القى الرئيس الايراني محمد خاتمي بالكرة في الملعب الاميركي، في ما يتعلق بتحسين العلاقات بين الجانبين، اذ دعا واشنطن الى تغيير سياستها تجاه بلاده، معتبراً ان المساعدات التي قدمتها الولاياتالمتحدة لمنكوبي الزلزال لا تكفي وحدها لحل المشكلات بين البلدين. وبدا ذلك رداً على اعلان وزير الخارجية الاميركي كولن باول استعداد واشنطن لفتح حوار مع ايران في ضوء "الخطوات الايجابية" التي اتخذتها طهران خلال الاشهر الاخيرة، وبدأت بتجاوبها مع الدعوات الى فتح البرنامج النووي الايراني امام تفتيش دولي اكثر صرامة، وانفتاحها على مجلس الحكم الانتقالي في العراق والدول العربية المعتدلة، وأخيراً موافقتها على مساعدات اميركية مباشرة لإغاثة ضحايا الزلزال. ولكن باول اضاف في مقابلة مع صحيفة "واشنطن بوست" ان ايران ليست بعيدة عن الشبهات، و"لا يزال ينتابنا القلق حيال نشاطات ارهابية ومسائل اخرى تتعلق بالقاعدة وغيرها من الامور التي يجب ان تبقى في بالنا". وجاءت تصريحات باول وسط مراجعة تجريها الادارة الاميركية لسياستها تجاه طهران للمرة الثالثة منذ انتخاب الرئيس بوش. ويتوقع ان تثير تصريحات باول حفيظة الصقور في الادارة خصوصاً وزارة الدفاع التي حذرت من الانفتاح على النظام الايراني في ضوء الانعكاسات المحتملة لذلك على الوضع في العراق والحرب على الارهاب. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية ل "الحياة" ان استجابة ايران لدعوة المجتمع الدولي الى السماح بتفتيش مواقع الطاقة النووية ونجاح واشنطن ولندن في إقناع ليبيا بالتخلي عن برنامج اسلحة الدمار الشامل الذي كانت تسعى لتطويره "اعطى دفعة لدعاة العمل الديبلوماسي بدلاً من دعاة تغيير الانظمة". واضاف انه "رغم استمرار الخلاف مع طهران بشأن دعمها تنظيمات ارهابية ومعارضتها التسوية السلمية في الشرق الاوسط، فإن السياسة الايرانية اظهرت قدراً كبيراً من المرونة والبراغماتية التي لا يمكن تجاهلها". واشار الى لقاءات اجراها الرئيس الايراني اخيراً مع العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري حسني مبارك رغم ارتباطهما بمعاهدتي سلام مع اسرائيل. ويذكر ان الملك عبدالله يبذل حالياً جهود وساطة بين واشنطنوطهران لتسليم اعضاء قياديين في "القاعدة" تحتجزهم ايران في مقابل انهاء نشاط حركة "مجاهدي خلق" الايرانية المعارضة والتي تتخذ من الاراضي العراقية منطلقا لشن هجمات ضد ايران. ويحذر مسؤولون متشددون في الادارة الاميركية من ان من المبكر الحكم على ما إذا كانت ايران، التي ادرجها الرئيس بوش ضمن دول "محور الشر"، قررت بالفعل اتباع نهج مختلف على صعيد وقف دعمها التنظيمات الارهابية. وساطة المانية؟ ولوحظ في الوقت نفسه، ان الحكومة الالمانية دخلت على خط العلاقات بين ايران والغرب، معربة عن أملها في ان تنبثق من التعاون الانساني الدولي الجاري في ايران، رغبة متبادلة لتطبيع العلاقات بين طهران والعواصم الغربية عموماً، وواشنطن خصوصاً. وفيما اشاد مسؤولون المان بتخلي طهران اخيراً عن "سياسة الانعزال" ودعوة بعضهم برلين الى لعب دور وساطة بين الاخيرة وواشنطن، ابدى السفير الالماني لدى ايران باول فرايهر فون مالتسان ثقته بأن الجهود الانسانية المبذولة لتجاوز كارثة الزلزال "ستؤدي الى المزيد من الانفتاح في ايران". وأشار الى ان حكومته تعمل حالياً على ازالة التوتر بين القيادة الايرانية والغرب. ورأى ان "الوقت حان لتجاوز مشاعر انعدام الثقة العميقة بين الولاياتالمتحدةوايران". ضحايا الزلزال خمسون الفاً في غضون ذلك، اتسع حجم الكارثة الانسانية في مدينه بم الايرانية في ظل توقعات بأن يصل عدد القتلى هناك الى خمسين الفاً. وظهرت بوارق امل وسط الكارثة في انقاذ طفلين ساعد تغريد اثنين من طيور الكناري، كانا محبوسين في قفص مكسور تحت الانقاض، رجال الاغاثة في العثور عليهما احياء بعد مرور اربعة ايام على الزلزال. ووصل 81 مسعفاً اميركياً الى بم اول من امس، وكان وزير الخارجية الايراني كمال خرازي في استقبالهم، مبدياً ترحيبه بالمساعدة الاميركية، لكن مصادر ايرانية قريبة من اوساط القرار، كانت حذرة من الاغراق في التفاؤل في هذا الشأن، "في انتظار معرفة ما اذا كانت واشنطن جادة في تغيير موقفها. كما اعربت المصادر نفسها عن تقدير ايران العميق للتضامن الكبير الذي ابدته دول مجلس التعاون الخليجي بتخصيص مبلغ 400 مليون دولار للمنكوبين. راجع ص 2 كذلك تواصل وصول المساعدات الى ايران. وأرسلت سورية امس، طائرة تحمل امدادات اغاثة وادوية، برفقة وفد من الهلال الاحمر السوري. كذلك ارسل الصليب الأحمر الدولي من مخازنه في المنطقة، امدادات ضخمة، يتوقع ان يتسلمها الهلال الاحمر الايراني.