كشفت مصادر ديبلوماسية ورسمية فلسطينية امس ان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وافق مبدئياً على تعيين رئيس للوزراء لادارة الشؤون الفلسطينية بموجب مشروع "خريطة الطريق" للسلام، فيما استدعت اسرائيل سفيرها في بروكسيل رداً على قرار محكمة التمييز البلجيكية الاربعاء بجواز محاكمة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون، بمجرد ان تزول الحصانة التي يتمتع بها بصفته رئيساً للوزراء، لمسؤوليته عن مجزرة صبرا وشاتيلا. واعتقلت قوات الاحتلال الاسرائيلي امس في رام الله خمسة ناشطين كبار من "الجبهة الديموقراطية" وأربعة ناشطين من "حركة المقاومة الاسلامية" حماس. راجع ص5 وقال مسؤولون فلسطينيون وديبلوماسيون أجانب انه بالنظر الى ان النقاط الاخرى لخطة السلام المعروفة باسم "خريطة الطريق" لم تحسم بعد، فإن تعيين رئيس وزراء فلسطيني لا يبدو أمراً وشيكاً. وقالت المصادر نفسها ان عرفات أبدى موافقته في رسالة الى توني بلير قبل محادثات رئيس الوزراء البريطاني مع الرئيس الاميركي جورج بوش في واشنطن الشهر الماضي. وقال ديبلوماسي غربي ان رسالة عرفات الى بلير كانت "تحركاً سياسياً له مغزى ولكنها ليست قراراً فعلياً... فالاختبار الحقيقي هو تحويل الكلمات الى أفعال". وأضاف ان "اللجنة الرباعية" الدولية تضم الولاياتالمتحدة والامم المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا رحبت بمبادرة عرفات واقترحت خطوات انتقالية فورية تؤدي الى تنفيذها. وفي الوقت الذي اعتبر فيه ديبلوماسي غربي موافقة عرفات على تعيين رئيس وزراء وسيلة لاجتذاب الاميركيين من جديد لتبني "خريطة الطريق"، سادت حال من الخوف والقلق الشديدين الأوساط السياسية والعسكرية الاسرائيلية التي باتت تخشى من فتح ملفات جرائم حرب لعدد كبير من الضباط والجنود الاسرائيليين في المحاكم البلجيكية التي اجاز القضاء فيها محاكمة مجرمي حرب من الاجانب ممن لا يقيمون في بلجيكا نفسها. ووصف الجنرال عاموس يارون المدير العام لوزارة الدفاع الاسرائيلية القرار الذي يهدده بشكل مباشر بأنه "خطير"، وقال في تصريحات صحافية إنه سيلجأ الى استشارة جهات قانونية في الجيش الاسرائيلي. و بذل عدد من كبار المسؤولين الاسرائيليين امس جهوداً لتحريض الولاياتالمتحدة وبريطانيا على بلجيكا التي اصدرت محكمة التمييز فيها قراراً يسمح بتقديم شارون وضباط آخرين الى المحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب خلال الاجتياح الاسرائيلي للبنان بلغت ذروة بشاعتها في مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في صيف العام 1982 في بيروت حيث قتل نحو ألفين من الاطفال والنساء والشيوخ والرجال الفلسطينيين العزل من السلاح. وقال مسؤولون اسرائيليون إن من شأن قرار محكمة التمييز البلجيكية أن يهدد مسؤولين سياسيين وعسكريين في الولاياتالمتحدة وبريطانيا بعد شنهما الحرب المرتقبة على العراق. وبعث الرئيس الاسرائيلي موشيه كتساف برسالة الى ملك بلجيكا البرت الثاني تضمنت اتهاماً مبطناً ب"اللاسامية"، وقال فيها ان بلجيكا "لا تملك الصلاحية الضميرية لتقديم زعماء اسرائيل وضباطها الى المحاكمة". وصرح وزير الخارجية الاسرائيلي بنيامين نتانياهو للاذاعة الاسرائيلية العامة بعد لقاء له مع السفير البلجيكي لدى اسرائيل، بان "ما حدث امس الاربعاء في بلجيكا هو افتراء"، واضاف ان "اساءة خطيرة ارتكبت ايضاً ضد الحقيقة والعدالة والاخلاق ودولة اسرائيل ومكافحة الارهاب الدولية".