بدأ رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في واشنطن امس اجتماعاته مع الامريكيين فيما تلاحقه تهمة الخداع وتضليل الرأي العام البريطاني التي تتفاعل في لندن. ويهدد مستقبل بلير السياسي الفشل في العثور على أسلحة الدمار الشامل العراقية واعتقاد متزايد بأنه لن يتم العثور عليها، إلى جانب العرض غير الملائم للمعلومات الاستخباراتية الخاصة بأسلحة الدمار الشامل قبل الحرب. كما بلير الذي قد لا يجد ما يقوله للامريكيين سيجد انطباعا بدأ يسود في واشنطن بان المخابرات البريطانية - التي وصفها وزير الخارجية الامريكي كولين باول قبل الحرب بأنها "رائعة" في معلوماتها هي أقل مما يمكن الاعتماد عليها. ووصفت صحيفة ديلي ميل الوضع في الاسبوع الجاري بقولها البيت الابيض يعلن الحرب على داونينج ستريت، ونشرت الصحف المصورة الاخرى صورا لنسور تحوم وأسماك قرش تتحرك استعدادا للانقضاض. ويعتقد قليلون أنه سيتم الاطاحة ببلير في القريب العاجل، لكن هناك بوادر تنذر بالشؤم. فمنذ انتهاء الحرب، أظهر أعضاء حزب العمال المعارضون أنهم أكثر استعدادا للتصويت ضد الحكومة عن ذي قبل. سيلقي بلير الذي اجتمع الى بوش امس خطابا مطولا أمام اجتماع مشترك لمجلسي الكونجرس الامريكي لكن رحلته الخارجية الممتدة لن تبدد المخاوف الداخلية، لاسيما إذا لم تتحسن الانباء الواردة من العراق.ولم يعد بلير، الذي فاز في انتخابات متعاقبة بأغلبية كبيرة، كان آخرها قبل عامين فقط، في حصن منيع من التعرض للانتقادات، وبدأت أصوات بارزة داخل حزبه تتحدث عن عهد ما بعد بلير. وأعرب زعيم المعارضة إيان دنكان سميث عن شعور الكثيرين في بريطانيا عندما اتهم بلير والعاملين معه يوم الاربعاء بخلق ثقافة خداع وتلفيق في قلب الحكومة. وأوضح استطلاع للرأي العام هذا الاسبوع، أن ثلثي الناخبين يعتقدون أن بلير قام بتضليلهم، سواء عن قصد أو دون قصد، بشأن المبرر للمشاركة في الحرب، على الرغم من أن 48 بالمائة مازالوا يعتبرون أن الحرب كان لها ما يبررها في مقابل 38 بالمائة لا يعتبرونها كذلك. وحتى المنتقدون السياسيون يشعرون بالسأم عند مناقشتهم للتفاصيل الدقيقة للملف المطول الذي يتضمن المزاعم والنفي فيما يتعلق بالمعلومات الاستخباراتية قبل الحرب. وكان الزعم بأن بوسع صدام إطلاق أسلحة الدمار الشامل في غضون 45 دقيقة هو محور المزاعم في بريطانيا بأنه تم المبالغة في المعلومات الاستخباراتية، ومازال هناك خلاف شديد يدور بين الحكومة وهيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي) حول المزاعم بأنه تمت المبالغة في المعلومات الاستخباراتية لتعزيز المبرر لخوض الحرب. وهناك دعوات متزايدة لاجراء تحقيق كامل يتولاه قاض جدير بالاحترام، لكن بلير يعارض بشدة هذه الدعوات. إذ أن التجارب الماضية توضح أنه لا يمكن معرفة إلى أين تؤدي هذه التحقيقات. ولكن الامر الذي يكمن وراء عدم الارتياح ليس تفاصيل المزاعم في حد ذاتها بقدر ما هو الشعور العام بأن بريطانيا ورطت نفسها بلا داع في العراق ولن تستطيع بسهولة سحب قواتها منه. * وكانت كلمة بلير؟ هي الكلمة الوحيدة التي حملها غلاف أخير لمجلة الايكونوميست يصور رئيس الوزراء وهو متوتر. وقد دعت كلير شورت، التي استقالت من منصبها كوزيرة للتنمية الدولية مع نهاية الحرب إلى استقالة بلير. ويتساءل روبين كوك، وزير الخارجية السابق الذي استقال قبل بداية الحرب بإلحاح عن مكان أسلحة الدمار الشامل، وإذا كانت غير موجودة، فماذا كان بالتحديد المبرر لخوض الحرب. ويتعرض بلير للانتقاد الان من جانب حلفائه الامريكيين. فالرئيس جورج دبليو. بوش يشعر بالضيق من تضمينه في خطابه عن حالة الاتحاد في كانون الثاني /يناير/ الماضي الزعم بأن العراق سعى لشراء اليورانيوم من النيجر بناء على معلومات استخباراتية بريطانية. وقد تم تفنيد هذا الزعم ولم يعد يقتنع به الامريكيون.