قال ديبلوماسيون ان مجلس الأمن امتنع بسبب اصرار باكستان عن الاشادة بقرار ليبيا التوقف عن تطوير أسلحة دمار شامل باعتباره نموذجاً تحتذي به الدول الأخرى. و"رحب بحرارة" بيان صدر باجماع الدول ال15 الاعضاء في المجلس باعلان ليبيا التخلي طوعاً عن برامجها الخاصة بتطوير اسلحة نووية وكيماوية وبيولوجية. وشجع البيان الذي قرأه على الصحافيين السفير البلغاري ستيفان تافروف الذي ترأس بلاده مجلس الامن خلال كانون الاول ديسمبر الجاري، كل الدول على "تكثيف جهودها في اتجاه حظر انتشار اسلحة الدمار الشامل". لكن البيان اسقط في الدقائق الأخيرة عبارة "الاجراءات التي اتخذتها ليبيا يمكن ان تصبح نموذجاً للآخرين خصوصاً في الشرق الاوسط، لوقف انتشار اسلحة الدمار الشامل وتداولها". وتمتلك باكستان، على غرار جارتها الهند، قنابل ذرية. لكنها لم تنضم الى معاهدة حظر الانتشار النووي ولا تسمح للمفتشين الدوليين بدخول منشآتها النووية. وقال ديبلوماسي كان قريباً من مفاوضات صياغة البيان ان العبارة اسقطت لأن باكستان "لا تريد ان تنطبق مثل تلك البيانات على جنوب آسيا". وقال ديبلوماسي باكستاني طُلب منه التعليق: "الصياغة النهائية للبيان عكست مصالح باكستان القومية مثلما عكست مصالح الدول الأخرى في المجلس. وفي النهاية صدر البيان بالاجماع". وفي طرابلس، أوضح مصدر إعلامي ان وزير خارجية بريطانيا جاك سترو دعا وزير الخارجية الليبي عبدالرحمن شلقم إلى زيارة بريطانيا. وأوضح ان سترو أكد في اتصال هاتفي أجراه مع شلقم، رغبة بلاده في تطوير علاقاتها مع ليبيا. وفي فيينا، أكد خبراء وديبلوماسيون ان ليبيا استخدمت لصنع اسلحة الدمار الشامل معدات من الخارج يمكن استخدامها لمآرب مدنية وعسكرية في آن واحد. وقال خبير نووي في العاصمة النمسوية طالباً عدم كشف هويته "ان ليبيا تسوقت من أوروبا وآسيا في مسعى لصنع قنبلة نووية واسلحة كيماوية". واضاف: "وبما انه ليس لديها لا علماء ولا تقنيين ولا المهارة ولا القطع والمعدات الضرورية لصنع ما كان سيشكل "قنبلة اسلامية"، فإنها حصلت من الخارج على تكنولوجيات مزدوجة الاستخدام مدنية وعسكرية بغية التوصل الى مبتغاها". واوضح ديبلوماسي غربي ان نظام الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي شرع في البداية في العام 1979 وبالتعاون مع الاتحاد السوفياتي السابق، ببناء مفاعل تجريبي صغير بقوة 10 ميغاوات في تاجوراء على بعد 15 كلم جنوب شرقي طرابلس. واضاف ان المفارقة هي ان هذا الموقع الذي وضع تحت مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ العام 1980، "يشكل لب البرنامج النووي الليبي". وبدأ الموقع بالعمل في 1981 وبعد ثلاث سنوات كان 750 تقنياً ليبياً يعملون فيه الى جانب خبراء سوفيات، على حد قول الديبلوماسي الغربي الذي اضاف ان الموقع اعد لإنتاج نظائر مشعة تفصل بواسطة جهاز طرد مركزي، وللابحاث التطبيقية في الفيزياء والكيمياء النووية. ولتحديث تاجوراء استعانت ليبيا في العام 1984 بالشركة البلجيكية "بلجو-نوكليير"، لكن وأمام ضغوط الولاياتالمتحدة رفضت الشركة العقد البالغة قيمته نحو بليون دولار كما قال ديبلوماسي آخر، موضحاً "ان تقنيين نوويين ليبيين تدربوا في الولاياتالمتحدة وفي أوروبا حتى بداية التسعينات". وقبل ذلك كانت ليبيا تحتل في 1975 شريط اوزو في التشاد الغني باليورانيوم وأبرمت في 1978 اتفاقاً مع الهند حول التطبيقات السلمية للطاقة الذرية، على ما ذكر الديبلوماسي. وفي 1976 وافقت فرنسا على بناء محطة نووية في ليبيا يفترض ان تزود بالطاقة مصنعاً لتحلية المياه، وفي 1980 ابرمت طرابلس اتفاقا مع الاتحاد السوفياتي السابق لبناء محطة بكلفة اربعة بلايين دولار وبقوة 880 ميغاوات في منطقة سرت غرب العاصمة الليبية. غير ان هذه المشاريع لم تنجز. وأكد الديبلوماسي ايضاً "ان كل اتفاقات التعاون هذه كانت بهدف الحصول على تكنولوجيات مدنية لاستخدامها لمآرب عسكرية". وجاء في تقرير قدمته وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية سي آي اي الى الكونغرس في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، ان "ليبيا شاركت في برامج تبادل مختلفة سعت من خلالها للحصول على تكنولوجيات ومعدات تمكنها من تحسين قدراتها التقنية في المجال النووي". وكشف مسؤولون اميركيون السبت ان ليبيا كانت تملك اجهزة طرد مركزي تسمح بتخصيب اليورانيوم الضروري لصنع اسلحة نووية. وفي موازاة ذلك صنعت ليبيا اسلحة كيماوية - مثل غاز الخردل والغازات المثيرة للاعصاب - في مصنع شيّد اواخر الثمانينات في الرابطة على مسافة 40 كلم جنوب غربي طرابلس. واكتشف وجود هذه الوحدة "فارما 150" في 1988 بحسب تقرير أخير للمعهد الدولي لابحاث السلام في ستوكهولم. وتولت بناء هذا الموقع الشركة الالمانية "ايمهاوزن" للمنتجات الكيماوية التي تقدمت بطلبيات معدات لدى شركات مقرها في فرنسا وسويسرا والنمسا والمانيا الشرقية السابقة مع الايحاء بأن هذه المعدات ستستخدم لبناء مصنع كيماوي في هونغ كونغ. ويشير المعهد الدولي لابحاث السلام الى ان ليبيا صنعت اسلحة كيماوية في مصنع تحت الارض في ترهونة على بعد 65 كلم جنوب شرقي طرابلس وفي وحدة "فارما 200" التي اقيمت في واحة سبها على مسافة 650 كلم الى جنوب العاصمة الليبية.