دخل السودان منعطفاً جديداً نحو إحلال سلام شامل ودائم، إذ وقع النائب الاول للرئيس السوداني علي عثمان محمد طه وزعيم التجمع الوطني الديموقراطي زعيم الحزب الاتحادي الديموقراطي المعارض السيد محمد عثمان الميرغني أمس في جدة، اتفاقاً ل"تحقيق حل شامل"، وهو الأول من نوعه بينهما منذ تولي الرئيس عمر البشير السلطة بانقلاب عسكري العام 1989. ويستند الاتفاق، في غالبية بنوده، إلى نصوص اتفاقات سبق ان وقعتها الحكومة مع زعيم "الحركة الشعبية لتحرير السودان" الدكتور جون قرنق. وفي موازاة ذلك، يصل اليوم الى الخرطوم وفد قيادي من "الحركة الشعبية" للمرة الاولى منذ نحو 20 عاماً، فيما يصل قرنق الى كينيا غداً للقاء طه في إطار مفاوضات السلام الجارية بينهما. تفاصيل أخرى ص5 والتقى طه الميرغني في مبنى القنصلية السودانية في جدة غرب السعودية حيث وقعا على "اتفاق اطاري لتحقيق الحل السياسي الشامل" بين الحكومة و"التجمع" المعارض الذي يضم أبرز الاحزاب السودانية المعارضة بما في ذلك حركة قرنق. وحصلت "الحياة" في الخرطوم على نسخة عن الاتفاق الذي نص على "قيام حكومة ذات قاعدة عريضة لتنفيذ ما ورد في الاتفاق"، وتشكيل لجنة مشتركة من المعارضة والحكومة لمباشرة حوار بين الجانبين. نظام رئاسي تعددي وجاء في الاتفاق ايضاً اعتماد "نظام رئاسي تعددي يكفل التداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات الحرة... وان يُحكم السودان حكماً لامركزياً فيديرالياً في اطار الوحدة". وأكد الجانبان ما ورد في الاتفاق الإطاري لمشاكوس الذي وقعته الحكومة مع "الحركة الشعبية" في تموز يوليو 2002، وما تم الاتفاق عليه في شأن حق تقرير المصير وعلاقة الدين بالدولة، كما اتفقا على دعم مفاوضات السلام الجارية حالياً بين الحركة الشعبية والحكومة وتحقيق مشاركة كل القوى السياسية للوصول إلى اجماع وطني لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه. كما نص الاتفاق على "حرية العمل السياسي في إطار التعددية الحزبية... وحرية التعبير والصحافة والعمل النقابي والمهني وتكوين منظمات المجتمع المدني... والتزام كل القوانين والمواثيق الدولية الراعية لحقوق الإنسان... وحق كل ولاية في انتخاب حاكمها ومجلسها التشريعي... وانتهاج سياسة خارجية متوازنة تراعي مصالح البلاد العليا، وخصوصية العلاقة مع دول الجوار العربي والافريقي... ولتنفيذ آلية الحوار بين الحكومة والتجمع الوطني الديموقراطي وتحديد مكان اللقاء وزمانه للبدء فوراً في الحوار على تفاصيل هذا الاتفاق الإطاري وأن تقوم لجنة مشتركة للحوار يكون أول أعمالها تحديد جدول زمني لانجاز مهماتها بما يتسق مع نصوص الاتفاق الإطاري لمشاكوس وما يتمخض عنه من اتفاق نهائي". كما "اتفق الطرفان على قيام حكومة ذات قاعدة عريضة لتنفيذ ما ورد في هذا الاتفاق". ونفت مصادر سودانية مطلعة ان تكون هناك أي ضغوط سياسية من الخارج أو الداخل وراء عقد لقاء مصالحة من هذا النوع في السعودية، مشيرة إلى ان ذلك يأتي ضمن اطار مساعي السلام والوفاق الوطني، وشددت على ان دخول الميرغني في السلطة لا يعني دخول كل فصائل المعارضة مع الحكومة، نافية ان يكون ثمة دور للزعيم الاسلامي حسن الترابي في هذا الشأن أو علاقة بهذا اللقاء. وأشارت المصادر إلى ان السعودية قامت بدور ايجابي بموافقتها على استضافة اللقاء، وبذلت "مساعي خيرة" لتقريب وجهات النظر بين الجانبين.