اختتم الرئيس الفرنسي جاك شيراك امس زيارة الدولة التي قام بها لتونس بجلسة محادثات عقدها مع نظيره التونسي زين العابدين بن علي. وتتجه الانظار الآن نحو القمة الاولى لمجموعة "5"5" التي تبدأ اعمالها اليوم الجمعة في العاصمة التونسية، خصوصاً ان عدداً من المشاكل الثنائية والجانبية تفرض نفسها عليها. وبدأ شيراك اليوم الثاني من زيارته بحضور احتفال عند نصب الشهداء، ثم توجه الى مقر بلدية تونس حيث تسلّم مفتاح المدينة وتوجه بعدها الى مجمع "اريانا" التكنولوجي. وبعد انتهاء زيارة الدولة، يبقى الرئيس الفرنسي في تونس للمشاركة في قمة "5"5" التي تضم خمس دول من غرب المتوسط اضافة الى الاعضاء الخمسة في اتحاد المغرب العربي. ويترافق انعقاد القمة الذي يمثل حدثاً بذاته، مع تكهنات عن امكان ان يتخللها لقاء بين الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة والعاهل المغربي الملك محمد السادس. كما تتناول التكهنات نوعية التواصل الذي سينشأ خلال القمة بين شيراك والرئيس الليبي العقيد معمر القذافي، بعد تراجع ليبيا المفاجئ عن اتفاق شبه نهائي تم التوصل اليه مع ممثلي اسر ضحايا طائرة "يوتا" حول التعويضات الاضافية. وكان شيراك ترك خلال مؤتمره الصحافي اول من امس الباب مفتوحاً امام امكان تسوية مشكلة التعويضات، مشيراً الى ان الرئيس زين العابدين بن علي يلعب دوراً للتوصل الى حل مشرف للجميع، وانه يعتقد انه في الامكان التوصل الى ذلك. وقال ان المفاوضات في شأن التعويضات لا تتم عبر الدولة الفرنسية ولا الليبية، وانما بين "مؤسسة القذافي العالمية الخيرية" وممثلي أسر الضحايا، وانه بعد القرارات التي اتخذت في شأن ضحايا طائرة "بانام" الاميركية "تدخلت لدى الرئيس الليبي لدعم مطالب أسر ضحايا الطائرة الفرنسية بناء على السابقة الاميركية". ورأى انه من الطبيعي ان تشهد المفاوضات تقلبات متعددة، في اشارة الى البيان الصادر عن ممثل اسر الضحايا غيوم دوسان مارك عن وقف التفاوض. وأعرب عن اعتقاده ان الطرفين سيتوصلان الى اتفاق وانه يتمنى ذلك. واشارت اوساط فرنسية الى ان حضور القذافي قمة مجموعة "5"5" قد يفسح في المجال امام امكان توصله الى تفاهم مع شيراك حول الموضوع. وتطرق شيراك، رداً على سؤال، الى زيارة وزير الخارجية الاميركي كولن باول لكل من تونس والمغرب والجزائر، فنفى اي منافسة مع الولاياتالمتحدة في المنطقة وقال ان لديه نظرة متكاملة للعلاقات بين اوروبا ودول المغرب وان "مساهمتنا تهدف الى تذليل العقبات وتطوير التعاون المغاربي". واضاف ان "هذا هو هاجسنا واذا ساهم الاميركيون واهتموا بالمنطقة فهذا جيد ويصبّ في اتجاه تطوير اوضاع المغرب، وهذا هو هدفنا"، مشدداً على ان "لا منافسة غير صحية مع الولاياتالمتحدة، وانما تكامل يبرر اهتمام الاميركيين وسعيهم الى تطوير المغرب". وخلال عشاء الدولة الذي أقامه الرئيس زين العابدين بن علي تكريماً لضيفه الفرنسي، توقف شيراك عند التطابق في وجهات النظر الفرنسية والتونسية في شأن التسوية العادلة والشاملة في الشرق الاوسط وضرورة العمل على نقل السلطة الى العراقيين. وتوقع بن علي ان يشهد التعاون مع فرنسا "مزيداً من التطور والتوسع في المرحلة المقبلة ليشمل مجالات اخرى اضافة الى الاستثمار والتعاون الثقافي والعلمي في اطار اولويات تونس التنموية". وحض في خطاب ألقاه حلتل مأدبة العشاء على شرف شيراك، على ان تدعم باريستونس للحد من الانعكاسات السلبية "لانضمام اعضاء جدد للاتحاد الاوروبي". وعبّر عن الامل بأن تكون فرنسا "افضل سند لتونس لمتابعة تنفيذ اتفاق الشراكة" الذي توصلت اليه تونس والاتحاد عام 1998. وحض على تأمين "حماية دولية للشعب الفلسطيني ووضع حد للاعتداءات الاسرائيلية على حرماته ومؤسساته" وتهيئة الظروف لمعاودة المفاوضات وشدد على ضرورة مساعدة الشعب العراقي "على استعادة سيادته وامنه واستقراره والتفرّغ لمعاودة بناء بلده وإعماره". الى ذلك اعلن مصدر رسمي تونسي ان الشرق الاوسط والعراق والعلاقات الثنائية كانت موضع المحادثات بين الرئيسين بن علي وشيراك. وقال الناطق باسم الرئاسة التونسية ان الرئيسين اعربا عن املهما باستئناف مفاوضات السلام في الشرق الاوسط "على اساس الشرعية الدولية وتطبيق خريطة الطريق" من اجل "تحقيق سلام دائم وعادل يكون في مصلحة شعوب المنطقة". وعن العراق، اعرب بن علي وشيراك عن "قلقهما" مشددين خصوصاً على ضرورة "الحفاظ على سيادة اراضي العراق ووحدته" وعلى الدور الذي يجب ان تضطلع به الاممالمتحدة من اجل نقل السلطة الى العراقيين. واكد الرئيسان "العلاقات الممتازة" بين تونسوفرنسا وبحثا آفاق تطورها. وتطرقا الى "الآفاق التي يقدمها تعاون قوي بين اتحاد المغرب العربي والاتحاد الاوروبي" في اطار "5"5".