تتبع شركة روتانا للانتاج منذ فترة سياسة لافتة للانتباه: ما ان ينجح فنان معين حتى تتربص له وتحاول جاهدة ان تضمه إليها، خصوصاً بعدما أعلنت ادارتها نيتها ضم اكبر عدد ممكن من النجوم إلىها. وظاهرة روتانا، تجربة جديدة تشهدها الساحة الغنائية في العالم اجمع، وليس في الدول العربية فحسب. فمع عدد مطربين فاق المئة، غدت روتانا من اكبر شركات الإنتاج في العالم. وخلال سنة واحدة، قطعت روتانا أشواطاً تكشف طبيعة إستراتيجيتها، اذ نجحت في استقطاب عدد كبير من النجوم، ما دفع الأوساط المعنية إلى تساؤلات كثيرة، وخيّم قلق على الساحة الفنية، من قيامها باحكام قبضتها على السوق، و"احتكار" الغناء في العالم العربي. في شهر أيار مايو شهد الوسط الفني صفقة انتقال عمرو دياب إلى الشركة. وأقيم للمناسبة احتفال ضخم في العاصمة اللبنانية جمع أهل الفن والصحافة. انتقال عمرو دياب ترافق مع حملة مواقف واشاعات، منها أنّ عمرو تقاضى مبلغاً خيالياً خمسة ملايين دولار مقابل انتقاله، وانه اشترط تسجيل ألبومه في لندن أو باريس، وان تكون هناك شركة تأمين خاصة مهمتها تأمين أغانيه عندما يتم تسجيلها بعدما تعرضت ألبوماته السابقة للسرقة. عمرو دياب الذي انتقل إلى روتانا قبل انتهاء عقده مع "عالم الفن" التي يملكها محسن جابر، ترتب عليه مليون دولار حسب شروط العقد. وفي شهر تشرين الأول أكتوبر، وقع المطرب المصري ايهاب توفيق في القاهرة عقد الانضمام بالأحرف الأولى إلى روتانا. وأكد ان السعي نحو روتانا يعد بمثابة قفزة نوعية في مجال التنافس مع غالبية الفنانين، "لأن كل الغناء العربي يسعى إلى أن يكون في روتانا". واحتفلت روتانا أيضاً بانتقال محمد فؤاد أيضاً إليها. وأقامت حفلة كبيرة في القاهرة حضرها عدد من نجوم السينما والغناء والاعلام. وسرت اشاعة تفيد أن محمد فؤاد تلقى مبلغ خمسة ملايين دولار مقابل انتقاله من شركة عالم الفن اثر الخلافات التي نشأت مع الشركة السابقة حول دعاية ألبومه الأخير. ونجحت روتانا أيضاً في ضم باسكال مشعلاني وعاصي الحلاني وإليسا إلى قافلة فنانيها. كما أكد صابر الرباعي أن ألبومه "شارع الغرام" سيكون آخر تعاون له مع شركة عالم الفن، بعدما اتفق مع شركة روتانا على توقيع عقد تعاون مدته 3 سنوات. ونجحت روتانا في تسوية خلافاتها مع جورج وسوف وفضل شاكر. وكان شاكر واجه مشكلات عدة مع روتانا نتيجة التأخير والمماطلة في إنتاج البوم جديد له "بعد حبك خيال"، الأمر الذي كان سيسيء اليه لولا النجاح المميز الذي حققه في أغانيه الأخيرة "يا غايب" و"ضحكت الدنيا" و"معقول". وهكذا نجحت روتانا في إعادة إبرام اتفاقين مع شاكر ومع سلطان الطرب، نافية انتقاله إلى شركة منافسة، مؤكدة تمسكها بالمطرب الكبير، وقد اعلن جورج وسوف في "فيرجين" بيروت تجديد عقده 3 سنوات مقبلة. من ناحية ثانية، تجري روتانا مفاوضات مكثفة مع نانسي عجرم للحصول على موافقتها للانضمام إليها. كما ان أمل حجازي واصالة ولطيفة تلقين عروضاً من الشركة. ولم يعرف بعد ما إذا كانت إحداهن قررت الانتقال. وفي تحول استراتيجي يهدف إلى الوصول إلى المشاهد العربي، تم إطلاق قناة روتانا الفضائية المفتوحة "من دون تشفير" تبث على ثلاثة أقمار اصطناعية تغطي العالم العربي وأفريقيا وأوروبا. ومن أجل تأمين الدعم الكافي لنجاح القناة، أسست شركة خاصة بقناة روتانا شهدت دخول مساهمين مرموقين في الإعلام. روتانا التي تحاول استقطاب اكبر عدد ممكن من الفنانين العرب، بدأت تواجه مشكلات جديدة مع مطربيها. فها هو كاظم الساهر يبدي انزعاجه من الحملة الدعائية غير الكافية التي رافقت "حافية القدمين"، وحسين الجسمي الذي لم يجدد عقده مع روتانا بدأ يتلقى عروضاً من شركة عالم الفن، ومادلين مطر تعترض على التقصير الناتج عن توزيع ألبومها الأخير. هل ستنجح روتانا في تسوية خلافاتها، فتضم جميع المطربين العرب تحت جناحيها؟ هل ستختفي الشركات الأخرى لغياب فنانين كبار يعودون عليها بمردود مادي يضمن استمراريتها؟ ومع اختفاء المنافسة بين شركات الانتاج، وانحسار التعددية وتنوّع العرض... هل ستملي روتانا شروطها المطلقة على الفنانين والشعراء والملحنين، وتفرض خياراتها الفنية على الجمهور، وتتحكم بموازنات الكليبات والمهرجانات؟ وهل سيؤثر كل ذلك سلباً في مستوى الغناء العربي؟