سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بدء تأخير تنفيذ عقود "وقود الطائرات" مع الزبائن التقليديين : 3 هواجس اقتصادية تعيشها الكويت في ظل الحرب وتخشى إنفاق مكاسب أسعار النفط على الموازنات الطارئة
تعيش الكويت ثلاثة هواجس اقتصادية اساسية في ظل الحرب المحتملة على العراق اولها خطر قصف المنشآت النفطية والثاني امكان تأثر الامدادات والثالث مصير الحقول الشمالية. وتتحدث الكويت عن مصير المكاسب الاضافية التي تحققت من ارتفاع اسعار الخام في الاسواق الدولية وتتساءل عن مصيرها و"هل ستستهلكها موازنات الطوارئ والاعتمادات الاضافية او دفع ثمن كميات النفط التي ستحتاجها القوات الاميركية والبريطانية وتشتريها الحكومة من مؤسسة البترول"! واكثر ما يشغل بال الكويتيين ويُعزز جلساتهم في الديوانيات الحديث عن بدء تأخير تسليم بعض الصفقات، المتعاقد عليها مع دول اجنبية وزبائن تقليديين، بسبب الطلب العسكري عليها من دول حليفة، ما قد يؤدي الى خسارة بعض الاسواق "اذا طالت الحرب"! وعادة ما تُصدر الكويت 330 الف طن من وقود الطائرات شهرياً. وتتحدث الكويت منذ فترة عن "الهاجس المستقبلي" لتطوير حقول الشمال، المجاورة للعراق وعما اذا كانت الشركات الدولية قد تصرف النظر عن المساهمة في تطوير الحقول الكويتية وتتوجه الى العراق حيث "العقود مجزية اكثر" اضافة الى امكانات طلب "الحكم المقبل" في العراق تعديلات على الحدود وما تحتها! يُرجح ان تزيد الايرادات النفطية الكويتية الفعلية عن تلك المقدرة في موازنة 2002 - 2003 بنسبة لا تقل عن 30 في المئة بالنظر الى ان سعر برميل النفط في الموازنة 15 دولاراً في مقابل متوسط سعر فعلي سيراوح بين 23 و26 دولاراً للسنة المالية التي تنتهي في اول نيسان ابريل المقبل، وبذلك يكون القطاع النفطي "ادى قسطه الى العلى" مستفيداً من الظروف الاستثنائية التي افادت اسعار النفط في الاسواق الدولية على نحو لافت في الشهور الاخيرة، خصوصاً منذ توقف امدادات فنزويلا بسبب الاضطرابات والخلافات السياسية هناك فضلاً عن زيادة طرأت على الاسعار بفعل التطورات السياسية والامنية الاقليمية المتمثلة باحتمال شن حرب على العراق. وقد تكون هذه المقدمة من لزوم ما لا يلزم لكنها تكتسب اهمية قصوى في ظل وضع سيناريوات مختلفة ابرزها يؤكد ان المشهد النفطي في الخليج العربي سيتغير وفقاً لما ستؤول اليه الحرب المزمعة على العراق. والقطاع النفطي الكويتي اكبر الخاسرين بالمنظور الاستراتيجي… كيف؟ تسود القطاع النفطي الكويتي وحتى الديوانيات حالياً جملة هواجس ابرزها الآتي: 1- خطر قصف المنشآت النفطية. 2- امكان تأثر الامدادات وفقاً للفترة التي قد تستغرقها الحرب المحتملة. 3- مصير تطوير حقول نفط الشمال اذا تغير النظام في العراق وفتح قطاعه النفطي امام الاستثمارات الاجنبية، مع ما يعني ذلك. وفي شأن الهاجس الاول، تكرر وزارة النفط منذ اكثر من شهرين تقريباً انها وضعت خطة طارئة لحماية المنشآت، وهي خطة منسقة بين وزارات النفط والدفاع والداخلية. ومما لا شك فيه ان لهذه الخطة كلفة، غير ان من غير المؤكد معرفة مدى تطور الاحداث واثر ذلك في الكويت عموماً والقطاع النفطي خصوصاً. وتبلورت ملامح الهاجس الثاني في الايام الاخيرة اذ بدأت القوات الاميركية بالتعاقد مع الحكومة الكويتية ل"شراء" مشتقات نفطية للدبابات ومعدات النقل العسكرية فضلاً عن الطائرات الحربية. وقد يكون في الامر "قطبة مخفية" متعلقة بأسعار الصفقات ومن يتحمل الصفقة؟ تأجيل عقود ويقول متابعون لهذه القضية ان في إمكان "مؤسسة البترول الكويتية" وشركائها التابعة بيع المشتقات النفطية مباشرة الى القوات الاميركية المتمركزة في الكويت الا انها فضلت، او ان الحكومة فضّلت، ان تكون الدولة وسيطاً وبذلك تضمن المؤسسة عقد الصفقات مع الدولة... والدولة تتصرف! الى ذلك ظهرت بوادر تتغير في اجندة الامدادات اذ تم الاعلان عن تأجيل شحنات الى عدد من العملاء بسبب الطلب العسكري القوي على وقود الطائرات. وهذا التأجيل يطاول اصحاب العقود الطويلة مع الكويت ولمدة تزيد على اسبوع. واذا كانت التحركات العسكرية لا تزال في بداياتها الاولى، فماذا سيحدث للامدادات الكويتية اذا اندلعت الحرب واذا طال أمد تلك الحرب؟ يذكر ان الكويت تصدّر نحو 330 ألف طن من وقود الطائرات شهرياً، كما يشار الى ان امدادات وقود الطائرات من السعودية لم تتأثر حتى تاريخه بما تأثرت به الامدادات الكويتية. وابلغت الكويت كبار زبائن نفطها في كوريا الجنوبية، على سبيل المثال، استمرار خفض الكميات المسلّمة مقارنة بالكميات المتعاقد عليها بما يراوح بين 8 و9 في المئة بالنسبة الى عقود آذار مارس المقبل. والهاجس الاكبر هو امكان تأثر مشروع تطوير حقول الشمال بأي تطور في العراق فبعدما قطع هذا المشروع مشواراً طويلاً بين الاخذ والرد في الجدال السياسي الداخلي حول فتحه او عدم فتحه للاستثمار الاجنبي بعد ردود فعل حاسمة من اطراف اسلامية وشعبية تمخضت عن امكان ترسية المشروع والاستعانة بشركات اجنبية من دون ان يكون لهذه الشركات حق الاستثمار المباشر في حقول الشمال. وأقرت الحكومة مشروع القانون الخاص بذلك واحالته الى مجلس الامة وبدأت رحلة استدراج عروض اولية تتوقع وزارة النفط منها التوصل الى اتفاق مع كونسورتيوم تتمثل فيه شركات اميركية وغير اميركية وتعول الحكومة على الخبرة الفنية للشركات الاجنبية لرفع كفاءة الانتاجية وزيادة الانتاج ليصل الى 4 ملايين برميل يومياً بحلول سنة 2010 الانتاج الاجمالي يبلغ حالياً نحو مليوني برميل. يذكر ان الدستور يحظر على الشركات الاجنبية امتلاك مصالح نفطية او مصادر طبيعية في البلاد. واعتمدت الكويت في اعمال الاستكشاف والانتاج على مصادرها الذاتية منذ تأمين الصناعة النفطية قبل 27 عاماً. وابدت اكثر من 30 شركة اجنبية اهتمامها بتقديم وسائل التكنولوجيا المتطورة لضخ المياه والبخار والغاز للمساعدة في استخراج النفط في حقول الكويت الشمالية. ويحدو الامل وزارة النفط في اختيار بين 3 و5 شركات لتشكيل الكونسورتيوم المطلوب. ووضعت الوزارة قائمة اولية فيها: "شيفرون تكساكو" و"اكسون موبيل" و"بي بي" و"رويال دوتش شل" و"توتال الف فينا" و"سيب نفت" و"بتروناس" وتشير التوقعات الى استثمار نحو 6 بلايين دولار في 3 مناطق مجاورة لمنطقة العبدلي القريبة من الحدود العراقية فضلاً عن الرتقة والروضتين. هذا العرض الطويل يبرره القول، وعلى لسان مدير العلاقات الحكومية البرلمانية والاسلامية في مؤسسة البترول طلال الصباح: "ان الشركات الاجنبية ترجو الكويت اليوم للحصول على عقود ادارة فنية في نفط الشمال، اما بعد تغيير النظام في العراق فإن الكويت سترجو هذه الشركات". ماذا يعني ذلك؟ يعني ان الشركات الاجنبية غير راضية تماماً عن مشروع قانون لا يتيح لها الانتاج بل يكتفي بالتعاقد معها لقاء رسوم عن خدماتها. الانصراف الى العراق ويقول خبراء نفط متابعون: "ان امكان فتح القطاع النفطي العراقي للاستثمار الاجنبي سيدفع عدداً من الشركات الكبرى الى صرف النظر عن الكويت والتوجه الى العراق حيث ستكون العقود مجزية اكثر"! ويضيف هؤلاء: "ان الاستثمار في حقول الشمال على النحو الذي تخطط له الكويت قد يتعرض لانتكاسة اذا طالب النظام العراقي المقبل اذا اتى باعادة رسم حدود للإفادة من الحقول النفطية المشتركة على الحدود او تحتها مع ما يعني ذلك من مطالبة عراقية ليست في الحسبان الآن! التأمين الى هذا الهاجس او ذاك، تضاف جملة قضايا ذات علاقة مباشرة او غير مباشرة بمعادلة "الحرب على العراق وأثرها في خطط الكويت". وعلى سبيل المثال، رفعت شركات التأمين الدولية علاوات التأمين ضد مخاطر الحرب على السفن التي تتوقف في الموانئ الخليجية عموماً والموانئ الكويتية تحديداً، وزادت العلاوة المفروضة على الرحلات العادية لسبعة ايام الى الكويت الى 0.1 في المئة من قيمة السفينة فارغة. ويقول مصدر في شركة "ناقلات النفط الكويتي" ان حرس السواحل يعملون لحماية الناقلات من هجمات محتملة بزوارق سريعة. وبدأ مسؤولو القطاع النفطي الكويتي تكثيف اجتماعاتهم الدورية الخاصة بمناقشة اجراءات الامن الاضافية ل"ضمان" استقرار تدفق صادرات النفط الخام في حال نشوب الحرب. وفي هذا الاطار جرت اتصالات مع البحرية الاميركية للبحث في امكان المساعدة في ضمان سلامة المرور في الممرات الملاحية. ضياع مكاسب النفط وبالعودة الى المقدمة وعن الايرادات النفطية، التي يرجح ان تُحدث فائضاً في الموازنة يُقدر بنحو 516 مليون دينار بحسب تقرير "الشال" الاقتصادي، يمكن القول ان الظروف الاستثنائية لارتفاع اسعار النفط ستقابلها ظروف استثنائية اخرى تودي بمكاسب زيادات الايرادات. فقد طلبت الحكومة وحصلت على اعتماد اضافي للطوارئ قيمته الاولية 100 مليون دينار 330 مليون دولار وكشفت مصادر وزارية قبل ايام عن امكان طلب اعتماد اضافي قيمته 400 مليون دينار 1.3 بليون دولار اذا ما تطورت الامور على نحو "خطير". اذاً فالحساب بسيط: ايرادات نفطية تفيض بالموازنة وطوارئ تذهب بذلك الفائض!