نجح الوفد الاقتصادي المصري الذي يزور واشنطن حالياً في استغلال قرار تحرير سعر صرف الجنيه، الذي صدر الاربعاء الماضي، لإقناع الادارة الاميركية بأن الحكومة المصرية جادة في اتخاذ تشريعات وقوانين اقتصادية طالبت بها واشنطن غير مرة في مقدمها وقف تمويل او تحويلات مالية لجهة يشتبه في تورطها في عمليات ارهابية، وانجاز قانون جديد للمصارف. ابدت واشنطن ارتياحاً "موقتا" لإجراءات مصرية في المجال الاقتصادي، وعرض الوفد الاقتصادي المصري، الذي يزور العاصمة الاميركية منذ خمسة ايام، على المسؤولين الاميركيين حزمة قوانين في مجالات عدة سيُقرها البرلمان في دورته الحالية. وقال مصدر رسمي ل"الحياة" إن قرار تحرير صرف الجنيه اعطى للمحادثات الاقتصادية دفعة قوية كون القرار كان محل مطالبة من المؤسسات الدولية عموماً والاميركية خصوصاً، وربط نائب وزير التجارة الاميركي صمويل بودمان لدى زيارته القاهرة اخيراً الاسراع بمفاوضات في مجالات عدة بتشريعات ينبغي على الحكومة المصرية القيام بها. وذكر المصدر ان الجانب الاميركي على وشك اجراء محادثات في شأن منطقة التجارة الحرة ومساعدة مصر في تحمل خسائر في حال ضرب العراق او اي أحداث سلبية اخرى في المنطقة. لافتاً الى أن هناك تقارباً جيداً بين الجانبين مقارنة بالسابق. وقال ان "القاهرة تلقت الاربعاء الماضي اشارات ايجابية في شأن التجاوب في قضايا عدة وابدى اعضاء في الكونغرس رضاهم عن الخطوات الاخيرة، معتبرين انها ستزيل عوائق سابقة امام تقارب اقتصادي مع مصر في قطاعات عدة". وفي شأن منطقة التجارة الحرة ذكر المصدر ان "هناك تغييراً في فكر الادارة عن السابق في هذا الامر"، لافتاً الى موافقة الكونغرس على عقد لقاء تمهيدي مع وزير التجارة المصري لمناقشة منطقة التجارة التي يتم التفاوض في شأنها منذ عام 1997 التي رفضت الادارة الاميركية مناقشتها بسبب تحفظات عن بعض السياسات الاقتصادية والتشريعية في البلاد. ونفى غالي وجود مشاكل سياسية تعرقل الدخول في مفاوضات التجارة الحرة، وقال: "لم يتحدث أحد من الاميركيين عن مشاكل سياسية"، مشيراً الى ان واشنطن تتحدث بصوت واحد فيما يتعلق باتفاق التجارة الحرة الذي تأمل مصر بابرامه. وقال: "لا توجد مشاكل تعرقل الدخول في مفاوضات للتجارة الحرة... توجد مشكلة نوعية حول طبيعة الشريك التجاري الممكن التعامل معه وما سيحدث في العلاقة التجارية المستقبلية واطلاع كل طرف على أبعاد العلاقة التجارية". واضاف: "إذا كنت ارى وجود عقبات لما واصلت المحاولات" في شأن الدخول في مفاوضات للتجارة الحرة بين مصر والولايات المتحدة، مشيراً الى انه يوجد تقدم. واضاف انه توجد بين مصر والولايات المتحدة "علاقات استراتيجية" ثمرة سنوات طويلة من التفاهم والتنسيق، وأن العلاقات قوية وستظل كذلك. وقال: "نريد اضافة أبعاد جديدة للعلاقة من خلال توسيع العلاقات التجارية والمالية بين البلدين وضخ المزيد من الاستثمارات. نحن نعمل نحو هذا الهدف، آمل بأن نكون قد حققنا تقدماً في هذا الاتجاه". واشار المصدر الى ان الزيارة ستُحدد بالفعل أطر عملية للتعاون بعد الجهود المصرية الاخيرة، علماً أن الحكومة قررت تشكيل لجان عدة لمناقشة تسهيل تدفق حركة التجارة، وستعقد اللجان 4 اجتماعات الشهر المقبل لوضع الاجراءات العملية اللازمة لتحقيق الاهداف المشتركة. كان رئيس الحكومة المصرية عاطف عبيد بحث مع السفير الاميركي ديفيد وولش العلاقات المشتركة وامكان النهوض بها. وشدد على بذل المزيد من الجهود من اجل "اطلاع الجهات التشريعية وقطاع رجال الاعمال الاميركي على التقدم الذي تحقق في مصر"، مشيرا الى انه من المنتظر ان يقوم رجال الاعمال والمسؤولون المصريون بالمزيد من الزيارات للولايات المتحدة في إطار التوعية بما تحققه مصر من خطوات. الى ذلك أكدت مصادر أميركية في القاهرة رغبة إدارة الرئيس بوش في تنمية العلاقات التجارية وزيادة التعاون الاقتصادي مع مصر خلال المرحلة المقبلة. وأعربت عن توقعها ان تشهد المرحلة المقبلة زيادة حجم الاستثمارات الاميركية في البلاد وكذلك حجم التجارة المتبادلة والتي من شأنها ان تلعب دوراً أساسياً في تنمية العلاقات الاستراتيجية بين البلدين. وأشارت المصادر الى أن هناك اتفاقاً على توسيع علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين في إطار اتفاق الاستثمار والتجارة المشتركة بينهما.