دخلت ازمة انشقاق الحلف الاطلسي على خلفية المواقف من الازمة العراقية، فصلاً جديداً امس وبعدما حمل مسؤول بارز في البنتاغون على "السياسة الشخصية" للرئيس جاك شيراك، شددت المانيا على رفضها "التبعية" للولايات المتحدة، وقال وزير الدفاع بيتر شتروك: "لسنا أتباعاً لها، ويجب استغلال كل فرصة من اجل حل سلمي" للأزمة. عزا المستشار في وزراة الدفاع الاميركية البنتاغون ريتشارد بيرل الموقف الفرنسي من الازمة العراقية الى رغبة باريس في الدفاع عن مصالحها التجارية في العراق. وقال في تصريحات الى الصحافيين في وقت متقدم ليل الخميس: "واضح انه في الوقت الذي سترفع فيه العقوبات المفروضة على العراق، سيكون هناك خط من العقود" بين بغدادوباريس. واضاف المساعد السابق لوزير الدفاع الاميركي لشؤون الامن الدولي في عهد الرئيس رونالد ريغان: "يجب الا نخطئ: انها عقود مهمة بالنسبة الى فرنسا. ان عقد الشركة الفرنسية النفطية توتال فينا مع صدام تصل قيمته الى بين 40 الى 60 بليون دولار، وهذا ليس عقداً عادياً للتنقيب عن النفط". وزاد: "قال لي الذين حلّلوه انه فائق الأهمية بالنسبة الى الشركة الفرنسية على حساب الشعب العراقي. هناك مصالح تجارية على المحك". ويرأس بيرل مجلس السياسة الدفاعية وهو هيئة استشارية في البنتاغون الذي يعتبر احد صقوره. وعن الازمة الحالية داخل الحلف الاطلسي، قال المسؤول الاميركي ان السياسة الفرنسية هي "السياسة هي السياسة الشخصية للرئيس جاك شيراك"، مؤكداً انه علم بذلك من "عدد من المسؤولين الفرنسيين". ومحذراً من "مأساة اذا تركنا هذه السياسة تلحق الضرر الذي بإمكانها إلحاقه بالحلف الاطلسي". وختم قائلاً: "ربما نشهد الآن لحظة تاريخية في العلاقة بين دول الاطلسي". وكان وزير الخارجية الاميركي كولن باول اكد في كلمته امام لجنة الموازنة في مجلس النواب مساء اول من امس انه ما زال يثق بمستقبل الحلف، على رغم اعتراضات فرنساوالمانيا وبلجيكا على تقديم مساعدة لتركيا، في حال اندلعت حرب على العراق. وقال باول: "نجتاز منطقة اضطرابات، لكنني ما زلت متفائلاً بالتوصل الى حل في الحلف خلال الايام المقبلة". وبعد لقائه باول في العاصمة الاميركية، اعلن وزير الخارجية التركي يشار ياكيش ان فشل الحلف الاطلسي في اتخاذ خطوات لحماية بلاده في حال الحرب يضرّ بصدقيته لكن ذلك "لن يؤثر في امن تركيا". وتابع ان انقرة ستحصل على ما تحتاج اليه من خلال اتفاقات ثنائية اذا اقتضت الضرورة، لاتقاء اي هجوم عراقي محتمل. ونقل عن ياكيش قوله للصحافيين: "ان احدث تطورات في الحلف الاطلسي أثّرت سلباً في صدقيته، ولا تؤثر في حماية تركيا او امنها، وعندما يكون هناك مثل هذا الموقف في المستقبل، فان الاطراف الاخرى ستعتقد ان الحلف سيعجز عن التقدم في المحادثات في شأن الاجراءات والشكليات". واستدرك: "حتى اذا لم يوافق الحلف على تقديم الحماية لتركيا، نجري مشاورات مع حلفائنا على اساس ثنائي، واذا تعرضت تركيا لهجوم، لن تجد صعوبة في الحصول على الحماية". وذكر ان محادثاته في واشنطن تشمل ايضاً بحث عدد القوات الاميركية التي سيسمح لها بالتمركز في تركيا، اذا شنّت الولاياتالمتحدة حرباً على العراق. وتابع ان حكومته "تحاول تلبية" طلبات واشنطن، لافتاً الى تعديل عدد تلك القوات الذي نوقش في البداية وهو 80 ألف جندي. وقالت امادنا بات الناطقة باسم الخارجية الاميركية ان باول "اعرب عن الامتنان لتأييد تركيا القوي، خصوصاً قرار البرلمان التركي السماح بالاستعداد العسكري في الموقع للتقدم في القواعد التركية". ومعروف ان مئات من الخبراء الاميركيين وصلوا الى تركيا لتطوير قواعد عسكرية يعتقد انها ستكون قاعدة الانطلاق الرئيسية لحوالى اربعين الف جندي اميركي سيسعون الى فتح جبهة شمال العراق. وعلم لدى مقر الحلف الاطلسي في بروكسيل ان سفراء الدول الاعضاء ال19 في المنظمة لن يعقدوا اي اجتماع بانتظار نتائج الاجتماع الذي عقده امس مجلس الامن حول الازمة العراقية. واكد الناطق باسم الحلف ان الدول الاعضاء ستنتظر عرض تقرير رئيسي فرق التفتيش هانس بليكس ومحمد البرادعي قبل اتخاذها قراراً في شأن اجراءات دعم تركيا في حال الحرب. وكان الحلف تأكد الخميس من انه عاجز عن الخروج من ازمة دامت اربعة ايام في شأن تلك الاجراءات بسبب الفيتو الفرنسي والالماني والبلجيكي. وكان وزير الدفاع الالماني بيتر شتروك اعلن ان الحلف سيتخذ قراراً اليوم، لكن مسؤولين في المنظمة رفضوا التحدث عن هذه الفرضية. ومع تأكيد "تضامنها" مع تركيا عند الضرورة، استخدمت باريس وبرلين وبروكسيل حق "الفيتو" الاثنين الماضي ضد اجراءات دعم انقرة، عبر رفضها الدخول في "منطق الحرب" في هذه المرحلة. ولمح شتروك امس الى ان ازمة الانشقاق داخل "الاطلسي" قد لا تنتهي اليوم، ودافع مجدداً عن معارضة المانيا حرباً على العراق، وقال لقناة "زد دي اف" التلفزيونية: "لسنا اتباعاً لاميركا، وكل فرصة يجب ان تستغل لايجاد حل سلمي" للازمة العراقية.