يبدي مجلس الحكم الانتقالي اصراراً على ان تكون محاكمة صدام حسين داخل العراق، في وقت يستعد عدد من الدول العربية والأجنبية لعرض شكاوى ضده. وفيما جددت الاممالمتحدة معارضتها عقوبة الاعدام، أعربت اللجنة الدولية لرجال القانون عن "قلقها الشديد" من الشروط المطروحة للمحاكمة، كما طالب قريب لصدام قتل الرئيس العراقي السابق كل عائلته، بمحاكمة دولية. قال الناطق الرسمي باسم مجلس الحكم الانتقالي العراقي حميد الكفائي إن "موقف كل اعضاء مجلس الحكم موحد ويؤكد ضرورة اجراء محاكمة الرئيس العراقي المخلوع في العراق". وأضاف ان "صدام ارتكب جرائم بحق الشعب العراقي اولاً واخيراً، فهو قتل ما لا يقل عن ثلاثة ملايين شخص وتسبب بتهجير حوالى المليونين كما تسبب باصابة زهاء مليون شخص بالاعاقة... لذلك، يجب ان يحاكم في العراق من قبل قضاة عراقيين استناداً الى القوانين العراقية والمعاهدات والاعراف الدولية التي سبق ان وقع عليها العراق". وأوضح الكفائي ان "المحاكمة ستتطلب بعض الوقت بسبب اعداد التحقيق والدعاوى وتوجيه الاتهامات، وهناك اشخاص بحاجة الى توكيل محامين للدفاع عنهم اثناء المحاكمة... التي ستكون علنية وشفافة وليست سرية لاننا نريدها ان تكشف ما حصل وتبرئ من لا علاقة له وتدين المتهم"، مشيراً إلى ان "صدام سيسلم الى المحكمة العراقية لينال عقابه بعد ان ينتهي الاميركيون من تحقيقاتهم الخاصة معه". قضاة عراقيون إلى ذلك، اكد وزير العدل العراقي هاشم الشبلي ان صدام يجب ان يحاكم داخل العراق من قبل محكمة عراقية على يد قضاة عراقيين. وقال لمحطة تلفزيون "العراقية"، التي تشرف عليها قوات التحالف الاميركي - البريطاني، "نرفض المطالبة بمحاكمة الرئيس السابق صدام في محكمة دولية ونشدد على ضرورة محاكمته في داخل العراق... القضاة العراقيون يملكون خبرة كبيرة في هذا المجال مما يؤهلهم لإجراء مثل تلك المحاكمات للذين ارتكبوا جرائم ضد الشعب العراقي". وأضاف الشبلي: "نحن بلد لديه قيم وتجارب قضائية واستقلال وكامل الحرية في التصرف مع كل من اساء الى الشعب العراقي... وما تقوله ايران او اسرائيل أو جهات اخرى هو شأن من شؤونها ولا علاقة لنا به اطلاقاً". وكان رئيس القضاء الايراني آية الله محمود هاشمي شهرودي أكد ان صدام حسين يجب ان يحاكم في ايران، بينما اعلنت الحكومة الايرانية انها تستعد لرفع شكوى ضده امام هيئة دولية. وبدورها، اعلنت اسرائيل انها تدرس الوسائل القانونية للمشاركة في الادعاء على صدام حسين في حال محاكمته امام محكمة دولية بسبب اطلاق صواريخ على الدولة العبرية ابان حرب الخليج الثانية في 1991. البحرين كما طالبت الكتلة الاسلامية في البرلمان البحريني الحكومة برفع دعوى قضائية ضد صدام حسين متهمة إياه بقتل 11 مواطناً بحرينياً خلال تمرد الشيعة في العراق العام 1991. وصرح النائب عبدالله العالي بأنه عرض مع أعضاء الكتلة الاقتراح حرصاً على "دماء شهداء البحرين من ضحايا النظام السابق". وأكد ان "صدام مسؤول عن قتلهم جميعا". يذكر أن البحرينيين الأحد عشر كانوا طلاباً يدرسون في العراق قبل اندلاع حرب الخليج العام 1991 التي انتهت بطرد تحالف قادته الولاياتالمتحدة للقوات العراقية من الكويت عقب احتلال لها دام سبعة أشهر. وأدت محاكمة صدام حسين الى انقسامات في الأسرة الدولية مرتبطة، خصوصاً بهوية المحكمة وعقوبة الاعدام. الاممالمتحدة وأعربت المفوضية العليا لحقوق الانسان التابعة للامم المتحدة امس عن أملها في ان تجري محاكمة صدام في اطار احترام المعايير الدولية مذكرة بمعارضتها المبدئية لعقوبة الاعدام. وقال الناطق باسم المفوضية العليا جوزيه دياز في مؤتمر صحافي: "في حال اجراء المحاكمة، نأمل ان تكون متطابقة مع المعايير الدولية لحقوق الانسان"، مضيفا ان هذا القلق "ابلغ الى سلطات التحالف ومجلس الحكم العراقي". إلى ذلك، اعتبرت اللجنة الدولية لرجال القانون، وهي منظمة غير حكومية تحرص على احترام القانون في العالم، في بيان ان "اعتقال صدام حسين واحتجازه يوفران فرصة فريدة لإحالة المنفذ المفترض لبعض أسوأ الجرائم الدولية في الربع الاخير من القرن الماضي، الى القضاء". واضافت ان "اللجنة الدولية لرجال القانون حريصة على ان تعرف ما اذا كانت ستتوافر لمحكمة تتألف حصراً او في شكل شبه حصري من قضاة ومدعين ومحققين عراقيين، القدرة والخبرة المطلوبتان لإجراء المحاكمات المعقدة المطروحة... وألا تكون مجرد وسيلة لاشباع رغبة في الانتقام او ممارسة انتهازية سياسية". وأوضح البيان ان "انظار العالم ستتحول نحو محاكمة صدام حسين، ومن المهم ان تحترم المحكمة، اياً تكن، أعلى معايير العدالة والانصاف والا تكون مجرد وسيلة لاشباع رغبة في الانتقام او ممارسة انتهازية سياسية". قريب لصدام وفي بغداد، طالب جمال حسن كامل، الناجي الوحيد من اغتيال النظام السابق كل افراد عائلته، أمس بمحاكمة صدام حسين امام محكمة دولية "محايدة" بدلاً من محكمة عراقية، وذلك خشية عمليات "الثأر الشخصي". وقال جمال، وهو شقيق صدام كامل وحسين كامل زوجي ابنتي صدام اللذين قتلا عام 1996، "اريد ان يخضع لمحكمة دولية عادلة محايدة. لا أريد ان تقوم محكمة عراقية بمحاكمته بسبب الثارات الشخصية". وأضاف جمال، من منزله وسط بغداد، ان "المحاكمة يجب ان تكون خالية من الحقد. والأمر سيان لدي ان تمت محاكمته داخل العراق او خارجه، فالمهم ان تكون المحكمة دولية لا عراقية... كنت أتمنى محكمة عراقية، لكن الوضع الحالي لا يسمح. فالمحكمة العراقية لن تؤدي الى احقاق الحق وإنما الى كثير من الفتن".