سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نذر الحرب تلوح وأميركا تتحدى فيتو فرنسا وتمهل صدام أسبوعين أو ثلاثة - مبارك يدعو بغداد للتعاون لأن "وقت المفتشين محدود" وبريطانيا تستدعي رعاياها من العراق والكويت
كثّفت واشنطن جهودها لطرح مشروع قرار في مجلس الامن يعتبر العراق في حال "خرق مادي للقرار 1441"، ويقضي بتفعيل "العواقب الوخيمة"، الامر الذي اعتبر بمثابة المرحلة الاخيرة ما قبل الحرب. وفي خطوة تحدٍ لما تعتبره ادارة الرئيس جورج بوش "اوروبا القديمة"، اكد البيت الابيض الاصرار على تقديم المشروع ولو اصطدم ب"الفيتو" الفرنسي، فيما وصف مسؤول اميركي المشروع بأنه "قاس جداً". تزامن ذلك مع تطورات متسارعة، ترجح مجدداً كفة الخيار العسكري ضد العراق، وتذكّر بالاسبوعين اللذين سبقا اندلاع حرب الخليج الثانية. اذ طلبت بريطانيا من رعاياها مغادرة العراق فوراً وبررت ذلك ب"تزايد التوتر في المنطقة وخطر وقوع عمل ارهابي"، كما امرت السفارة البريطانية في الكويت أسر ديبلوماسييها بالمغادرة اذا لم يكن وجودهم ضرورياً. وفيما بدا ان بريطانيا تخشى احتجاز بعض رعاياها "رهائن" في العراق، اعلن وزير الدفاع الايراني علي شمخاني ان بلاده لن تسمح بأي انتهاك اميركي لمجالها الجوي في حال شن هجوم على العراق، وقال: "سنرد بحزم". وفي تطور لافت، حذّر الرئيس حسني مبارك في برلين من ان الحرب ستندلع اذا لم يتعاون الرئيس صدام حسين "تعاوناً كاملاً"، وأيّد اتاحة مزيد من الوقت للمفتشين، لكنه اعلن للمرة الاولى ان هذا الوقت "يجب ان يكون محدوداً". وكان ابلغ التلفزيون الالماني ان واشنطن لن تمنح صدام "اكثر من اسبوعين او ثلاثة" لنزع الاسلحة المحظورة. وزاد ان اميركا "لا تستطيع ان تعطيه شهوراً، وبالنسبة اليها المسألة مسألة اسابيع". في غضون ذلك، تلقى ولي العهد السعودي الامير عبدالله بن عبدالعزيز امس رسالة من الرئيس جورج بوش، تلت الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الاميركي مع ولي العهد السعودي اول من امس. وكان الناطق باسم البيت الابيض اشار الى ان بوش اكد للأمير عبدالله ان الرئيس العراقي يشكل خطراً على المملكة والعالم. كما اعلن في الدوحة ان الرئيس الاميركي اجرى امس اتصالاً هاتفياً مع امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني تناول "التطورات الاقليمية والدولية والأزمة العراقية". وعلمت "الحياة" ان القوات السعودية وُضعت في حال يمكن وصفها بأنها "ترقّب"، وهي تعني تحضيراً للاستعدادات اللازمة للتعامل مع اي اخطار محتملة قد تنشأ عن الحرب راجع ص2 و3 و4 و5. في واشنطن أ ف ب قال الناطق باسم البيت الابيض آري فلايشر رداً على سؤال صحافي هل الرئيس بوش مستعد لتقديم مشروع قرار ثانٍ الى مجلس الامن، ولو أدى الى استخدام فرنسا حق "الفيتو": "هذا صحيح"، وكرر ان "الخيار الاول" للرئيس الاميركي هو المرور عبر المجلس، اي طلب موافقته على تدخل عسكري في حال لم ينفّذ العراق القرارات الدولية. وفي نيويورك اكد مسؤول اميركي اشترط عدم ذكر اسمه ان بعثة الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة "جاهزة" لتقديم مشروع القرار الثاني "إذا اتخذ البيت الأبيض" القرار السياسي باتجاه الدفع لاستصدار قرار آخر من مجلس الامن. ووصف فحوى المشروع بأنه "خلاصة" للقرارات ال17 التي صدرت عن المجلس في شأن العراق، لفضح "الانتهاكات" العراقية واعلان بغداد في حال "خرق مادي للقرار 1441" وتفعيل "العواقب الوخيمة". وقال: "إذا صدر القرار الثامن عشر سيكون قاسياً جداً، فصبرنا نفد، وأوضحنا في تشرين الثاني نوفمبر ان هذه كانت الفرصة الأخيرة للعراق" في اشارة الى تبني القرار 1441. وأكد ان "لا جزرة" في أي مشروع تطرحه الولاياتالمتحدة، وسيكون "اميركياً وليس بريطانياً". ونفى ان تكون فكرة المشروع "بناء جسر" بين المواقف الاميركية - البريطانية المتباعدة عن المواقف الفرنسية - الروسية - الألمانية - الصينية. كما وضع ناحية ال"علامات" الواضحة التي تسيّر أعمال رئيسي هيئتي التفتيش هانس بليكس ومحمد البرادعي في اطار "الضغط المستمر" على العراق و"ليس كاختبار جديد" له، لأن بغداد "فشلت في الامتثال للقرارات ولا حاجة لاختبار آخر في الامتحان". وفيما شدد المسؤول الاميركي على ان العراق أُعطي الفرصة الأخيرة بموجب القرار 1441 "والمسؤولية تقع على اكتافه"، ترك الباب مفتوحاً أمام امكان تضمن مشروع القرار نوعاً من الإنذار الأخير عبر تحديد "عدد معين من الأيام"، ما يؤدي الى تحديد موعد حاسم كأمر واقع. لكنه شدد ايضاً على ان الادارة الاميركية لم تتخذ بعد القرار النهائي بطرح مشروع القرار في مجلس الأمن، فيما توقعت المصادر البريطانية طرح مشروع اميركي أو اميركي - بريطاني، أواخر هذا الاسبوع أو مطلع الأسبوع المقبل. وقالت ان المداولات بين العواصم المعنية تبحث في ما اذا كان مشروع القرار "سيقتصر على جملتين" فيعلن ان العراق اعطي الفرصة الأخيرة ولم يستفد منها، أو يتضمن انذاراً بأيام، كفرصة الأمر الواقع الأخيرة. وعملياً، تلك الفرصة هي فرصة لتنحي الرئيس صدام حسين، من دون لغة واضحة في هذا الاتجاه. واكدت مصادر ديبلوماسية ان بليكس ابلغها عزمه على كتابة رسالة يعلن فيها ان على العراق تدمير صواريخ "الصمود" التي تعدى مداها ما هو مسموح به بموجب قرارات سابقة. وواصل مجلس الأمن لليوم الثاني جلسة علنية للاستماع الى مندوبي 56 دولة، وساندت الأكثرية الساحقة استمرار التفتيش في العراق لتجريده سلماً من اسلحة الدمار الشامل، وهي لا تريد قراراً آخر للمجلس في هذا المنعطف. وكان وزير الخارجية الاميركي كولن باول انتقد الدول المعارضة للتحرك الاميركي لغزو العراق، معتبراً انها "تخاف فرض ارادة المجتمع الدولي وتتهرب من مسؤولياتها". وناشد رئيس الحكومة الايطالية سيلفيو بيرلوسكوني حلفاءه الاميركيين "تجنب البقاء معزولين"، فيما حمل وزير الماني بعنف على واشنطن واتهمها بالسعي الى الحرب من اجل النفط. ويعتقد خبراء عسكريون ان الظروف الحالية تذكّر بفترة اسبوعين أو ثلاثة سبقت حرب تحرير الكويت، ويشيرون الى تعذّر ابقاء الحشد البري الاميركي البريطاني في المنطقة فترة طويلة من دون تبديل القوات، ما يعزّز احتمالات العمل العسكري الوشيك. وكانت قيادة الحلف الاطلسي باشرت تنفيذ اجراءات تعزيز دفاعات تركيا، ويشمل ذلك تزويدها انظمة انذار مبكر وصواريخ "باتريوت" ومعدات للوقاية من الاسلحة الكيماوية والجرثومية. وتوجه الامين العام للحلف جورج روبرتسون الى واشنطن للقاء بوش. وقبل انتقاله الى باريس قال الرئيس مبارك في حديث الى التلفزيون الالماني "زد دي اف" رداً على سؤال حول الوقت الذي يجب ان يُعطى للرئيس العراقي لنزع سلاحه: "لا استطيع توقع ذلك. يمكن المفتشين ان يعرفوا افضل من غيرهم، لكنني اعتقد ان الاميركيين لن يعطوه إلا بضعة اسابيع، اسبوعين او ثلاثة على الاكثر. قال الاوربيون ان الحرب ليست سوى الحل الاخير، والرئيس الاميركي قال الشيء ذاته، لكن الولاياتالمتحدة لا تستطيع ان تعطي صدام حسين شهوراً. قالوا ذلك في شكل واضح: بالنسبة اليهم المسألة مسألة اسابيع". واضاف: "قال الرئيس بوش: صدام يخدعنا، واعتقد ان على صدام ان يفهم ذلك. عليه ان يستمع الى ما يقال، ويتخذ قراره". وجدّد صدام استعداد العراق للحرب، وقوله ان الشعب العراقي "لا يريدها، ولكن ليس بأي ثمن". واضاف: "نحن لا نتنازل عن استقلالنا وكرامتنا وحقوقنا في ان نعيش احراراً ونتصرف بحرية".