لبنانية عرفها العالم قبل أن تتعرف إليها بلادها، ميما سلوم موهبة متقدة في تصميم المجوهرات ذاع صيتها من فرنسا إلى اليابان مروراً بموناكو وإيطاليا وإسبانيا وهونغ كونغ والفيليبين وكولومبيا والبيرو والولاياتالمتحدة. تعرف الأسواق الأميركية تصاميمها جيداً وتبيع منتجاتها بلمح البصر. وتعتبر ميما "الغجرية في داخلي"، آخر مجموعة مجوهرات لها، مفتاح دخولها إلى السوق العربية، بعدما صممتها خصيصاً ل"دار سليم مزنر للمجوهرات" في بيروت. والمجموعة استغرق العمل عليها 9 أشهر، ثلاثة أمضتها في التصميم وستة في التنفيذ. وهي تضم قطع حلي فريدة وأخرى مصنّعة بكمية محدودة جداً يتوقع أن تعمد دور المجوهرات حول العالم إلى نسخها، تماماً كما فعلت مع مجموعات ميما السابقة. بدأت مسيرتها قبل 20 عاماً من مهد الموضة العالمية. تقول سلوم ل"الحياة": "غادرت بيروت عام 1976 هرباً من الحرب الأهلية. فأنا أحب بلادي جداً لكنني كغيري لم أحتمل الحرب والقتل". وتعود ميما، التي درست العلوم السياسية، بالذاكرة إلى ذلك الصديق الذي وفّر لها عقد عمل في اليونسكو في باريس، طارت بموجبه إلى عاصمة الموضة لتعمل مع الأممالمتحدة في قسم رعاية الشباب ثم في قسم العلوم السياسية. ولم تكتشف الشابة ولعها بالجواهر وموهبتها في التصميم إلا عام 1983 بعد زيارة عمل إلى البيرو: "عدت من البيرو بعد رحلة عمل ومعي مجموعة من الحجارة الكريمة. بسطتها أمامي ورحت أفكر بالقالب الذي سأضعها فيه. وسرعان ما وجدت نفسي مصممة مجوهرات ورحت أصمم الإكسسوارات لأشهر دور الأزياء". بوهيمية فريدة صفقت لها دور شانيل وديور، نينا ريتشي ودانتشو ديتشللي، شاركت ميما في معارض عدة ومتاحف عالمية، حتى أن أحد تصاميمها الذي قدمته عام 1989، احتفظ به متحف "أوسيانوغرافيك"، وهو عبارة عن صدار وحزام حمل بتوقيع سلوم لدار "شانيل". كتبت عنها أهم المجلات والصحف الأجنبية ك"باري ماتش"، "نوفيل اوبسرفاتور"، "كوزموبوليتان"، "بوزار"، "اكسبرس"، "فيغارو" و"مدام فيغارو"، انبهرت بها مونتي كارلو خلال فترة عملها مع "نينا ريتشي"، حينما استخدمت مواد قديمة وغريبة، وقدمت قطعاً فريدة عمدت أكبر الدور العالمية إلى تقليدها. عن أحلامها وما حققت منها، تقول: "وصولي إلى متاحف إيطاليا وموناكو وفرنساوالولاياتالمتحدة كذلك الشرق الأقصى أشبعت شغفي العالمي. لكنني أحلم اليوم بدخول السوق العربية وتعريف العالم الشرقي إلى فني". وتعترف سلوم بفضل فرنسا عليها، إذ تقول: "حضرت غريبة تائهة، فاحتضنتني باريس وفتحت لي ذراعيها. أما الولاياتالمتحدة، فأتاحت لي سوقها ووجدت تصاميمي تباع فيها بلمح البصر". امرأة عملت في ال"كوليفيشيه" أكسسوارات لعشر سنوات، قبل أن تتفرغ لتصميم الجواهر النفيسة، تقول: "لن أعود إلى تصاميم الفنتازيا بعد اليوم، على رغم أنها تمكن المرء من ترجمة أي فكرة يريدها لوفرة المواد القابلة للتطويع. أما الأحجار الكريمة والذهب، ففيها متعة وسحر لا نظير لهما". وتمضي قائلة: "أحب تنفيذ ما في مخيلتي وإطلاق العنان لذاتي من دون التفكير بالأسعار"، معتبرة ان "تحويل الفن إلى تجارة هو ما يبقي المصممين المحليين في دائرة مغلقة لا تحملهم إلى الخارج". وتضيف: "أحب دائماً العمل على رمز معين وان يكون لمصوغاتي معنى. ففي القديم لم تكن الصيغة مجرد قطع زينة، بل كانت لها دلالاتها. فهي ترمز إلى سلطة أو مكانة اجتماعية معينة في الحضارات القديمة". اللؤلؤ هو الحجر الأحب إلى قلبها: "أشعر بأنه رمز الأنوثة، لا سيما مع أعجوبة هذا الحجر الدائري الشكل، الذي يخرج من الماء ويربى في صدفة يخرج منها كفينوس رمز المرأة التي خرجت من صدفة مماثلة". صمّمت الكثير من الجوائز أبرزها جائزة الكاتبة مارغريت يورسونار عام 2002، وقالت فيها الأخيرة: "إبداعات ميما سلوم هي من وحي يندر وجود مثيل له"، وهي عبارة تفتخر بها المصممة وتعتبرها دفعاً لها إلى الأمام. باحثة دائمة عن التناغم، تجمع في تصاميمها بين الصفاء والانسياب التحرري، العقد والتشابك، طبيعة كاملة ومنفتحة وترجمة مرئية لمكنونات النفس. تقول: "أحاول قدر الإمكان أن اقدم ما يساعد كل امرأة على العثور على هويتها في مجوهرات تشبهها. اشعر بأن كل امرأة يراودها ما يراودني من تساؤلات، لذا أحاول الإجابة عنها بمصوغاتي. إنها حال نفسية وشخصيات نسائية مستوحاة من رموز كالنار والبركان، الحية، الغجرية والساحرة". وتضيف: "أشعر بأن الحجارة الكريمة تناسب أنبل الصفات لدى الإنسان وأجملها لمجرد التفكير بكم تعبت الأرض في العمل على المواد المعدنية للخروج بحجارة مماثلة". وعن ذاتها تقول: "أشعر بفخر كبير لتحدّري من بلاد شرقية. هذه الخلاسية الشرق أوسطية وما يرافقها من روح لا وجود لها في الغرب". غير انها تعترف بما قدمه لها الغرب من "الصرامة والتصميم"، وهو ما يجعل عملها مزيجاً شرقياً - غربياً. أما حول النساء اللواتي يرغبن تجريب جواهرها، فتقول: "احب أن أصمم الحلي للملكة رانيا لأنها رمز الأناقة والشباب، والسيدة نازك الحريري لرقيّها، والسيدة نورا جنبلاط لأنها من اجمل النساء". أما من الفنانات ف"أتمنى تصميم جواهر لجوليا روبرتس واندي ماكدويل وشارلوت رامبلينغ وهيفاء وهبي".