عقد الاتحاد الأوروبي اجتماعاً استثنائياً على مستوى القمة، لدرس الخلافات داخل الاتحاد وإمكانات التوصل إلى موقف مشترك من الأزمة العراقية. وقال الممثل الأعلى للاتحاد خافيير سولانا إن الاتحاد "عندما يتكلم بصوت واحد يضاعف الضغط من أجل حل الأزمة في شكل سلمي"، ورأى أن "غالبية الشعوب الأوروبية تريد الحل السلمي". وكان مقرراً أن يعقد الزعماء الأوروبيون اجتماعاً مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان مساء أمس، بعدما ناقش وزراء خارجية دول الاتحاد القضايا الخلافية في شأن أزمة العراق، وكذلك تداعيات الأزمة على الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. وقال وزير الخارجية البلجيكي لويس ميشيل إن القمة الأوروبية "تواجه تحديات مزدوجة تتصل بالأزمة المعقدة في العراق، وكذلك تبرز القمة الرغبة المشتركة في موقف أوروبي جماعي". ودافع عن ضرورة انخراط الاتحاد في "النقاش الذي يتركز حول السلم والحرب في منطقة قريبة من أوروبا"، وانتقد موقف زعماء الدول الأوروبية الثماني الذين أعلنوا في رسالة مفتوحة مساندتهم الرئيس جورج بوش، بعد ثلاثة أيام فقط من صدور موقف أوروبي مشترك. وفي إشارة إلى تقديره موقف بلجيكا داخل الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي، وصف وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان بلجيكا بالبلد "الشجاع". وسعت فرنسا والمانيا وبلجيكا إلى توحيد مواقفها مع البلدان المحايدة والصغيرة مثل النمسا والسويد وفنلندا ولوكسمبورغ، لدعم تمديد نشاط المفتشين إلى منتصف الشهر المقبل، بينما رأى وزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر فرصة أمام القمة الأوروبية لاستعادة موقف مشترك. ورأى وزير الخارجية البلجيكي وجوب أن يتضمن الموقف الأوروبي نزع أسلحة العراق في أقرب وقت ممكن، عبر مواصلة نشاط المفتشين، وأن يتعاون العراق في جوهر المسائل، وأن يكون خيار الحرب آخر وسيلة أمام المجموعة الدولية. وقال مصدر رسمي إن القمة قد تصل إلى موقف مشترك "ينسجم مع الموقف الألماني - الفرنسي - الروسي الذي يدعم نشاط المفتشين ولا يستبعد خيار استخدام القوة كآخر وسيلة لحسم النزاع". وعكس الاتجاه الغالب في الاتحاد، أبدى وزير الخارجية البريطاني جاك سترو شكوكاً، وصرح بأن "كل البلدان الأعضاء في الاتحاد يساند في كل مناسبة قرار مجلس الأمن الرقم 1441 الذي يتضمن روزنامة العمل بالنسبة إلى العراق وتنفيذه". وفي حديث إلى القناة التلفزيونية الألمانية الثانية "زد دي اف" طالب منسق الشؤون الأمنية والخارجية في الاتحاد الأوروبي بموقف موحد للاتحاد ازاء العراق، معرباً عن اعتقاده بأن الخلافات ليست عميقة. وقال إن لا أحد يريد "حفر هوة" بين الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة، ويجب حل الأزمة العراقية داخل مجلس الأمن، ودعم مهمة المفتشين واستخدام كل الوسائل الديبلوماسية قبل التفكير في العمل العسكري، ما يطرح التساؤل مجدداً عن صعوبة توصل الاتحاد الأوروبي إلى تسوية مع "المعسكر الأميركي" داخل صفوفه أو "معسكر الحرب". وقبل الاجتماع الوزاري الأوروبي، شدد سولانا على ضرورة استنفاد كل السبل الديبلوماسية لتسوية الأزمة، وقال للصحافيين: "الجميع يعترف بأن الحرب يمكن ان تكون ضرورية، لكننا لم نصل بعد الى هذه المرحلة، وعلينا ان نستنفد كل السبل الديبلوماسية، الجميع يعترف بأن الحرب هي الخيار الأخير، والمفتشون يقومون بعمل جيد، ويجب ان نستمر في مساعدتهم". ونبه الى ان توصل قادة الدول الأوروبية الى موقف مشترك هو "أفضل خدمة يمكن ان تقدم للسلام". وأعرب فيشر عن أمله بالتوصل الى موقف مشترك "على أساس القرار 1441 واذا احترمنا كل مبادئ نهج الاتحاد". وتابع مشيراً الى بريطانيا واسبانيا: "في حال التزم الآخرون سنتوصل الى تسوية مرضية" تنهي الخلافات التي عصفت بالاتحاد، بسبب الانقسام على كيفية التعامل مع الأزمة العراقية، وأولوية الخيار العسكري الذي تريده واشنطن وتؤيده مدريد ولندن. ودعت وزيرة الخارجية الاسبانية آنا بالاسيو في مقال نشرته صحيفة "ذي فايننشال تايمز" القادة الأوروبيين الى عدم تناسي ان السياسة الخارجية للاتحاد "يحددها الجميع"، محذرة من "ان تصيبنا خلافاتنا بالشلل وتمنعنا من حمل العراق على احترام القرار 1441". دوفيلبان و"العمل الأرعن" في باريس أ ف ب اعتبر وزير الخارجية دومينيك دوفيلبان ليل أول من امس، ان مبادرة الدول الأوروبية لإعلان تأييدها السياسة الاميركية حيال العراق كانت "عملاً أرعن". وقال في حديث الى شبكة "ال سي اي" الاخبارية الفرنسية وصحيفة "لوموند" ان "مبادرة هذه الدول كانت عملاً أرعن". واضاف محذراً: "سنحصل على تفسير خلال الأشهر المقبلة"، موضحاً أن "الأمر لا يعني التوبيخ أو اعطاء مواعظ". وكانت عشر من دول أوروبا الشرقية الطامحة الى الانضمام للحلف الاطلسي، والتي تكون "مجموعة فيلنيوس" أعلنت مطلع شباط فبراير تأييدها موقف الولاياتالمتحدة من الأزمة. وتضم مجموعة فيلنيوس التي انشئت عام 2000، دول البلطيق الثلاث لاتفيا وليتوانيا واستونيا وبلغاريا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا والبانيا وكرواتيا ومقدونيا.