخدامه المبررات الاخلاقية كذلك الزعماء الدينيين وجماعات حقوق الانسان والمنشقين عن حزب العمال. فقد حض الاساقفة الانغليكان والكاثوليك كل الاطراف أمس على السعي لاقرار السلام. وقال ريتشارد هاريس اسقف اوكسفورد "المشكلة هي ان الموقف من الحرب ليس حتى الآن مقنعا بشكل نهائي من الناحية الاخلاقية". وأعلنت منظمة العفو الدولية انها ترحب بأي خطوة تركز على سجل صدام الخاص بحقوق الانسان، لكنها أضافت ان بلير يجب ان يدعو الى ارسال مراقبين لا قنابل الى لعراق. وقال توني بن العضو البارز في حزب العمال ان المبرر الاخلاقي لشن حرب ضعيف. وأضاف، مشيراً الى انهاء عقود من حكم الاقلية البيضاء في جنوب افريقيا "ما كان يمكننا حل مشكلة الفصل العنصري بقصف بريتوريا". وأكد جورج غالاواي عضو البرلمان عن حزب العمال والذي يقود حملات ضد العقوبات التي تفرضها الاممالمتحدة على العراق والتي تقول بغداد انها تسببت في قتل نحو مليون من السكان، ان بلير يبرر الحرب بالاشارة الى معاناة الشعب العراقي التي تجاهلتها حكومته على مدى سنوات. وزاد: "ان اقسى شيء على من ظل منا لاكثر من عشر سنين يضرب رأسه في الحائط بسبب تجاهل الحكومة البريطانية نطاق وطبيعة الأزمة الانسانية في العراق، ان يسمع الآن انها تستخدم ذريعة لقتل المزيد من العراقيين من البر والبحر والجو".