أطلقت مجموعات إسرائيلية يمينية حملة دعائية ضخمة تدعو الى "تعزيز الوجود اليهودي" في الحرم القدسي الشريف يضم المسجد الاقصى وقبة الصخرة، والسماح بدخول اليهود الى باحاته، وذلك في اطار سعي اسرائيلي الى حسم قضية القدس ومقدساتها في ضوء نتائج الانتخابات الاخيرة التي تشكل للاحزاب المتطرفة فرصة ذهبية لتمرير مشروعها بالتهويد الكامل للمدينة المقدسة. من جهة اخرى طلب رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون لقاء الرئيس الاميركي جورج بوش في الاسابيع المقبلة. واستهل شارون امس مشاوراته لتشكيل حكومة جديدة، بلقاء مع زعيم حزب شينوي العلماني الوسط تومي لبيد، الذي ابدى استعداده للمشاركة في الحكومة "اذا استجيبت مطالب حزبه في ما يتعلق بالحد من نفوذ المتشددين دينياً"، كذلك أكد استعداد للمشاركة في "حكومة طوارئ وطنية" في حال نشبت الحرب على العراق. وسيلتقي شارون يوم الاثنين زعيم حزب العمل عمرام متسناع. وتستمر الحملة الدعائية، التي بدأت الاربعاء الماضي بعد انتهاء الانتخابات، عشرة أيام بتكلفة مليوني شيكل اسرائيلي وفرها عدد من الاثرياء اليهود الاميركيين، وتشمل بث دعايات في محطات الاذاعة ونشر اعلانات في الصحف وعلى الطرق لحض الاسرائيليين على وضع الحرم القدسي الذي يطلق عليه اليهود "جبل الهيكل" على رأس أولوياتهم. وذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية ان الاعلانات تبث في الاذاعة الرسمية على رغم ان القانون الاسرائيلي يحظر بث دعايات ذات رسائل سياسية او تتعلق بقضايا خلافية. وصممت الحملة شركة "اورن" الدعائية التي ادارت الحملة الانتخابية لحزب الاتحاد الوطني الديني مفدال اليميني المتطرف الذي يتوقع ان يشارك في اي حكومة ائتلافية جديدة، بغض النظر عن شركائها الباقين. ونقلت الصحيفة عن الناطق باسم منظمة تطلق على نفسها اسم "قلب الامة" قوله ان هدف الحملة هو "اعادة جبل الهيكل الى مركز الجدل العام" في اسرائيل على خلفية المفاوضات التي تجريها الاحزاب لتشكيل حكومة جديدة بقيادة حزب "ليكود"، ولفتت الى اهمية توقيت الحملة التي يشارك فيها ايضاً اعضاء في هذه المنظمة، منهم رئيس مجلس المستوطنات في الجولان السوري المحتل وضباط احتياط في الجيش الاسرائيلي ومطربون اسرائيليون. واشارت الى ان بعض ممولي الحملة هم من غير المتدينين، لكنهم يعتقدون بمكانة الحرم لدى الشعب اليهودي. وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون تعهد امام كبار الحاخامات قبل اسبوع من الانتخابات، بالسماح لليهود بدخول باحات الحرم القدسي ووعد بالعمل في هذا الاتجاه "بهدوء". وجاء تعهد شارون بعدما هدده عدد من هؤلاء الحاخامات بأنه فاز في الانتخابات السابقة بسبب زيارته للحرم القدسي في ايلول سبتمبر عام 2000، في خطوة اشعلت انتفاضة الاقصى المستمرة حتى الان، وإذا استمر في عدم السماح لليهود بدخول الحرم فإن ذلك سيكلفه في صناديق الاقتراع. وكانت دائرة الاوقاف التي تشرف على الاماكن المقدسة الاسلامية في مدينة القدس، ألغت برامج "زيارات الاجانب" من غير المسلمين الى ساحات الاقصى منذ ذلك التاريخ، وتسعى اطراف اسرائيلية عدة الى اجبار الاوقاف على اعادة العمل بهذا البرنامج الذي يستغله اليهود لدخول باحات الحرم، رغم ان حراس الاوقاف يمنعونهم من اداء اي طقوس دينية داخله. وشنت منظمات استيطانية ويهودية مختلفة حملة شعواء ضد دائرة الاوقاف خلال الشهور الاخيرة، فاتهمتها باجراء حفريات او بناء داخل الحرم تارة، وبتدمير معالم تاريخية تارة اخرى، لاجبارها على فتح ابواب الحرم امام السياح. وشملت هذه الحملة تنظيم تظاهرات ومحاولات متكررة للتسلل الى داخل المسجد من جانب متطرفين يهود. وأكد مدير دائرة الاوقاف الاسلامية عدنان الحسيني ل"الحياة" ان برنامج زيارة السياح الى باحات الحرم القدسي لن تستأنف طالما بقي المسلمون محرومين من الصلاة فيه. واضاف انه لا يعقل ان يسمح للسياح القادمين من اوروبا او استراليا واميركا بدخول الحرم فيما يمنع اصحاب البيت، وهم المسلمون الذي يقطنون على بعد كيلومتر واحد فقط منه مثلاً في ابو ديس، من دخوله واقامة الصلاة فيه بسبب الحواجز العسكرية الاسرائيلية والاجراءات الاخرى التي تمنع المسلمين من الصلاة في مسجدهم". واوضح ان "العمل ببرنامج الزيارات بدأ عام 1920 لما يشكله المسجد الاقصى من موقع في الحضارة والتاريخ، أما اغلاقه فجاء لاسباب استثنائية، ولحظة تزول الحواجز الظالمة سيلغى هذا القرار الاستثنائي". ودعا الحسيني العالمين العربي والاسلامي الى تقديم العون الى الفلسطينيين في مواجهة الهجمة على الحرم القدسي الذي قال ان الفلسطينيين قادرون على حمايته. وتتزامن الحملة على المسجد الاقصى مع تكثيف غير مسبوق لنشاطات المنظمات الاستيطانية في قلب البلدة القديمة في القدس والتي تتركز في محيط مسجدي الاقصى وقبة الصخرة بغطاء الاجهزة الرسمية الاسرائيلية المختلفة وحمايتها ودعمها. ويرى المراقبون ان ما نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الاميركية امس في شأن نية الادارة الاميركية ارجاء الاعلان عن الصيغة النهائية الرسمية ل"خريطة الطريق" لحل النزاع الفلسطيني-الاسرائيلي الى ما بعد تشكيل الحكومة الاسرائيلية الجديدة وامكان ارجائها مجدداً بسبب الحرب المرتقبة على العراق، من شأنه ان يوفر الوقت والاجواء المناسبة لتنفيذ هذا التيار مخططه في الاسابيع او الشهور القليلة المقبلة.