اختتم وزراء من أكثر من 20 دولة محادثات منظمة التجارة الدولية المثيرة للخلاف أمس بالاخفاق في التوصل الى اتفاق في شأن قضايا رئيسية خاصة باصلاح تجارة الحاصلات الزراعية وحصول الدول الفقيرة على ادوية تنقذ حياة أبنائها. واجتمع الوزراء من يوم الجمعة الماضي الى أمس في طوكيو للنظر في التقدم الحاصل في حلقة المفاوضات المسماة بمفاوضات الدوحة التي بدأت في قطر في تشرين الثاني نوفمبر عام 2001، والاعداد لاجتماع العام المقبل لجميع اعضاء منظمة التجارة الدولية المقرر عقده في ايلول سبتمبر في كانكون المكسيك. وكانت مسألة مدى وسرعة ازالة الحواجز المفروضة على تجارة الحاصلات الزراعية العالمية واحدة من القضايا الرئيسية المطروحة في المحادثات التي اظهرت ان الدول ما زالت منقسمة حول تلك المسألة. واعلن ممثل التجارة الاميركي روبرت زويليك في طوكيو أمس، موجهاً كلامه خصوصاً للاتحاد الاوروبي، ان الولاياتالمتحدة لن تخفض من جانب واحد مساعداتها لقطاع الزراعة ولا الرسوم الجمركية المفروضة على المنتجات الزراعية. وقال في مؤتمر صحافي: "الرسالة الى زملائنا هي اننا لن ننزع اسلحتنا من جانب واحد". واضاف: "بكل صراحة اقول انه امر يجب ان يفكروا فيه لان الولاياتالمتحدة بلد غني واذا اضطرت ان تنفق اموالاً من اجل زراعتها فستقوم بذلك". وزاد: "نحن مستعدون لتخفيض المساعدات والرسوم ونأمل في ان يقوموا هم ايضا بذلك". وبعد ان تطرق الى الفوائد التي قد تنجم عن رفع الحواجز القائمة امام المبادلات التجارية اعرب زويليك عن امله في "ان تصغي بعض العواصم الاوروبية وخصوصاً العواصم التي تعتقد بانها من كبار المدافعين عن التنمية في العالم، الى عالم التنمية". وقال: "ان نجاحنا مرهون بعزم شركائنا الكبار على الوفاء بوعود الدوحة". وتابع: "اكيد ان المسألة الرئيسية هي وضع الاتحاد الاوروبي في ما يخص السياسة الزراعية المشتركة". واضاف: "كما قال المفوض الاوروبي للزراعة فرانز فيشلر، على اوروبا ان تدخل اصلاحات في السياسة الزراعية المشتركة حتى تتمكن من انجاز برنامج الدوحة على احسن وجه". واختتم زويليك قائلاً ان مفوض التجارة الاوروبي باسكال لامي وفيشلر يبذلان ما بوسعهما ولكن يجب على بعض العواصم الاوروبية ان تنظر الى ابعد من انفها للاطلاع على الوضع العام للاقتصاد العالمي. ورداً على ذلك اعلن فيشلر ولامي أمس في طوكيو، ان الاتحاد الاوروبي لن يلتزم اصلاح السياسة الزراعية المشتركة حسب دعوة الاميركيين ولن تستخدم نتائج هذه الاصلاحات في مفاوضات منظمة التجارة الدولية الا بقدر ما يبذل المشاركون الآخرون ومنهم الاميركيون الجهود من جانبهم. وقالت يوريكو كاواغوتشي وزيرة خارجية اليابان التي ترأست الاجتماع في مؤتمر صحافي: "تم طرح وجهات النظر المختلفة في شأن مستويات الطموحات أو التوازن التي يجب ان نسعى اليها". لكن كاواغوتشي ذكرت ان المحادثات الرسمية الاخيرة حول كل شيء من رسوم الاستيراد وحتى الادوية التي تنتج من دون تصريح من الشركات المالكة لعلاماتها التجارية ستساعد في اعطاء دفعة لمحادثات تحرير التجارة التي بدأت في الدوحة في تشرين الثاني نوفمبر عام 2001. وقالت: "أجرينا محادثات مكثفة وأعتقد اننا ساهمنا في الحفاظ على زخم الجولة وتعزيزها". واستهدفت محادثات طوكيو منح الوزراء فرصة لتحقيق تقدم في الوقت الراهن مع اقتراب الموعد النهائي للاتفاق على مثل تلك القضايا الزراعية الخلافية كالسلع التي سيطبق عليها خفض التعرفة الجمركية وهو 31 آذار مارس المقبل. ومن شأن الفشل في الوفاء بالموعد النهائي في 31 آذار تقليل فرص اختتام مجمل محادثات منظمة التجارة الدولية في شأن الزراعة والخدمات والسلع المصنعة وغيرها من القطاعات بحلول الموعد المستهدف لذلك وهو كانون الثاني يناير سنة 2005. وبرزت في الاجتماع الخلافات حول الخطة التي قدمها في وقت سابق كبير المفاوضين الزراعيين في منظمة التجارة الدولية ستيوارت هاربينسون. وتقترح خطة هاربينسون خفض الرسوم الجمركية الاعلى على الواردات من السلع الزراعية ولكن من دون وضع سقف لتلك الرسوم. ولم ترض الخطة المعسكرين الرئيسيين في المحدثات الولاياتالمتحدة وغيرها من كبار المصدرين الذين يرغبون في تحرير كبير من جانب واليابان والاتحاد الاوروبي الاكثر التزاماً سياسة الحمائية والراغبين في تغييرات اقل تطرفاً من جانب آخر. وأعيدت مسودة الخطة إلى المجلس المختص بصياغة الخطط بعد اخفاق الجانبين في الاتفاق على ما اذا كانت الخطة يمكن ان تكون الاساس للمفاوضات. وأكدت تعليقات الوزراء بعد انتهاء المحادثات تلك الخلافات. وقال مارك فيل وزير التجارة الاسترالي: "استراليا والدول الاخرى الاعضاء في مجموعة كيرنس أصبحت أكثر قلقاً من أن الجولة قد تواجه مشكلة اذا لم تكن أوروبا مستعدة للعب الدور نفسه الذي تتوقعه من شركائها". واختلفت الوفود ايضاً في شأن مقترحات بالسماح للدول النامية باستيراد الادوية الرخيصة المنتجة بغير تصريح من مالكي العلامات التجارية عند حدوث مشاكل تهدد الصحة العامة. وتجاوزت الدول الاعضاء في منظمة التجارة الدولية وعددها 145 دولة الموعد النهائي لاتفاق في شأن هذه المسألة في نهاية عام 2002 بسبب طلب واشنطن فرض مزيد من القيود على الامراض التي يشملها قرار السماح. واستطاع الوزراء الاتفاق فقط على الحاجة الى حل المسألة سريعاً وفشلوا في التوصل الى تقدم ملموس على رغم جلسة العمل التي شهدت مناقشات ساخنة يوم الأول من أمس.